أصدر بنك إنجلترا تقريرًا نصف سنوي بشأن الاستقرار المالي، محذرًا من أن المخاطر التي تواجه النظام المالي البريطاني قد ازدادت في عام 2025. وتتركز هذه المخاطر حول عدة عوامل، بما في ذلك تقييمات الشركات الناشطة في مجال الذكاء الاصطناعي، والإقراض عالي المخاطر للشركات الكبرى، والنشاط المتزايد في سوق السندات الحكومية البريطانية. ويهدف التقرير إلى تسليط الضوء على التحديات المحتملة التي قد تؤثر على الاقتصاد البريطاني.
وأشار بنك إنجلترا إلى أن الوضع الاقتصادي العالمي لا يزال يتسم بعدم اليقين، مع استمرار التوترات الجيوسياسية وتجزئة الأسواق التجارية والمالية. هذه العوامل الخارجية تزيد من تعقيد المشهد المالي المحلي، وتتطلب مراقبة دقيقة وتقييمًا مستمرًا للمخاطر.
مخاطر تقييمات شركات الذكاء الاصطناعي وارتفاع الإقراض
أحد أبرز المخاطر التي حددها التقرير هو الارتفاع الكبير في تقييمات الشركات المتخصصة في الذكاء الاصطناعي. فقد وصلت هذه التقييمات في الولايات المتحدة إلى مستويات لم تشهدها منذ فقاعة الدوت كوم، بينما سجلت في المملكة المتحدة أعلى مستوياتها منذ الأزمة المالية العالمية. ويعزى هذا الارتفاع إلى التفاؤل الكبير بشأن مستقبل هذه التكنولوجيا وإمكاناتها.
تأثير الائتمان على المخاطر
يرى بنك إنجلترا أن الترابط المتزايد بين هذه الشركات وأسواق الائتمان يمثل مصدر قلق إضافي. ففي حال حدوث تصحيح في أسعار الأصول، يمكن أن تتفاقم الخسائر الناجمة عن الإقراض، مما يزيد من الضغوط على الاستقرار المالي. هذا يؤكد على أهمية الإشراف الحصيف على قطاع الإقراض.
بالإضافة إلى ذلك، لفت التقرير إلى زيادة الإقراض عالي المخاطر للشركات الكبرى، مما يضيف طبقة أخرى من التعقيد إلى المخاطر النظامية. ويعزو البنك هذا الارتفاع في الإقراض إلى رغبة المستثمرين في تحقيق عوائد أعلى في ظل بيئة أسعار فائدة منخفضة.
مخاطر سوق السندات الحكومية البريطانية
سلّط بنك إنجلترا الضوء على المخاطر المتزايدة في سوق السندات الحكومية البريطانية، وتحديداً الأنشطة المتعلقة بإعادة الشراء. فقد وصل حجم الاقتراض من قبل صناديق التحوط في هذا السوق إلى حوالي 100 مليار جنيه إسترليني الشهر الماضي، وهي نسبة كبيرة تهيمن عليها عدد قليل من هذه الصناديق.
ويرى البنك أن هذا التركز في الأيدي القليلة يزيد من الحاجة إلى إدارة المخاطر بشكل فعال، مع الأخذ في الاعتبار إمكانية حدوث صدمات غير متوقعة. ويشمل ذلك احتمال تغير الارتباطات التاريخية بين مختلف الأصول المالية.
الوضع الحالي للبنوك البريطانية
على الرغم من هذه المخاطر، أكد بنك إنجلترا أن القطاع المصرفي البريطاني يتمتع بمستويات جيدة من رأس المال. كما أشار إلى أن إجمالي مديونية الشركات والأسر في المملكة المتحدة لا يزال منخفضًا نسبيًا مقارنة بالدول الأخرى. ولذلك، قرر البنك تخفيض متطلبات رأس المال للبنوك الكبرى العاملة في بريطانيا.
هذا الإجراء يهدف إلى تعزيز قدرة البنوك على الاستمرار في تقديم القروض ودعم النمو الاقتصادي، مع الحفاظ على استقرار النظام المالي. ومع ذلك، يراقب البنك عن كثب تطورات الأسواق المالية لضمان عدم تأثر صلابة البنوك سلبًا.
وتشمل المخاطر الثانوية التي ذكرها التقرير التقلبات في أسعار الصرف، وتأثير التغيرات في السياسات النقدية العالمية، واحتمال حدوث اضطرابات في سلاسل الإمداد. هذه العوامل يمكن أن تؤثر على التضخم والنمو الاقتصادي في المملكة المتحدة.
من المتوقع أن يستمر بنك إنجلترا في مراقبة هذه المخاطر عن كثب ونشر تقارير دورية حول الاستقرار المالي. كما سيقوم بتقييم فعالية الإجراءات التي اتخذها للتخفيف من هذه المخاطر. ويركز البنك حاليًا على جمع المزيد من البيانات حول قطاع الذكاء الاصطناعي لتقييم تأثيره المحتمل بشكل أكثر دقة، مع الأخذ في الاعتبار التطورات السريعة في هذا المجال.
