كشف محضر اجتماع بنك اليابان لشهر أكتوبر 2025 عن خلافات بين صانعي السياسة النقدية حول مسار أسعار الفائدة، وتحديداً ما إذا كان يجب الاستمرار في رفعها إلى مستويات تعتبر محايدة للاقتصاد. هذا الجدل يأتي في وقت يشهد فيه الين الياباني تقلبات ملحوظة، مما يؤثر على التضخم والنمو الاقتصادي. المحضر يسلط الضوء على التحديات التي تواجه البنك في موازنة دعم النمو مع السيطرة على التضخم المتزايد.
عقد الاجتماع في 29-30 أكتوبر، وأظهر أن بعض أعضاء البنك يفضلون رفع أسعار الفائدة بشكل تدريجي، بينما يرى آخرون ضرورة الانتظار لمراقبة تأثير السياسات الحكومية الجديدة. أبقى البنك في ذلك الوقت على سعر الفائدة الرئيسي عند 0.5%، لكن المحضر يكشف عن نقاشات حادة حول التوقيت والمستوى المناسبين للتشديد النقدي.
أسعار الفائدة والين: نظرة على التضخم
أشار المحضر إلى أن انخفاض قيمة الين مؤخرًا يمثل مصدر قلق رئيسي، حيث يمكن أن يؤدي إلى ارتفاع تكاليف الواردات وبالتالي زيادة الضغوط التضخمية. هذا الانخفاض في قيمة العملة يضع البنك في موقف صعب، حيث يجب عليه الموازنة بين دعم الصادرات والحفاظ على استقرار الأسعار. ويرى بعض الأعضاء أن مراجعة درجة التيسير النقدي ضرورية لمواكبة تحسن النشاط الاقتصادي والسيطرة على التضخم.
الخلافات حول وتيرة الرفع
خلال الاجتماع، عارض بعض الأعضاء المتشددين، مثل هاجيمه تاكاتا وناوكي تامورا، الإبقاء على سعر الفائدة عند 0.5%، واقترحوا رفعه إلى 0.75%. لم يتم قبول هذا الاقتراح في ذلك الوقت، لكنه يعكس وجود تيار قوي داخل البنك يفضل تشديدًا نقديًا أسرع. هذا الاختلاف في وجهات النظر يعكس تعقيد الوضع الاقتصادي الياباني والتحديات التي تواجه البنك في اتخاذ القرارات المناسبة.
لاحقًا، في اجتماع ديسمبر من نفس العام، قام بنك اليابان برفع سعر الفائدة إلى 0.75%، وهو أعلى مستوى له منذ 30 عامًا. هذا القرار يؤكد تحول البنك نحو سياسة نقدية أكثر تشددًا، استجابةً للضغوط التضخمية وتراجع قيمة الين.
تأثير الحكومة الجديدة
أشار محضر الاجتماع أيضًا إلى أن بعض الأعضاء فضلوا الحذر والانتظار قبل اتخاذ أي قرارات كبيرة، وذلك بسبب عدم وضوح اتجاهات سياسة حكومة رئيسة الوزراء سناي تاكايتشي الجديدة، التي تولت السلطة في 21 أكتوبر. كان هناك قلق من أن تغييرات في السياسات الحكومية قد تؤثر على الاقتصاد وتتطلب تعديلًا في السياسة النقدية. هذا التردد يعكس أهمية التنسيق بين السياسة النقدية والسياسة المالية لتحقيق الاستقرار الاقتصادي.
بالإضافة إلى ذلك، أظهر المحضر أن صانعي السياسة النقدية كانوا بحاجة إلى وقت قصير للتشاور حول مواقف الحكومة الجديدة تجاه السياسة النقدية. هذا التشاور ضروري لضمان أن السياسة النقدية تتماشى مع الأهداف الاقتصادية للحكومة.
أسعار الفائدة في اليابان كانت لفترة طويلة قريبة من الصفر، في محاولة لتحفيز النمو الاقتصادي ومكافحة الانكماش. ومع ذلك، مع ارتفاع التضخم وتراجع قيمة الين، يواجه البنك المركزي ضغوطًا متزايدة لتغيير مساره. الوضع الاقتصادي العالمي، بما في ذلك ارتفاع أسعار الطاقة وسلاسل الإمداد المتقطعة، يضيف إلى تعقيد الوضع.
يرى بعض المحللين أن البنك قد يواصل رفع أسعار الفائدة بشكل تدريجي في الأشهر المقبلة، بينما يحذر آخرون من أن رفعًا حادًا قد يؤدي إلى تباطؤ النمو الاقتصادي. يعتمد مسار السياسة النقدية في اليابان على تطورات التضخم وقيمة الين، بالإضافة إلى السياسات الحكومية الجديدة.
من المتوقع أن يعقد بنك اليابان اجتماعه القادم في [تاريخ الاجتماع القادم]، حيث سيقوم بتقييم الوضع الاقتصادي واتخاذ قرار بشأن مستقبل السياسة النقدية. سيكون من المهم مراقبة بيانات التضخم وقيمة الين عن كثب، بالإضافة إلى أي تصريحات من الحكومة الجديدة، للحصول على فكرة عن المسار المحتمل للسياسة النقدية في اليابان. هناك حالة من عدم اليقين بشأن مستقبل أسعار الفائدة، وسيتطلب الأمر مراقبة دقيقة للتطورات الاقتصادية والسياسية.
(رويترز)
