استبعد بنك الاحتياطي الأسترالي (RBA) أي تخفيضات في سعر الفائدة في المستقبل القريب، بعد أن أبقى على سعر الفائدة الرسمي عند 3.6% في اجتماعه الأخير لهذا العام. وحذر البنك من أن رفعًا إضافيًا في سعر الفائدة قد يكون ضروريًا إذا استمرت الضغوط التضخمية، مما أثار ردود فعل متباينة في الأسواق المالية. يأتي هذا القرار في ظل تقييم دقيق للوضع الاقتصادي الأسترالي المتغير.

جاء إعلان البنك المركزي الأسترالي بعد اجتماع للسياسة النقدية في سيدني، حيث ناقش أعضاء المجلس التطورات الاقتصادية الأخيرة وتقييم المخاطر المحتملة. أكدت محافظ البنك، ميشيل بولوك، أن المجلس لم يرَ أي مبررًا لخفض أسعار الفائدة في الوقت الحالي، مع الإشارة إلى أن الخيار الآخر المطروح هو تثبيت السعر أو حتى رفعه.

مخاطر التضخم وتأثيرها على سعر الفائدة

أظهرت البيانات الاقتصادية الأخيرة ارتفاعًا في معدلات التضخم في أستراليا، حيث سجل التضخم العام 3.8% في أكتوبر، وهو ما يتجاوز النطاق المستهدف للبنك المركزي الذي يتراوح بين 2% و3%. وبحسب تقارير حديثة، بلغ متوسط التضخم الأساسي 3.3%، مما يعزز المخاوف بشأن استمرار الضغوط التضخمية.

تطورات السوق بعد قرار البنك المركزي

أدى قرار البنك المركزي إلى ردود فعل فورية في الأسواق المالية. ارتفع الدولار الأسترالي بنسبة 0.3% ليصل إلى 0.6645 دولار أمريكي، بينما ارتفعت عوائد السندات الحكومية لأجل ثلاث سنوات بمقدار 11 نقطة أساس لتصل إلى 4.152%، وهو أعلى مستوى لها منذ نوفمبر 2024. كما زادت توقعات المستثمرين بشأن رفع أسعار الفائدة في العام المقبل.

تشير التوقعات الحالية إلى احتمال رفع سعر الفائدة بنسبة 28% في فبراير و50% في مارس، مع توقعات بتشديد السياسة النقدية بمتوسط 47 نقطة أساس على مدار العام المقبل. يعكس هذا التحول في التوقعات قلق المستثمرين بشأن التضخم وتأثيره المحتمل على الاقتصاد الأسترالي.

مؤشرات اقتصادية إيجابية مقابل تحديات التضخم

على الرغم من المخاوف بشأن التضخم، أظهر الاقتصاد الأسترالي مؤشرات إيجابية في الآونة الأخيرة. شهد الاقتصاد نموًا بأسرع وتيرة له في عامين خلال الربع الأخير، مدفوعًا بإنفاق الشركات والحكومة والمستهلكين. كما حافظ سوق العمل على مرونته، حيث انخفض معدل البطالة تدريجياً إلى 4.3% في أكتوبر.

بالإضافة إلى ذلك، تحسن مزاج المستهلكين بشكل ملحوظ، مما عزز توقعات إنفاق الأسر. كما ارتفعت أسعار المنازل إلى مستويات قياسية جديدة، وزاد نمو قروض الإسكان، مما يشير إلى ثقة متزايدة في سوق العقارات. ومع ذلك، يرى بعض المحللين أن هذه المؤشرات الإيجابية قد لا تكون كافية لتعويض تأثير التضخم.

صرحت سالي أولد، كبيرة الاقتصاديين في البنك الوطني الأسترالي، بأن البنك المركزي الأسترالي من المرجح أن يستجيب بسرعة لأي مؤشرات على ارتفاع التضخم. وأضافت أن البنك قد يغير مساره في اجتماع فبراير إذا أكدت بيانات التضخم القادمة مخاوفه بشأن استمرار الضغوط التضخمية. السياسة النقدية تتطلب مراقبة دقيقة.

الاستثمار في أستراليا قد يتأثر بهذه التطورات، حيث أن ارتفاع أسعار الفائدة يمكن أن يزيد من تكلفة الاقتراض ويقلل من الإنفاق الاستهلاكي والاستثماري. النمو الاقتصادي قد يتباطأ إذا لم يتمكن البنك المركزي من السيطرة على التضخم بشكل فعال.

من المتوقع أن يراقب بنك الاحتياطي الأسترالي عن كثب بيانات التضخم القادمة، بالإضافة إلى المؤشرات الاقتصادية الأخرى، قبل اتخاذ أي قرارات بشأن سعر الفائدة في المستقبل. سيتم عقد الاجتماع التالي للسياسة النقدية في فبراير، ومن المتوقع أن يكون حاسمًا في تحديد مسار السياسة النقدية الأسترالية في الأشهر المقبلة. ستكون بيانات التضخم لشهر يناير هي المحور الرئيسي لتقييم الوضع.

شاركها.