زارها ملوك العالم ولا أحد يعرف تاريخ ميلادها.. “أنطونيادس الإسكندرية” أرض السحر والتاريخ – صور
03:46 م
الإثنين 22 مايو 2023
الإسكندرية – محمد البدري:
مساحات خضراء شاسعة ونباتات نادرة تحيط بتماثيل لشخصيات يونانية وإغريقية من الإسكندرية القديمة؛ أرض عاصرت أحداثا تاريخية من أزمنة مختلفة شكلت وجدان أهالي المدينة، تلك هي حدائق أنطونيادس الشهيرة أحد أهم معالم عروس البحر المتوسط التي تصدرت المشهد من جديد بعد إنجاز نسبة كبيرة من أعمال التطوير وانتشرت صورها عبر منصات التواصل الاجتماعي.
يرصد مصراوي في التقرير التالي لمحات من تاريخ حدائق أنطونيادس وقصرها الملكي، وما شهدته من أحداث مثل معاهدة الجلاء واجتماعات جامعة الدول العربية وغيرها من الأحداث.
“جنات النعيم البطلمية”
لا أحد يعرف على وجه التحديد متى ظهرت منطقة حدائق أنطونيادس للوجود، إلا أن مؤرخون أرجعوا تاريخها إلى عهد البطالمة، دون تحديد دقيق، لتعتبر أحد أقدم الحدائق المعروفة في مصر والعالم.
ويرجع سبب ارتباط تاريخ حدائق أنطونيادس بالعصر البطلمي في مصر باعتبارها كانت تقع ضمن ضاحية إيلوزيس أو ما يعرف بـ”جنات النعيم”، وأن هذه الضاحية عاصرت أحداثًا تاريخية مهمة لملوك البطالمة.
امتلكها محمد علي باشا والخديوي إسماعيل
في بداية القرن التاسع عشر كانت الحدائق ملكا لأحد الأثرياء اليونانين وعرفت آنذاك باسمه “حدائق باستيريه” حتى تملكها محمد علي باشا، وفي عام 1860 أمر الخديوى إسماعيل الفنان الفرنسي”بول ريشار” بإعادة إنشاء الحدائق كنموذج مصغر من حدائق قصر فرساي بباريس التي كان أقام بها أثناء فترة وجوده بفرنسا.
تصميمات مختلفة الثقافات
كانت مساحة الحدائق آنذاك نحو 50 فدانًا ووصلت مساحة الحدائق نتيجة التوسعات إلى نحو 90 فدانا وأضيف عدد كبير من الأشجار والنباتات النادرة إلى الحديقة، فيما امتزجت داخلها تصميمات على طرز ونظم مختلفة تجمع بين العربية والإسلامية واليونانية والفرنسية وغيرها من الثقافات.
أرض البارون أنطونيادس
في عام 1860 انتقلت ملكية القصر والحدائق إلى أحد الأثرياء اليونانين وهو البارون جون أنطونيادس، والذي سميت الحدائق باسمه لاحقًا، وكان من أشهر رجال التجارة في مصر.
وصية الأب لابنه.. إهداء للإسكندرية
ظل جون أنطونيادس نحو ربع قرن مقيما بالقصر، وعندما توفي عام 1895 آلت الحدائق والقصر بالميراث لابنه أنطوني الذي عاش بالقصر فترة وقبل وفاته نفذ وصية والده بإهداء القصر والحدائق إلى بلدية الإسكندرية في عام 1918 ميلادية، لتحمل الحدائق اسم أنطونيادس حتى وقتنا الحالي.
تماثيل أسطورية ومنحوتات من المرمر
يزين حدائق أنطونيادس مجموعة فريدة من التماثيل الرخامية النادرة لشخصيات أسطورية وتاريخية منها تماثيل فينوس وكريستوفر كولومبس وماجلان، بالإضافة إلى تماثيل تمثل الفصول الأربعة وتماثيل أسود مصنوعة من أحجار المرمر.
قصر أنطونيادس .. ذاكرة أحداث تاريخية لفتت أنظار العالم
داخل منطقة الحدائق التاريخية، يقع قصر أنطونيادس الملكي، الذي كان شاهدا على أحداث تاريخية وسياسية واجتماعية لفتت أنظار العالم في تلك الفترة من شدة أهميتها على المستوى الدولي.
مقر إقامة ملوك العالم.. وشهر عسل شاه إيران وأميرته
استضاف القصر العديد من ملوك وأمراء العالم أثناء فترة إقامتهم بالإسكندرية مثل ملوك بلجيكا وإيطاليا وإسبانيا واليونان وألبانيا، وشهد القصر فترة بداية زواج شاه إيران محمد رضا بهلوي بالأميرة فوزية، حيث أقاما به خلال فترة شهر العسل.
هنا أبرمت اتفاقية الجلاء البريطاني عن مصر
كان قصر أنطونيادس شاهدا على بعض الأحداث التاريخية الهامة لمصر في العصر الحديث حيث أبرمت فيه معاهدة الجلاء عن مصر عام 1936 بين الحكومتين المصرية والبريطانية، وغُرست شجرة في مدخل القصر تخليدا لهذه المناسبة.
بذور ميلاد جامعة الدول العربية
شهد القصر الاجتماع التحضيري لإنشاء جامعة الدول العربية عام 1944 واختيار مصر مقراً لها، كما بعقد أول اجتماع للجنة غوث اللاجئين، وأول لجنة أوليمبية في مصر.
إشراف الزراعة .. ومشروع مكتبة الإسكندرية
بعد انتقال ملكية الحدائق والقصر للحكومة المصرية، آلت حيازته إلى وزارات الزراعة والري، ثم أشرفت عليه محافظة الإسكندرية، وأشرفت عليه مرة أخرى وزارة الزراعة، وفي عام 2004 منحت الحكومة القصر لمكتبة الإسكندرية، لتحويله إلى مركز ثقافى يضم متحفًا لحضارات البحر المتوسط.
صور مبهرة تشعل منصات التواصل الاجتماعي
مؤخرا تداول مستخدمون لمواقع التواصل الاجتماعي صورا وُصفت بالمبهرة لحدائق أنطونيادس التاريخية بعد إتمام نسبة كبيرة من أعمال التطوير التي كانت بدأت العام الماضي ورافقها جدلا واسعا آنذاك.
وأظهرت الصور المتداولة مشاهد للحديقة لاقت استحسان غالبية المتابعين الذين علقوا بأن طريقة التطوير أعادت الموقع التاريخي جماله المختفي بفعل الزمن.
جدل منذ عام حول الحديقة ومخاوف “السوشيال ميديا”
وكانت شهدت الإسكندرية خلال العام الماضي حالة من الجدل حول أعمال تطوير بحدائق أنطونيادس الشهيرة وسط مخاوف من تأثر معالم الحديقة التاريخية سلبا، وخاصة الأشجار النادرة بالأعمال التي تجرى بها.
دفع الجدل المثار آنذاك والتكهنات حول مصير الحديقة، مجلس الوزراء لإصدار بيانا توضيحيا عبر مركزه الإعلامي، جاء فيه أنه فى ضوء ما تردد من أنباء حول تجريف حديقة أنطونيادس بالإسكندرية وقطع الأشجار النادرة بها، تواصل المركز مع محافظة الإسكندرية، والتي نفت تلك الأنباء، مُؤكدة أنه لا صحة لتجريف حديقة أنطونيادس بالإسكندرية أو قطع الأشجار النادرة بها، مُوضحةً أن حديقة أنطونيادس أرض السحر والتاريخ وتعد أحد أهم الحدائق التراثية القديمة بالإسكندرية التي لا يمكن المساس بها، مُشددةً على تنفيذ خطة شاملة لتطوير الحديقة ورفع كفاءة جميع خدماتها، مع الحفاظ على كافة محتوياتها من التماثيل والنباتات والأشجار النادرة الموجودة بها، وذلك بهدف إعادتها لرونقها وطابعها التراثي التي كانت عليه، لتصبح بذلك مركزاً ترفيهياً حضارياً اجتماعياً بالمحافظة.