تستعد الحكومة الصينية لإطلاق حملة تفتيش واسعة النطاق لتقييم مخاطر الحرائق في المباني الشاهقة، وذلك بعد الحريق المأساوي الذي شهدته هونغ كونغ في وقت سابق من هذا الأسبوع. ويهدف هذا الإجراء، الذي أعلنت عنه وزارة إدارة الطوارئ، إلى تعزيز إجراءات السلامة ومنع تكرار مثل هذه الحوادث المروعة. وتأتي هذه الخطوة في أعقاب حريق أسفر عن وفاة ما لا يقل عن 128 شخصًا، وهو الأكثر دموية في هونغ كونغ منذ ما يقرب من ثمانية عقود.

بدأت وزارة إدارة الطوارئ الصينية في التخطيط للحملة التفتيشية على مستوى البلاد، والتي ستشمل المباني السكنية والأماكن التي تشهد تجمعات كبيرة من الناس. ومن المتوقع أن تركز عمليات التفتيش بشكل خاص على العقارات التي تخضع حاليًا لأعمال تجديد الواجهات الخارجية أو أعمال الديكور الداخلي الجزئية، حيث تزداد فيها المخاطر المحتملة. وقد بدأت بالفعل مناقشات حول معايير البناء والسلامة في هونغ كونغ.

حملة تفتيش وطنية لتقييم مخاطر الحرائق في المباني الشاهقة

أعلنت وزارة إدارة الطوارئ أن فرق التفتيش ستركز على تحديد ومراقبة المواد والعمليات والمعدات المحظورة، بما في ذلك السقالات المصنوعة من الخيزران، والتي أظهرت التحقيقات الأولية أنها لعبت دورًا في انتشار الحريق في هونغ كونغ. وستقوم الفرق أيضًا بتقييم مدى الالتزام بمعايير السلامة من الحرائق في المباني الشاهقة، والتأكد من وجود أنظمة إطفاء فعالة وصيانة دورية لها.

أسباب استخدام الخيزران في البناء في هونغ كونغ

تقليديًا، كان الخيزران يستخدم على نطاق واسع في البناء في هونغ كونغ نظرًا لتوفرة وسعره المنخفض ومرونته. ومع ذلك، فإن الخيزران مادة قابلة للاشتعال بدرجة عالية، مما يجعله خطرًا في حالة نشوب حريق. بالرغم من وجود بدائل أكثر أمانًا، إلا أن استخدام الخيزران استمر في بعض المشاريع بسبب التكلفة المنخفضة والاعتياد عليه في بعض الحالات.

تفاصيل الحريق المأساوي في هونغ كونغ

اندلع الحريق يوم الأربعاء في الطوابق السفلية من مبنى في منطقة “وانغ فوك كورت”، حيث اشتعل الغطاء الشبكي المحيط بسقالات الخيزران. وسرعان ما امتدت النيران إلى ألواح رغوية شديدة الاشتعال كانت مثبتة حول النوافذ، مما ساهم في انتشار الحريق بشكل سريع. ومع ارتفاع درجة الحرارة، اشتعلت السقالات المصنوعة من الخيزران بالكامل، وتساقطت قطع مشتعلة منها، مما أدى إلى امتداد الحريق إلى طوابق أخرى في المجمع السكني.

وقد أدى الحريق إلى حالة من الذعر بين السكان، حيث حاول الكثيرون الفرار من المبنى. لكن انتشار النيران بسرعة وصعوبة الوصول إلى بعض الطوابق أدت إلى ارتفاع عدد الضحايا. وتشير التقارير إلى أن العديد من الضحايا كانوا من كبار السن والأشخاص ذوي الإعاقة، مما زاد من صعوبة إخلائهم.

تسببت هذه الكارثة في إثارة تساؤلات حول معايير السلامة من الحرائق في المباني القديمة في هونغ كونغ، وضرورة تحديثها لتلبية الاحتياجات الحديثة. كما سلطت الضوء على أهمية استخدام مواد بناء مقاومة للحريق، وتوفير أنظمة إطفاء فعالة، وإجراء عمليات تفتيش دورية للتأكد من الالتزام بمعايير السلامة.

بالإضافة إلى ذلك، يركز التحقيق على دور المواد المستخدمة في أعمال التجديد، مثل الألواح الرغوية القابلة للاشتعال، في تسريع انتشار الحريق. وتشير بعض التقارير إلى أن استخدام هذه المواد قد يكون مخالفًا لمعايير السلامة، مما يثير تساؤلات حول مدى الرقابة على جودة المواد المستخدمة في البناء.

تأتي هذه التطورات في الوقت الذي تشهد فيه هونغ كونغ نموًا سكانيًا سريعًا وزيادة في عدد المباني الشاهقة. وهذا يزيد من أهمية تعزيز إجراءات السلامة من الحرائق، والتأكد من أن جميع المباني تتوافق مع أحدث المعايير. كما يتطلب ذلك توعية السكان بأهمية السلامة من الحرائق، وتدريبهم على كيفية التصرف في حالة نشوب حريق.

من ناحية أخرى، يثير هذا الحريق نقاشًا أوسع حول السلامة الإنشائية في المدن المكتظة بالسكان، وضرورة وجود خطط طوارئ فعالة للتعامل مع الكوارث الطبيعية والحوادث. كما يؤكد على أهمية التعاون بين الحكومات والقطاع الخاص لضمان سلامة المواطنين.

من المتوقع أن تعلن وزارة إدارة الطوارئ عن تفاصيل إضافية حول خطة التفتيش الوطنية في الأيام القادمة، بما في ذلك الجدول الزمني والموارد المخصصة. وستراقب السلطات عن كثب نتائج عمليات التفتيش، واتخاذ الإجراءات اللازمة لمعالجة أي أوجه قصور أو مخالفات. كما ستعمل على مراجعة وتحديث معايير السلامة من الحرائق، لضمان حماية أرواح المواطنين وممتلكاتهم. وستظل إجراءات السلامة في المباني الشاهقة محور اهتمام كبير في الفترة القادمة.

يبقى من غير الواضح حتى الآن ما إذا كانت هذه الحملة التفتيشية ستؤدي إلى تغييرات جذرية في معايير البناء والسلامة في الصين وهونغ كونغ. ومع ذلك، فإن الحريق المأساوي في هونغ كونغ قد أثار ناقوس الخطر، وأجبر السلطات على اتخاذ إجراءات عاجلة لتعزيز السلامة ومنع تكرار مثل هذه الحوادث في المستقبل. وستراقب الأوساط المحلية والدولية عن كثب التطورات القادمة، وتقييم مدى فعالية الإجراءات المتخذة.

شاركها.