شهدت الأسواق المالية تراجعًا ملحوظًا يوم الجمعة، حيث انخفضت المؤشرات الرئيسية في وول ستريت، مدفوعة بمخاوف متزايدة بشأن تباطؤ وتيرة خفض أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي. أدت موجة بيع في أسهم التكنولوجيا إلى تفاقم الضغوط على المستثمرين، في ظل حالة من عدم اليقين بشأن البيانات الاقتصادية المتأثرة بالإغلاق الحكومي السابق.

انخفض مؤشر داو جونز الصناعي بنسبة 0.49%، بينما تراجع مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنسبة 0.97%، وشهد مؤشر ناسداك المركب أكبر انخفاض له في شهر، حيث هبط بنسبة 1.42%. هذه التراجعات جاءت بعد أسبوع من تسجيل ناسداك أكبر انخفاض أسبوعي له منذ أبريل، مما يعكس قلق المستثمرين المتزايد.

تأثير الإغلاق الحكومي على أسعار الفائدة

يعزى جزء كبير من هذا التراجع إلى حالة عدم اليقين التي خلّفها الإغلاق الحكومي الأمريكي الذي استمر 43 يومًا. أدى الإغلاق إلى تأخير جمع ونشر بعض البيانات الاقتصادية الهامة، بما في ذلك بيانات الوظائف والأسعار، مما أثار شكوكًا حول قدرة الاحتياطي الفيدرالي على اتخاذ قرارات مستنيرة بشأن السياسة النقدية.

وفقًا للمستشار الاقتصادي للبيت الأبيض، كيفن هاسيت، قد لا يتم نشر بيانات التضخم لشهر أكتوبر، كما أن تقرير الوظائف القادم لن يتضمن معدل البطالة بسبب تعطل المسح الأسري. هذا النقص في المعلومات يمثل تحديًا كبيرًا للاحتياطي الفيدرالي.

توقعات أسعار الفائدة تتغير

قبل شهر، كانت التوقعات تشير إلى احتمال كبير لخفض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في اجتماع ديسمبر. ومع ذلك، انخفضت هذه الاحتمالية الآن إلى حوالي 50%، وفقًا لأداة FedWatch التابعة لـ CME. هذا التحول في التوقعات أثار قلق المستثمرين الذين اعتادوا على بيئة أسعار فائدة منخفضة.

بالإضافة إلى ذلك، أشار رئيس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، إلى أن صانعي السياسات قد يفضلون “القيادة في الضباب” و”إبطاء” استجابتهم للبيانات الاقتصادية غير الكاملة. وهذا يعني أن الاحتياطي الفيدرالي قد يكون أكثر حذرًا في خفض أسعار الفائدة في المستقبل القريب.

تراجع الأسواق العالمية

لم تقتصر التراجعات على الأسواق الأمريكية، بل امتدت لتشمل البورصات الرئيسية في طوكيو وباريس ولندن. كما انخفضت أسعار الذهب والبيتكوين، حيث هوى سعر البيتكوين إلى مستويات قريبة من 96,000 دولار، وهو أدنى مستوى له منذ مايو. هذا يشير إلى أن حالة عدم اليقين تؤثر على مجموعة واسعة من الأصول.

أسهم التكنولوجيا كانت الأكثر تضررًا من هذه الموجة البيعية، حيث انخفض مؤشر ناسداك بنحو 5% عن ذروته في أكتوبر. يعزى ذلك إلى حساسية هذه الأسهم لارتفاع وانخفاض أسعار الفائدة، بالإضافة إلى تقييماتها المرتفعة.

تأثير على الاستثمار

يؤثر هذا الوضع على قرارات الاستثمار، حيث يميل المستثمرون إلى الابتعاد عن الأصول الأكثر خطورة والتحول نحو الأصول الأكثر أمانًا. قد يؤدي ذلك إلى مزيد من الضغوط على الأسواق المالية في المدى القصير.

الأسواق المالية تتأثر أيضًا بأسعار النفط وتقلبات العملات، مما يزيد من تعقيد المشهد الاقتصادي العالمي. يتطلب الأمر مراقبة دقيقة لهذه العوامل لفهم التطورات المستقبلية.

في الختام، من المتوقع أن تواصل الأسواق المالية مراقبة البيانات الاقتصادية القادمة عن كثب، بالإضافة إلى تصريحات مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي. من المقرر أن يعقد الاحتياطي الفيدرالي اجتماعًا في ديسمبر لمناقشة السياسة النقدية، ومن المتوقع أن يكون هذا الاجتماع حاسمًا في تحديد مسار أسعار الفائدة في المستقبل. يبقى التحدي الأكبر هو التعامل مع حالة عدم اليقين الناجمة عن البيانات الاقتصادية المتأثرة بالإغلاق الحكومي، وتقييم تأثير ذلك على النمو الاقتصادي والتضخم.

شاركها.