اقتربت الأسهم العالمية من تعويض خسائرها لشهر نوفمبر، مدفوعة بتصاعد التوقعات بأن يقوم الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بخفض أسعار الفائدة. هذا التحول في المعنويات أتى بعد فترة من البيع السريع، والتي أثارتها مخاوف بشأن التقييمات المرتفعة لشركات التكنولوجيا المتخصصة في الذكاء الاصطناعي.

صعد مؤشر “إم إس سي آي للأسهم العالمية” للجلسة الخامسة على التوالي يوم الخميس، مما قلص خسائره التراكمية في نوفمبر إلى 0.5% فقط. يأتي هذا الأداء بعد سبعة أشهر متتالية من المكاسب، مما يشير إلى مرونة في الأسواق العالمية.

توقعات خفض الفائدة تدعم أسواق الأسهم العالمية

تزايدت التوقعات بخفض أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي، حيث تشير أسواق المال الآن إلى احتمال يقارب 80% لخفض ربع نقطة مئوية في الاجتماع القادم. هذا يمثل زيادة كبيرة مقارنة بتوقعات الأسبوع الماضي، والتي كانت تشير إلى ثلاثة تخفيضات فقط على مدار العام بأكمله.

وعلى الرغم من هذه التطورات الإيجابية، لا تزال المخاوف بشأن تقييمات شركات التكنولوجيا قائمة. ومع ذلك، يبدو أن التفاؤل بشأن سياسة الفيدرالي النقدية قد طغى على هذه المخاوف في الوقت الحالي. كما أن ضعف الدولار ساهم في دعم الأسهم الآسيوية.

أداء الأسواق الإقليمية

شهدت الأسهم الآسيوية مسارًا مشابهًا، حيث انخفضت بنسبة 2% حتى الآن في نوفمبر. وفي الصين، تركز الاهتمام على قطاع العقارات، بعد أن اقترحت شركة “تشاينا فانكة” تأجيل سداد سند محلي، مما أدى إلى انخفاض أسهمها إلى مستويات قياسية.

يعكس هذا الإجراء الصعوبات المستمرة التي تواجه قطاع العقارات الصيني، والذي يكافح للتعافي من سنوات من تراجع المبيعات والديون المتراكمة. وتعتبر “تشاينا فانكة” من الشركات العقارية التي كانت تُنظر إليها على أنها أكثر استقرارًا في البلاد.

تأثير التطورات على الأصول الأخرى

مع تحسن المعنويات العامة، ارتفع سعر العملة الرقمية “بتكوين” متجاوزًا 91 ألف دولار. كما أن الذهب، الذي يعتبر ملاذًا آمنًا وغالبًا ما يستفيد من خفض أسعار الفائدة، في طريقه لتحقيق مكاسب للشهر الرابع على التوالي. في المقابل، من المتوقع أن يسجل مؤشر “بلومبرغ” للدولار ثالث انخفاض شهري له في أربعة أشهر.

أظهر تقرير “كتاب البيج” الصادر عن الاحتياطي الفيدرالي أن سوق العمل في الولايات المتحدة شهد تباطؤًا طفيفًا، وأن الأسعار ارتفعت بوتيرة معتدلة. كما أشار التقرير إلى انخفاض في الإنفاق الاستهلاكي، باستثناء الفئات الأكثر ثراءً. وانخفضت طلبات إعانة البطالة الأولية بشكل طفيف، وهو ما يتعارض مع التوقعات بزيادة متواضعة.

وبحسب “بلومبرغ إيكونوميكس”، فإن “أهم رسالة في تقرير الاحتياطي الفيدرالي هي أن التوظيف انخفض بشكل طفيف، حيث أشارت نحو نصف المناطق إلى ضعف الطلب على العمال، وهذا تراجع كبير مقارنة بالتقرير السابق. نعتقد أن القراءة الضعيفة على صعيد التوظيف ستساعد في ترجيح كفة خفض الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة في 9 و10 ديسمبر”.

في الوقت نفسه، توقفت موجة الصعود التي استمرت لأربعة أيام في سندات الخزانة الأمريكية، واستقر العائد على سندات العشر سنوات عند 4%، بعد أن جاءت بيانات سوق العمل الأمريكية أقوى من المتوقع. ويرى إيان لينغن من “بي إم أو كابيتال ماركتس” أن هذه البيانات “عززت فكرة وجود تيارات متضاربة وأداء مختلط في الاقتصاد الحقيقي”.

تتعزز التوقعات بخفض أسعار الفائدة أيضًا مع ترشيح كيفن هاسيت، مدير المجلس الاقتصادي الوطني في البيت الأبيض، لمنصب رئيس الفيدرالي القادم. يرى المستثمرون أن هذا الاختيار يتوافق مع دعوات الرئيس دونالد ترامب لخفض أسعار الفائدة.

يواصل المستثمرون مراقبة مسار الدولار، حيث يتجه مؤشر “بلومبرغ” للدولار الفوري نحو ثالث يوم من التراجع، مع تعزيز الرهانات على خفض أسعار الفائدة. وتقول كايتلين بوهاريوالا، الاستراتيجية في “وستباك بانكينغ كورب”، إن “أكبر المخاطر التي تواجه الدولار تتمثل في ضعف سوق العمل وعودة المخاطر على استقلالية الفيدرالي”.

في أسواق السلع، تراجع سعر النفط بشكل طفيف مع متابعة المستثمرين للجهود التي تقودها الولايات المتحدة لإنهاء الحرب في أوكرانيا، والترقب لاجتماع “أوبك+” المقرر نهاية هذا الأسبوع.

بشكل عام، تشير التطورات الأخيرة إلى أن الأسواق العالمية تتجه نحو فترة من التفاؤل الحذر، مدفوعة بتوقعات خفض أسعار الفائدة. ومع ذلك، لا تزال هناك العديد من المخاطر التي يجب مراقبتها، بما في ذلك أداء قطاع العقارات الصيني، ومسار التضخم، والتوترات الجيوسياسية. من المتوقع أن يكون اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة في 9 و10 ديسمبر هو الحدث الرئيسي الذي سيحدد مسار الأسواق في الفترة القادمة.

شاركها.