:
أعلن الادعاء العام في باريس يوم الجمعة عن تسوية مع بنك سانتاندير الإسباني في قضية تتعلق بـالاحتيال الضريبي، وذلك مقابل دفع مبلغ 22.5 مليون يورو. تأتي هذه التسوية بعد تحقيق استمر سنوات في فرنسا، بدأت في عام 2011، بشأن عمليات يُزعم أنها تضمنت مخالفات ضريبية في فرع البنك بالعاصمة الفرنسية. وتهدف التسوية إلى إنهاء الإجراءات القانونية المتعلقة بهذه القضية.
أكدت المدعية العامة لور بيكو أن التسوية تغطي فترة ما بين عامي 2003 و 2010، وتشمل اتهامات تتعلق بالاحتيال الضريبي والاختلاس وجرائم أخرى. وقد بدأ التحقيق بعد أن أبلغ سانتاندير نفسه السلطات الفرنسية عن وجود مخالفات محتملة في فرعه بباريس قبل 15 عامًا، وفقًا لمتحدث باسم البنك. تأتي هذه الخطوة في سياق جهود السلطات الفرنسية لمكافحة التهرب الضريبي وغسل الأموال.
تفاصيل تسوية سانتاندير في قضية الاحتيال الضريبي
تعتبر هذه التسوية خطوة مهمة لإنهاء التحقيقات الطويلة التي أجرتها السلطات الفرنسية في عمليات بنك سانتاندير. وبحسب بيان الادعاء العام، فإن المبلغ المدفوع (22.5 مليون يورو) يمثل غرامة مالية بالإضافة إلى تسوية الضرائب المتأخرة. لم يتم الكشف عن تفاصيل إضافية حول طبيعة المخالفات المحددة التي أدت إلى التسوية.
تاريخ القضية وتطوراتها
بدأت القضية في عام 2011 بعد أن أبلغ سانتاندير عن مخالفات داخلية محتملة. لاحقًا، في عام 2013، فتح الادعاء العام تحقيقًا رسميًا بتهمة الاحتيال الضريبي. استمر التحقيق لسنوات، وشمل مراجعة دقيقة لسجلات البنك وعملياته المالية في فرنسا. وقد أدى هذا التحقيق إلى الكشف عن ممارسات مشبوهة، مما دفع إلى التفاوض على التسوية.
أشار متحدث باسم سانتاندير إلى أن البنك قد خصص بالفعل مبلغًا ماليًا لهذه التسوية، مما يعني أن ذلك لن يؤثر على صافي أرباحه المعلنة. وأضاف أن البنك يلتزم بأعلى معايير الامتثال للوائح مكافحة غسل الأموال، وأن هذه التسوية تعكس رغبته في التعاون الكامل مع السلطات الفرنسية.
تأتي هذه التسوية في وقت يشهد فيه القطاع المصرفي العالمي تدقيقًا متزايدًا فيما يتعلق بالامتثال الضريبي ومكافحة الجرائم المالية. وتسعى الحكومات في جميع أنحاء العالم إلى تعزيز قوانينها ولوائحها لضمان دفع الشركات والأفراد للضرائب المستحقة عليهم. التهرب الضريبي يعتبر تحديًا كبيرًا للاقتصاد العالمي، ويؤثر سلبًا على الخدمات العامة والبنية التحتية.
على صعيد الأداء المالي للبنك، يتوقع سانتاندير تحقيق أرباح قوية في عام 2025. وقد تجاوز صافي ربح الربع الثالث من العام الحالي التوقعات، مدفوعًا بنمو الإقراض في الولايات المتحدة وتحسين الكفاءة التشغيلية. كما ساهم ارتفاع الرسوم والإيرادات في تحقيق هذه النتائج الإيجابية.
أفاد البنك أنه على المسار الصحيح لتحقيق هدفه السنوي لنسبة العائد على حقوق الملكية الملموسة البالغ 16.5%. بالإضافة إلى ذلك، أكد سانتاندير أنه يتوقع تحقيق إيرادات سنوية تبلغ حوالي 62 مليار يورو. القطاع المصرفي يشهد حاليًا منافسة شديدة، ويتطلب من البنوك الاستثمار في التكنولوجيا وتحسين خدماتها لكي تتمكن من الحفاظ على حصتها في السوق.
الاستثمار الأجنبي في فرنسا يخضع أيضًا لتدقيق متزايد، حيث تسعى الحكومة الفرنسية إلى جذب الاستثمارات الأجنبية المشروعة مع منع الاستثمارات التي قد تستخدم في أنشطة غير قانونية. وتعتبر قضية سانتاندير مثالًا على مدى جدية السلطات الفرنسية في تطبيق قوانينها ولوائحها.
من المتوقع أن تواصل السلطات الفرنسية جهودها في مكافحة التهرب الضريبي وغسل الأموال، وأن تفرض عقوبات صارمة على الشركات والأفراد الذين يثبت تورطهم في هذه الأنشطة. وسيتم التركيز بشكل خاص على الشركات متعددة الجنسيات والمؤسسات المالية الكبيرة. يبقى أن نرى ما إذا كانت هذه التسوية ستؤدي إلى المزيد من التحقيقات في أنشطة سانتاندير في فرنسا أو في بلدان أخرى.
في الختام، تمثل تسوية سانتاندير خطوة نحو إغلاق فصل من التحقيقات في قضية الاحتيال الضريبي. ومع ذلك، فإن مستقبل الامتثال الضريبي للبنك سيظل تحت المراقبة، خاصةً مع استمرار السلطات الفرنسية في تعزيز جهودها لمكافحة الجرائم المالية. من المهم متابعة التطورات المستقبلية لهذه القضية، بالإضافة إلى التوجهات العامة في مجال الامتثال الضريبي واللوائح المالية في فرنسا وأوروبا.
