أياً كان الأمر في هذه الحرب
جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع
ما كاد العالم ينسى أمر المرتزقة الذين قاتلوا على الجبهة الروسية ضد أوكرانيا تحت راية مجموعة ڤاجنر ، حتى فوجئ بأن الروس في طريقهم إلى الاستعانة ببديل في مكان مرتزقة فاجنر على الجبهة نفسها !
لقد أعلنت مؤسسة الدفاع عن السجناء من مقرها في العاصمة الأسبانية مدريد ، أن موسكو وقّعت اتفاقية مع الحكومة الكوبية ، وأن الإتفاق يقضي بأن تمد الأخيرة الجيش الروسي بسجناء كوبيين يحاربون في المقدمة منه على الجبهة !
وأضافت المؤسسة في التفاصيل أن كل سجين كوبي سوف يتقاضى ٢٠٠٠ دولار في الشهر ، وأن حكومته ستحصل على عشرين في المائة من المبلغ !
وهكذا نجد أنفسنا أمام اتفاقية اقتصادية بالنسبة للجانب الكوبي، لأن الحكومة في العاصمة الكوبية هاڤانا سوف تستفيد من وراء كل سجين ترسله إلى الروس، وسوف تكون شريكاً مرفوعاً في كل واحد تبعث به من هناك ليشارك في الحرب، وسوف تكون العملية مربحة لها إلى حد كبير .
والذين طالعوا مثل هذه التفاصيل لا بد أنهم طالعوا كذلك، أن هذه ليست المرة الأولى التي ترسل فيها الحكومة الكوبية مثل هؤلاء الأفراد ليقاتلوا في جبهة غير كوبية، وأنها سبق أن أرسلت مثلهم في جبهات أخرى في أفريقيا وفي غير أفريقيا .
ولم تكن عناصر مجموعة ڤاجنر تختلف عن ذلك، لأن المجموعة لم تكن تُخفي أنها ترسل سجناء روساً إلى الجبهة، وقد كان هؤلاء السجناء هُم تقريباً الذين ربحوا الإنتصار الروسي في مدينة باخموت على وجه التحديد، وكانوا يتقدمون الجيش الروسي وكان هو يتأخر عنهم !
ولم يكن هذا كله سراً في شيء، ولكنه كان معلناً سواء على الجانب الروسي الرسمي ، أو على جانب ڤاجنر وعناصرها المقاتلة .. وكانت هذه من المرات النادرة جداً ، التي نرى فيها جيشاً نظامياً ضخماً مثل الجيش الروسي يتأخر قليلاً على جبهة القتال ، ثم يقدم أمامه عناصر مجموعة اشتهرت بأنها مرتزقة ، وأنها تقاتل بالأجر على أي جبهة !
ومع إحباط التمرد الذي قاده في روسيا رئيس المجموعة يفجيني بريجوجين في ٢٤ يونيو ، فإن رهان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عليه وعلى مجموعته لم يعد بالطبع كما كان زمان ، ولا أحد يعرف إلى أي حد يمكن أن تذهب العلاقة بين الطرفين في المستقبل ؟!
ولكن الذي نعرفه أن قتالاً يقوم به سجناء، سواء كانوا يتبعون فاجنر أو كانوا قادمين من كوبا، هو قتال في النهاية متحرر من كل مبدأ قتالي تلتزم به الجيوش النظامية في حروبها بالضرورة، وهو قتال منفلت لا يحده حد ولا يقيده قيد، وهو قتال يضرب في البشر ضرب عشواء ولا يبالي بأي قيمة يعرفها تاريخ الحروب ، وهو قتال جديد من نوعه بالنسبة للذين يتابعون تفاصيله منذ انطلقت العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا في الرابع والعشرين من فبراير من السنة الماضية . . وهذا هو آخر ما كنا ننتظره في أيامنا أو نتوقعه .
وأياً كان الأمر ، فاللافت في هذه الحرب هو أداء الجيش الروسي ، وهو عدم قدرته على حسم انتصاره الوحيد تقريباً على الجبهة في باخموت، إلا عن طريق المرتزقة سواء كانوا من ڤاجنر أو كانوا من كوبا !!