أردوغان أم أوغلو؟.. إغلاق صناديق الاقتراع في جولة الحسم
(بي بي سي)
أُغلقت صناديق الاقتراع في جولة الإعادة والحسم في انتخابات الرئاسة التركية بين أردوغان وكليجدار أوغلو.
وستحدد هذه الانتخابات ما إذا كان الرئيس الحالي رجب طيب أردوغان ينبغي أن يواصل البقاء في السلطة بعد عشرين عاما قضاها في حكم البلاد.
كانت مراكز الاقتراع قد فتحت أبوابها للناخبين في الساعة الثامنة صباحا بالتوقيت المحلي (الخامسة صباحا بتوقيت غرينيتش)، وأغلقت في تمام الساعة الخامسة مساء بالتوقيت المحلي (الثانية مساء بتوقيت غرينيتش).
وكانت عمليات الاقتراع تسير بسهولة وبصورة انسيابية، دون حدوث مشكلات تذكر.
وحث المتنافسان، أروغان ووكليجدار أوغلو، الناخبين الأتراك على التصويت بكثافة في هذه الجولة الحاسمة، وذلك بعد الإدلاء بصوتيهما صباح اليوم الأحد.
ووصف كمال كليجدار أوغلو، منافس أردوغان، المدعوم من تحالف عريض من المعارضة، التصويت بأنه استفتاء على المسار الذي ستسلكه تركيا في المستقبل.
ويعِد أردوغان، المرشح الأوفر حظا، بعهد جديد تتحد فيه تركيا لبدء “قرن جديد”.
لكن ثمة أزمة ضاغطة من التضخم بمعدلات مرتفعة، فضلا عن أزمة من ارتفاع تكاليف المعيشة يواجهها الأتراك.
وشهدت الجولة الأولى من الانتخابات إقبالا تاريخيا بلغت نسبته 88.8 في المئة، وأحرز أردوغان السبق متقدما على كليجدار أوغلو بنحو 2.5 مليون صوت.
ويضع كلا المتنافسين عينه على الملايين الثمانية الذين لم يدلوا بأصواتهم في الجولة الأولى ولكنهم قد يفعلوا في هذه المرة.
وقبيل الذهاب إلى جولة الحسم، اتهم كليجدار أوغلو منافسه بإعاقة رسائله النصيّة إلى الناخبين، بينما رسائل أردوغان إلى ناخبيه متواصلة.
وتستعين أحزاب المعارضة التركية بجيش من المتطوعين الذين تنشرهم في لجان الاقتراع في عموم البلاد لضمان عدم وقوع تلاعب في عملية الانتخابات.
وتحدث مراقبون دوليون عن حالة من عدم التكافؤ بعد الجولة الأولى، لكن لم يتحدث أحد عن خروقات في عملية الاقتراع كانت كفيلة بتغيير النتيجة.
وفي آخر يوم من أيام حملته الانتخابية، وعد كليجدار أوغلو بأسلوب مختلف في الرئاسة، قائلا: “لا رغبة لديّ في سُكنى القصور. سأعيش مثلكم، متواضعا … وسأعمل على حلّ مشاكلكم”.
ويرمي كليجدار بكلامه هذا إلى القصر الفخم القائم على تخوم العاصمة أنقرة، والذي انتقل إليه أردوغان بعد أن تحوّل من رئيس للوزراء إلى رئيس للبلاد في عام 2014.
وبعد محاولة انقلابية فاشلة في 2016، وسّع أردوغان سلطاته، واعتقل عشرات الآلاف من الأشخاص وسيطر على الإعلام.
وفي ضوء ذلك، جاءت زيارته يوم السبت لضريح رئيس وزراء كان الجيش قد أعدمه غداة انقلاب في عام 1960، مشحونة بالرمزية.
وأعلن أردوغان أن “عهد الانقلابات والمجالس العسكرية قد ولّى”، ناسباً استقرار تركيا الراهن إلى نظام حكمه.
ومع ذلك، تعاني تركيا حالة استقطاب شديد؛ حيث يستند الرئيس أردوغان إلى دعم محافظين دينيين وقوميين، بينما أنصار خصمه كليجدار أوغلو هم بالأساس من العلمانيين، على أن بينهم كذلك كثيرين من القوميين.
وعلى مدى أيام، تبادل المتنافسان الاتهامات؛ إذ اتهم كليجدار أوغلو منافسه أردوغان بالجبن والخوف من انتخابات نزيهة، وفي المقابل قال أردوغان إن منافسه كان في جانب “الإرهابيين”، في إشارة إلى المسلحين الأكراد.
وبعد أيام من الخطاب التحريضي الخاص بترحيل ملايين اللاجئين السوريين، عاد مرشح المعارضة إلى الحديث عن مشكلة تركيا الأولى وهي الأزمة الاقتصادية، ولا سيما أثرها على العائلات الفقيرة.
وعلى المنصة حيث كان يوجه كليجدار أوغلو خطابا لناخبيه، صعدت امرأة تبلغ من العمر 59 عاما رفقة حفيدها، لتقول إن راتبها الشهري المقدّر بـ خمسة آلاف ليرة (250 دولار) لا يمكن أن يكفيها في ظل وصول قيمة إيجار المنزل الذي تسكن فيه إلى أربعة آلاف ليرة (200 دولار).
وربما كانت هذه الحادثة متفقا عليها مسبقا، لكن هذه هي الحال في عموم تركيا؛ حيث بلغت معدلات التضخم نحو 44 في المئة بينما فشلت الرواتب والدعم الذي تقدّمه الدولة في مواكبة ارتفاع تكاليف المعيشة.
ويقول خبراء اقتصاد إن سياسة أردوغان الخاصة بخفض معدلات الفائدة بدلا من رفعها زادت الوضع سوءا.
وسجلت الليرة التركية أدنى مستوياتها، وازاد الطلب على العملة الصعبة، وتراجع احتياطي البنك المركزي من العملة الأجنبية إلى أدنى مستوى له منذ عام 2002.
وبغضّ النظر عمّن سيفوز في تصويت الأحد، فالبرلمان التركي لا يزال في قبضة حزب العدالة والتنمية ذي المرجعية الإسلامية الذي يتزعّمه أردوغان بالإضافة إلى حليفه القومي في اليمين المتطرف حزب الحركة القومية بزعامة دولت بهجلي.
ويضمّ حزب العدالة والتنمية أصغر أعضاء البرلمان التركي سناً – زهرة نور أيديمير التي لم تتجاوز 24 ربيعا، وقد وصلت إلى البرلمان عشية التصويت في الانتخابات الرئاسية.
وتقول زهرة نور إن أردوغان حال فوزه سيضع الأساسات من أجل مئوية ستغدو فيها تركيا قوة عالمية عظمى.
ولا يزال الكثيرون هنا يعانون من أجل كسب العيش رغم ذلك، وهو ما أكدته فاطمة – التي تدير مركزا لتصفيف الشعر في أنقرة منذ 13 سنة – لكنها بدأت تعاني في العامين الماضيين من تراجع النشاط في مركزها، علاوة على ارتفاع القيمة الإيجارية للمكان لثلاثة أضعاف، وارتفاع أسعار مستلزمات العناية بالشعر.
وصوتت فاطمة للمرشح اليميني المتشدد، الذي جاء في المركز الثالث بعد أردوغان وكليجدار، نظرا لأنها لا تثق في المرشحين الذين وصلا إلى جولة الإعادة، على حد قولها.
وعلى بعد خطوات في نفس الشارع، تعمل بيناز على ماكينة حياكة في متجر لإصلاح الملابس.
ولأن الناس أصبحوا غير قادرين على شراء ملابس جديدة، ازدادت أرباحها رغم ارتفاع القيمة الإيجارية للمتجر ثلاثة أضعاف، إلى 4000 ليرة تركية. وعلى الرغم من التردي الشديد في أوضاع الاقتصاد، لا زالت بيناز تثق في الرئيس الحالي أردوغان.
وخارج أحد المتاجر في المنطقة، يقول إمره تورغوت إنه هو أيضا يتمسك بأردوغان لأنه لا يثق في الخيار الآخر، كما أنه يصدق مزاعم الرئيس أردوغان، التي لا أساس لها من الصحة، بأن أكبر أحزاب المعارضة التركية يتعاون مع الإرهابيين.
ونفى حزب الشعوب الديمقراطي التركي، ثاني أكبر حزب في تركيا، وجود أي صلة بحزب العمال الكردستاني. لكن أردوغان استخدم دعم الحركة الكردستانية -المصنفة كتنظيم إرهابي لدى الولايات المتحدة وبعض دول الاتحاد الأوروبي وفي تركيا أيضا – للشعوب الديمقراطي في ادعاء أن هناك علاقة بين هذا الحزب السياسي الكبير والتنظيمات الإرهابية.
ويضمّ حزب العدالة والتنمية أصغر أعضاء البرلمان التركي سناً – زهرة نور أيديمير التي لم تتجاوز 24 سنة، وقد وصلت إلى البرلمان عشية التصويت في الانتخابات الرئاسية.
وتتوقع زهرة نور أيديمير أن فوز أردوغان بالرئاسة قد يضع الأسس لمئوية جديدة تكون فيها تركيا قوة عالمية: “الآن تركيا لديها رؤية أكبر ويمكنها أن تحلم أحلاما أكبر”، وفق قولها.