شهدت الأسهم الأوروبية أداءً متبايناً يوم الخميس، حيث توقف زخم الارتفاع الذي استمر لثلاثة أيام متتالية. يأتي هذا التباطؤ بعد مكاسب مدفوعة بتوقعات متزايدة بأن يقوم الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بخفض أسعار الفائدة في الأشهر المقبلة، بينما سجلت أسهم شركة بوما ارتفاعاً ملحوظاً على خلفية تقارير عن اهتمام محتمل بالاستحواذ عليها.
استقر مؤشر ستوكس 600 الأوروبي عند مستوى 574.01 نقطة في نهاية التعاملات. تباين أداء البورصات الرئيسية، حيث انخفض مؤشر فوتسي 100 في لندن بنسبة 0.2% في أعقاب إعلان ميزانية الخريف، بينما ارتفع مؤشر داكس الألماني بنسبة 0.3%. يعكس هذا التباين حالة من الحذر في الأسواق بعد فترة من الارتفاع.
أسعار الفائدة وتأثيرها على الأسواق الأوروبية
أدت تصريحات حديثة لمسؤولين في الاحتياطي الفيدرالي، بالإضافة إلى بيانات اقتصادية تشير إلى تباطؤ النمو في الولايات المتحدة، إلى تعزيز التوقعات بخفض أسعار الفائدة. هذه التوقعات ساهمت في دعم الأسواق الأوروبية خلال الأيام الثلاثة الماضية. ومع ذلك، يبدو أن المستثمرين أخذوا قسطاً من الراحة يوم الخميس لتقييم الوضع.
تأثير بيانات الاقتصاد الأمريكي
تشير البيانات الاقتصادية الأمريكية الأخيرة إلى أن الاقتصاد قد يتباطأ أكثر مما كان متوقعاً. هذا التباطؤ يزيد الضغط على الاحتياطي الفيدرالي لخفض أسعار الفائدة لتحفيز النمو الاقتصادي. يُعتبر خفض أسعار الفائدة عادةً بمثابة حافز للأسهم، حيث يقلل من تكلفة الاقتراض للشركات ويشجع على الاستثمار.
قال جوست فان ليندرز، كبير استراتيجيي الاستثمار في فان لانشوت كيمبن: “لقد شهدنا ارتفاعاً جيداً بعد الانخفاض الذي شهدناه… بالنسبة للأسواق، يستغرق الأمر بعض الوقت لإيجاد نوع من السرد الجديد”. وأضاف: “إنها فترة من بعض التماسك بعد ما شهدناه”.
ارتفعت أسهم شركة بوما بنسبة 14.6% بعد أن أفادت بلومبرغ نيوز بأن شركة أنتا سبورتس برودكتس الصينية، وهي شركة رائدة في مجال الملابس الرياضية، تدرس إمكانية الاستحواذ على الشركة الألمانية. يعكس هذا الارتفاع توقعات المستثمرين بأن الاستحواذ قد يؤدي إلى زيادة قيمة أسهم بوما.
في المقابل، شهد قطاع الرعاية الصحية انخفاضاً طفيفاً بنسبة 0.4%، متأثراً بتراجع أسهم نوفو نورديسك وروتش، وهما من الشركات الكبرى في هذا القطاع. يعكس هذا الانخفاض حالة من جني الأرباح بعد الارتفاعات الأخيرة في أسهم شركات الرعاية الصحية.
تأثير التطورات الجيوسياسية
ساهم التقدم المحرز في المحادثات المتعلقة بالسلام في أوكرانيا أيضاً في تعزيز الشعور الإيجابي في الأسواق هذا الأسبوع. على الرغم من أن التوصل إلى سلام كامل لا يزال بعيد المنال، إلا أن أي تطور نحو وقف إطلاق النار يُعتبر بمثابة أخبار إيجابية للأسواق.
ومع ذلك، لا يزال مؤشر ستوكس 600 بعيداً بنحو 2% عن أعلى مستوى له في وقت سابق من هذا الشهر. يواجه المؤشر صعوبة في استعادة الخسائر التي تكبدها في موجة البيع الأخيرة التي أثارتها المخاوف بشأن تقييمات شركات التكنولوجيا. الأسهم التكنولوجية لا تزال تحت ضغط بسبب ارتفاع أسعار الفائدة المتوقعة.
الاستثمار في الأسهم الأوروبية يتطلب حالياً دراسة متأنية للمخاطر، مع الأخذ في الاعتبار التطورات الاقتصادية والجيوسياسية. الأسواق المالية حساسة للغاية للتغيرات في السياسة النقدية والتطورات الجيوسياسية.
من المتوقع أن يراقب المستثمرون عن كثب بيانات التضخم الأمريكية القادمة، بالإضافة إلى أي تصريحات إضافية من مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي. ستوفر هذه البيانات والتصريحات مزيداً من الأدلة حول مسار أسعار الفائدة في الولايات المتحدة، مما قد يؤثر بشكل كبير على الأسواق الأوروبية. يبقى التطور الجيوسياسي في أوكرانيا أيضاً عاملاً مهماً يجب مراقبته.
