الغار الذي اختبأ فيه الرسول وصاحبه هو غار
جدول ال
الغار الذي اختبأ فيه الرسول وصاحبه هو غار، هو عنوان هذا المقال، ومن المعلوم أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما أُمر بالهجرة إلى المدينة المنورة، اتخّذ معه صاحبًا، واختبأوا في غارٍ، فما اسم الغار الذي اختبأ به النبيّ؟ وأين يقع هذا الغار؟ وكم تبلغ مساحته؟ ومن الذي رافق رسول الله في هجرته؟ وكيف استطاع الخروج دون أن يشعر به كفار قريش؟ كلُّ ذلك سيتمُّ الحديث عنه في هذا المقال: وفيما يأتي ذلك:
الغار الذي اختبأ فيه الرسول وصاحبه هو غار
إنَّ الغار الذي اختبأ فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه الذي رافقه في هجرته إلى المدينة المنورة هو غار ثور، وقد ذَكر الله عزَّ وجلَّ ما حصل في غار ثور في قوله تعالى: {إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ۖ فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَىٰ ۗ وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}،[1] ويقع غار ثور على بعد نحو أربعة كيلو مترات عن مكة المكرمة في الجهة الجنوبية من المسجد الحرام، وارتفاعه نحو 748 م من سطح البحر، وهو عبارة عن صخرة مجوفة ارتفاعها 1.25م، وله فتحتان فتحة في جهة الغرب.[2]
الهجرة النبوية
أذن الله عزَّ وجلَّ لرسول الله صلى الله عليه وسلم بالهجرة بعد ثلاث عشر سنة من بعثته،[3] وقيل أنَّ خروجه بالتحديد كان ليلة الجمعة في السابع والعشرين من شهر صفر من السنة من السنة الرابعة عشر بعد البعثة، وبقي في الغار ليلة الجمعة والسبت والأحد،[4] وفيما يأتي ذكر بعض التفصيلات الخاصة بالهجرة:
رفيق النبي في هجرته
كانت رفقة رسول الله صلى الله عليه وسلم في هجرته إلى المدينة المنورة من نصيب الصحابي الجليل أبو بكر الصديق، وقد كان أول ما سأل عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل بداية هجرته هو مَنْ سيصحبه في هذه الرحلة الطويلة؟! فعَنْ علي بن أبي طالب رضي الله عنه، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِجِبْرِيلَ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ: “مَنْ يُهَاجِرُ مَعِي؟” قَالَ: أبو بكر الصديق.[5]
شاهد أيضًا: متى ولد أبو بكر الصديق
التخطيط للهجرة
بعد الإجابة على سؤال الغار الذي اختبأ فيه الرسول وصاحبه هو غار، سيتمُّ بيان خطة النبي في الهجرة، حيث كان هدف رسول الله صلى الله عليه وسلم الخروج من مكة المكرمة دون أن يشعر به كفار قريش، لذلك قام وصاحبه بالتخطيط المتقن لهذه العملية، وفيما يأتي ذكر خطتهم المحكمة:[6]
- خروجهما من بيت النبي في الليل؛ تجنُّبًا للحصار الذي سيفرضه المشركون حتمًا على البيت.
- هجرتهما ستتم عن طريق ساحل البحر الأحمر؛ إذ أنَّه طريق وعر غير مألوف، وليس هو الطريق المعتاد للذهاب إلى المدينة؛ وذلك حتى يضمنوا الاختفاء عن أعين المشركين
- دليلهم إلى الطريق سيكون عبد الله أريقط، وهو أحد المشركين؛ وتمَّ اختياره هو بالذات لأنَّه محترفٌ في مهنته وأمينًا يكتم السر، بالإضافة إلى عدم شكِّ قريش به كونه مشرك.
- سيتَّجهان في أول الهجرة إلى الجنوب في اتجاه اليمن، لمسافة خمسة أميال كاملة، مع أن المدينة في شمال مكة وليست في جنوبها؛ ولكن ذلك إمعانًا في التمويه؛ لأن المشركين إذا افتقدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا شكَّ أنهم سيطلبونه في اتجاه المدينة وليس في اتجاه اليمن.
- سيتم الذهاب إلى غار ثور في جنوب مكة، وهو غار غير مأهول في جبل شامخ وعر الطريق، صعب المرتقى، وسيبقى الصاحبان في هذا الغار مدَّة ثلاثة أيام كاملة، ولن يتحرَّكا في اتجاه المدينة إلا بعد انقضاء هذه الأيام الثلاثة؛ وذلك حين يفقد أهل قريش الأمل في العثور عليهما، فيكون ذلك أدعى لأمانهما، وسوف يتركان الراحلتين مع الدليل عبد الله بن أريقط، على أن يقابلهما عند الغار بعد الأيام الثلاثة.
- سيقوم عبد الله بن أبي بكر رضي الله عنهما بدور المخابرات الإسلامية في هذه العملية الخطيرة؛ فهو سيذهب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم والصديق رضي الله عنه كل يوم بأخبار مكة، وتحرُّكات القرشيين، وردود الأفعال لخروج الرسول صلى الله عليه وسلم، وسوف يأتي في أول الليل، وسيبقى مع الرسول صلى الله عليه وسلم والصديق رضي الله عنه طوال الليل ثُمَّ يعود إلى مكة قبل الفجر، ويبيت هناك، ثُمَّ يُظْهِر نفسه للناس، فلا يشكُّ أحدٌ في أنه كان مع الرسول صلى الله عليه وسلم وصاحبه.
- سيقوم عامر بن فهيرة مولى الصديق رضي الله عنه بدور التغطية الأمنية لهذه العملية؛ وذلك برعي الأغنام فوق آثار أقدام الرسول والصديق، ثمَّ فوق آثار أقدام عبد الله بن أبي بكر بعد ذلك، حتى يضيع على المشركين فرصة تتبع آثار الأقدام.
- وقد وقع الاختيار على أسماء بنت أبي بكرٍ لتزيد النبيِّ وصاحبه بالطعام؛ إذ أنَّها كانت حاملة بالشهور الأخير ويصعب على امرأة بهذه الظروف قطع ثمانية كيلو ميترات في الصحراء، وبناءً على ذلك فلن تكون محلَّ شكٍ عند قريش.
شاهد أيضًا: من هي ذات النطاقين ولماذا سميت بهذ الاسم
عناية الله برسوله أثناء الهجرة
في ختام مقال الغار الذي اختبأ فيه الرسول وصاحبه هو غار، سيتمُّ بيان عناية الله عزَّ وجلَّ برسوله أثناء الهجرة، فبالرغم من أنَّ رسول الله خطط لهجرته، وأخذ الحيطة والحذر بها إلَّا أنَّه لم يركن إلى هذه الأسباب، بل كان جلُّ اتكاله على الله عزَّ وجلَّ ولم يخذله الله، بل نصره وحماه، فسخر له وقد سخّر الله تعالى لرسوله وصاحبه أبي بكر جنداً من مخلوقاته؛ لتضليل كفّار قريش الذين لحقوا بالنبيّ بعد أن عرفوا بخروجه من مكّة المكرّمة، إلى أن وصلوا إلى باب غار ثور الذي يأوي النبيّ وأبا بكرٍ، وكانوا على مقربةٍ منهما، وجيّشت قريش الناس؛ فأعلنت في نواديها عن مكافأةٍ ممثّلةٍ بمئةٍ من الإبل لمن يأتي بالنبيّ صلّى الله عليه وسلّم حيّاً أو ميّتاً، فسمع بذلك سراقة بن مالك، وخرج يتتبّع أثر النّبي؛ طمعاً في المكافأة، فلمّا اقترب من النبيّ وأبي بكر، وكاد أن يصل إليهما، غاصت قدما فرسه في الرمل، ولم يستطع التقدّم بها، فأخبر سراقةُ النبيَّ بمؤامرة قريش، وسأل النبيُّ سراقةَ أن يخفي عن قريش أمره وأمر أبي بكر، ووعده مقابل ذلك بسواري كسرى، فرجع سُراقةُ وأخفى خبر النبيّ عن قريش، وهذا من عناية الله بنبيّه؛ إذ أبدل حال سراقة الذي جاء ليمسك بالنبيّ ويسلّمه لقريش، فتركه وأخفى أمره ولم يمسّه بأذى.[7]
وبذلك نكون قد وصلنا إلى ختام مقال، الغار الذي اختبأ فيه الرسول وصاحبه هو غار، والذي تمَّ فيه الحديث عن غار ثور، ثمَّ بيان تفاصيل هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة.
المراجع
- ^التوبة: 40
- ^islamweb.net , غار ثور , 1432021
- ^islamweb.net , السنة التي وقعت فيها الهجرة النبوية , 1432021
- ^islamweb.net , الميقات الزمني لهجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم , 1432021
- ^islamstory.com , أبو بكر الصديق الصاحب في الهجرة , 1432021
- ^islamstory.com , تخطيط النبي في الهجرة إلى المدينة , 1432021
- ^السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث، علي الصلابي، ص270276 , https://archive.org/details/waq79359/page/n270/mode/2up , 1432021