ألغت أعلى محكمة مدنية في فرنسا، يوم الجمعة، حكماً سابقاً يتعلق بعائلة بولوري وشركة فيفندي، وأمرت بإعادة المحاكمة في النزاع الدائر. هذا القرار يفتح الباب أمام احتمال تغيير ملكية فيفندي، ويؤجل البدء في عملية استحواذ محتملة قد تكون مكلفة لمساهمي الأقلية. يدور نزاع فيفندي حول ما إذا كانت عائلة بولوري تمارس سيطرة فعلية على الشركة أم لا، على الرغم من عدم امتلاكها للحد الأدنى من الأسهم المطلوب للاستحواذ.
جاء إلغاء الحكم السابق من محكمة النقض الفرنسية، وهو أعلى هيئة قضائية مدنية في البلاد. يتعلق القرار بتحدي قانوني رفعه مساهمون في فيفندي، يزعمون أن عائلة بولوري تمارس سيطرة غير قانونية على الشركة دون تقديم عرض استحواذ إلزامي.
تطورات قضية فيفندي: تفاصيل وإعادة محاكمة
تركز القضية على تفسير مفهوم “السيطرة” في سياق قانون الشركات الفرنسي. الجدل الرئيسي هو ما إذا كان ينبغي أن يقتصر هذا التفسير على حقوق التصويت الرسمية، أم أن النفوذ الفعلي – مثل العلاقات التجارية القوية أو التمثيل في مجالس الإدارة – يجب أن يؤخذ في الاعتبار أيضاً.
في أبريل الماضي، قضت محكمة الاستئناف في باريس بأن عائلة بولوري تمارس “سيطرة فعلية” على فيفندي، مستندةً إلى عوامل تتجاوز حصتها في الأسهم (29.9% عبر شركة بولوري إس إي). وشملت هذه العوامل تمثيل العائلة في مجلس إدارة فيفندي وتأثيرها التشغيلي على الشركة. قضت المحكمة أيضاً بإضافة الأسهم الخاصة بفيفندي (الأسهم الخزينة) إلى حصة بولوري عند تقييم السيطرة.
خلفية النزاع وأهمية القرار
بدأ هذا النزاع في أعقاب تفكك مجموعة فيفندي الإعلامية في عام 2024. تعتبر عائلة بولوري من أبرز الشخصيات في عالم الإعلام والمال في فرنسا، ويشغل فينسنت بولوري منصب الرئيس التنفيذي لشركة أوديت، التي بدورها تسيطر على أغلبية أسهم بولوري إس إي.
أثار قرار محكمة الاستئناف مخاوف بين مساهمي الأقلية في فيفندي، الذين يرون أنهم قد يتعرضون لضغوط لبيع أسهمهم بسعر غير عادل إذا مُنحت عائلة بولوري السيطرة الكاملة. واعتقدوا أن إلزام العائلة بتقديم عرض استحواذ كامل هو السبيل الوحيد لحماية مصالحهم.
خلال جلسة الاستماع الأخيرة في محكمة النقض، دافع محامي فيفندي عن قرار محكمة الاستئناف، مؤكداً أن نطاق السيطرة يجب أن يشمل النفوذ الفعلي وليس فقط حقوق التصويت. في المقابل، جادل محامي عائلة بولوري بأن محكمة الاستئناف قد توسعت بشكل غير مبرر في تعريف السيطرة، متجاوزةً المعايير القانونية المعمول بها.
ورأت محكمة النقض في قرارها أن محكمة الاستئناف قد تجاوزت صلاحياتها في تفسيرها لمفهوم السيطرة، ورفضت الاعتماد على عوامل غير ملموسة مثل السمعة أو السلطة الشخصية في تقييم السيطرة على فيفندي. وركزت على حقيقة أن العائلة لا تمتلك سوى 29.9% من أسهم الشركة، وهو ما دون الحد الأدنى المطلوب للاستحواذ الإلزامي.
إعادة المحاكمة ستُجرى أمام تشكيلة مختلفة من القضاة في محكمة الاستئناف، وسيتاح للأطراف تقديم حجج جديدة. ومع ذلك، لن تتمكن محكمة الاستئناف من إعادة النظر في المسائل التي فصلت فيها محكمة النقض بشكل قاطع. هذا يعني أن التركيز سيظل على ما إذا كانت عائلة بولوري تمارس سيطرة فعلية على فيفندي، مع الأخذ في الاعتبار حقوق التصويت كمعيار أساسي.
تعتبر هذه القضية اختباراً هاماً لقانون الشركات الفرنسي، حيث تراقب الشركات والمستثمرون عن كثب كيفية تفسير المحاكم لمفهوم السيطرة في الحالات المعقدة التي تتجاوز مجرد ملكية الأسهم. كما أن لها تداعيات كبيرة على عملية الاستحواذ على الشركات في فرنسا، وعلى حقوق مساهمي الأقلية.
الشركات المهتمة بـ حوكمة الشركات تتابع هذه القضية أيضًا، حيث يمكن أن تؤثر على كيفية تنظيم العلاقات بين المساهمين والإدارة في المستقبل.
من المتوقع أن يتم تحديد موعد لإعادة المحاكمة في غضون الأشهر القليلة المقبلة. من غير الواضح في هذه المرحلة كيف ستسير الأمور، ولكن القرار النهائي سيحدد مسار فيفندي ومستقبلها ملكية الشركة. يجب مراقبة تطورات هذه القضية عن كثب لمعرفة التأثير المحتمل على السوق الفرنسي.
