شهد سعر الذهب تراجعاً ملحوظاً يوم الجمعة، مقترباً من تسجيل خسارة أسبوعية، وذلك بعد أن عززت بيانات سوق العمل الأمريكية القوية التوقعات بأن بنك الاحتياطي الفيدرالي قد يؤجل أي خفض لأسعار الفائدة حتى اجتماعه القادم في ديسمبر. هذا الانخفاض في سعر الذهب يعكس تحولاً في توقعات المستثمرين بشأن السياسة النقدية الأمريكية.
انخفض سعر الذهب الفوري إلى 4,039.86 دولار للأونصة بحلول الساعة 06:43 بتوقيت غرينتش، مسجلاً انخفاضاً بنسبة 0.9%. كما تراجع الذهب في العقود الآجلة لشهر ديسمبر بنسبة 0.6% ليصل إلى 4,035.60 دولار للأونصة. يأتي هذا التراجع في ظل ارتفاع قيمة الدولار الأمريكي.
تأثير الدولار القوي وتوقعات أسعار الفائدة على سعر الذهب
ارتفع الدولار الأمريكي بشكل ملحوظ هذا الأسبوع، مسجلاً بذلك أقوى أداء أسبوعي له منذ أكثر من شهر. هذا الارتفاع يجعل الذهب، المقوم بالدولار، أكثر تكلفة بالنسبة للمستثمرين الذين يحملون عملات أخرى، مما يقلل من جاذبيته. بالإضافة إلى ذلك، فإن قوة الدولار غالباً ما تكون مرتبطة بتوقعات أسعار الفائدة المرتفعة.
أظهر تقرير وزارة العمل الأمريكية، الذي صدر بعد تأخير بسبب الإغلاق الحكومي الجزئي، إضافة 119,000 وظيفة جديدة في شهر سبتمبر. هذا الرقم يتجاوز بكثير التقديرات الأولية التي كانت تشير إلى إضافة 50,000 وظيفة فقط. هذه البيانات القوية تشير إلى أن الاقتصاد الأمريكي لا يزال يتمتع بصمود، مما يقلل من الحاجة إلى تدخل بنك الاحتياطي الفيدرالي من خلال خفض أسعار الفائدة.
تغير توقعات السوق
وفقاً لبيانات السوق، انخفضت احتمالية خفض أسعار الفائدة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي في اجتماع ديسمبر إلى حوالي 39%. عادةً ما يعتبر الذهب ملاذاً آمناً في أوقات انخفاض أسعار الفائدة، حيث لا يقدم عائداً ثابتاً مثل السندات أو الودائع. لذلك، فإن توقعات ارتفاع أسعار الفائدة أو بقائها ثابتة تقلل من جاذبية الاستثمار في الذهب.
أكد أوستان غولسبي، رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في شيكاغو، يوم الخميس على قلقه بشأن خفض أسعار الفائدة بشكل مبكر، خاصةً مع استمرار التضخم في الارتفاع وعدم الاقتراب من هدف البنك المركزي البالغ 2%. هذا التصريح عزز أيضاً التوقعات بأن بنك الاحتياطي الفيدرالي قد يتبنى موقفاً أكثر حذراً بشأن السياسة النقدية.
الطلب على الذهب في الأسواق الآسيوية
شهدت الأسواق الآسيوية الرئيسية ضعفاً في الطلب الفعلي على الذهب هذا الأسبوع. يتردد المستثمرون المحتملون في الشراء بسبب التقلبات في أسعار الفائدة وعدم اليقين بشأن مستقبل الاقتصاد العالمي. هذا التردد يؤثر سلباً على حجم التداول ويساهم في الضغط على أسعار الذهب.
بالإضافة إلى الذهب، انخفضت أسعار المعادن الثمينة الأخرى. تراجعت الفضة الفورية بنسبة 2.2% لتصل إلى 49.48 دولار للأونصة، بينما انخفض البلاتين بنسبة 0.4% ليصل إلى 1,505.96 دولار للأونصة. كما انخفض البلاديوم بنسبة 1.4% ليصل إلى 1,358.15 دولار للأونصة. يعكس هذا الانخفاض العام في أسعار المعادن الثمينة تأثير قوة الدولار وتوقعات أسعار الفائدة المرتفعة.
من المتوقع أن يراقب المستثمرون عن كثب بيانات التضخم الأمريكية القادمة وبيانات سوق العمل للحصول على مزيد من المؤشرات حول مسار السياسة النقدية لبنك الاحتياطي الفيدرالي. كما أن أي تطورات جيوسياسية كبيرة قد تؤثر أيضاً على أسعار الذهب، حيث يعتبر ملاذاً آمناً في أوقات الأزمات. يبقى مستقبل الذهب غير مؤكد، ويتوقف على مجموعة متنوعة من العوامل الاقتصادية والسياسية.
