توقع البنك المركزي الفرنسي، يوم الجمعة، أن يشهد النمو الاقتصادي في فرنسا انتعاشًا تدريجيًا خلال السنوات القادمة، مدفوعًا بشكل أساسي بزيادة الإنفاق الاستهلاكي والاستثمار التجاري. يأتي هذا التوقع في ظل حالة من عدم اليقين السياسي، لكن البنك يرى فرصًا للتحسن إذا ما استقرت الأوضاع. ويشير هذا التوقع إلى مرونة الاقتصاد الفرنسي وقدرته على التكيف مع التحديات.

أصدر البنك المركزي الفرنسي هذا التقرير في باريس، معلنًا عن توقعاته للنمو للفترة من 2025 إلى 2028. وتشير التوقعات إلى أن الاقتصاد الفرنسي سيواصل النمو، وإن بوتيرة متواضعة، على الرغم من المخاطر العالمية والمحلية. ويعتبر هذا التقرير مهمًا لأنه يقدم نظرة مستقبلية للاقتصاد الفرنسي في فترة حرجة.

توقعات النمو الاقتصادي في فرنسا

وفقًا للبنك المركزي الفرنسي، من المتوقع أن ينمو الاقتصاد الفرنسي بنسبة 0.9% في عام 2025. يمثل هذا تعديلًا إيجابيًا مقارنة بالتوقعات السابقة الصادرة في سبتمبر، والتي كانت تشير إلى نمو بنسبة 0.7%. يعزى هذا التحسن إلى الأداء القوي في النصف الثاني من العام الحالي، خاصة في قطاع الطيران والاستثمارات التجارية.

عوامل النمو الرئيسية

يُتوقع أن يستمر هذا النمو في السنوات التالية، حيث يقدر البنك المركزي الفرنسي معدل النمو عند 1.0% في كل من عامي 2026 و 2027. وفي عام 2028، من المتوقع أن يرتفع معدل النمو إلى 1.1%. يعتمد هذا النمو بشكل كبير على زيادة الإنفاق الاستهلاكي والاستثمار التجاري.

من المتوقع أن يشهد الإنفاق الاستهلاكي انتعاشًا بفضل الزيادات في الأجور الحقيقية، على الرغم من التحديات التي تواجه سوق العمل. الاستثمار التجاري، من ناحية أخرى، من المتوقع أن يزداد قوة في عامي 2026 و 2027، شريطة ألا تتفاقم حالة عدم اليقين السياسي والمالي قبل الانتخابات الرئاسية في عام 2027.

ومع ذلك، أشار البنك المركزي الفرنسي إلى أن حالة عدم اليقين السياسي التي أعقبت إعلان الرئيس إيمانويل ماكرون عن انتخابات تشريعية مبكرة في عام 2024 أدت إلى تباطؤ مؤقت في الإنفاق الاستهلاكي والاستثمار التجاري. الوضع السياسي الحالي يمثل تحديًا كبيرًا للاقتصاد الفرنسي.

معدلات التضخم والسياسة النقدية

بالإضافة إلى توقعات النمو، توقع البنك المركزي الفرنسي أن يظل معدل التضخم أقل من هدف البنك المركزي الأوروبي البالغ 2% خلال السنوات الثلاث المقبلة. من المتوقع أن يرتفع معدل التضخم من 0.9% في العام الحالي إلى 1.3% في عامي 2026 و 2027، ثم إلى 1.8% في عام 2028.

يعكس هذا التوقع استقرار أسعار الطاقة وانخفاض الضغوط التضخمية العالمية. ومع ذلك، يراقب البنك المركزي الفرنسي عن كثب تطورات الأسعار العالمية والمحلية لضمان الحفاظ على استقرار الأسعار. السياسة النقدية للبنك المركزي الأوروبي ستلعب دورًا حاسمًا في إدارة التضخم.

بالإضافة إلى ذلك، يشير التقرير إلى أن قطاع الصادرات الفرنسي سيستمر في لعب دور مهم في دعم النمو الاقتصادي، خاصة في قطاعات مثل الطيران والفضاء. ومع ذلك، فإن أداء الصادرات يعتمد على تطورات الاقتصاد العالمي والطلب العالمي.

في الختام، يرى البنك المركزي الفرنسي أن الاقتصاد الفرنسي يواجه تحديات، لكنه يمتلك أيضًا فرصًا للنمو. يعتمد مستقبل الاقتصاد الفرنسي على الاستقرار السياسي والمالي، بالإضافة إلى القدرة على التكيف مع التغيرات العالمية. من المتوقع أن يصدر البنك المركزي الفرنسي تقريرًا جديدًا في ديسمبر، يقدم تحديثًا لتوقعاته الاقتصادية ويحلل التطورات الأخيرة. سيراقب المراقبون عن كثب التطورات السياسية والاقتصادية في فرنسا في الأشهر المقبلة لتقييم مدى دقة هذه التوقعات.

شاركها.