سيطر الحذر على الأسواق العالمية اليوم، حيث تراجعت معظم المؤشرات الرئيسية بعد بيانات الوظائف الأمريكية الأخيرة التي قدمت صورة غير حاسمة حول مسار أسعار الفائدة المستقبلية. أدى هذا إلى توجه المستثمرين نحو بيع الأصول ذات المخاطر العالية، على الرغم من الأداء القوي لشركة إنفيديا. يعكس هذا الانخفاض حالة عدم اليقين المستمرة التي تهيمن على المشهد الاقتصادي العالمي، مع تقلبات التضخم وتصريحات متشددة من قبل الاحتياطي الفيدرالي.

بدأت موجة البيع في أسواق الأسهم الآسيوية، حيث انخفض مؤشر MSCI لأسهم آسيا والمحيط الهادئ باستثناء اليابان بنسبة 2.2%، مسجلاً أكبر خسارة أسبوعية له منذ بداية شهر أبريل بنحو 3.5%. كما تأثر مؤشر نيكاي الياباني بشكل ملحوظ، وتراجع مؤشر كوريا الجنوبية بنسبة 3.7%، في حين هبط مؤشر تايوان بنسبة 3.4%.

توقعات أسعار الفائدة في الولايات المتحدة: بيانات الوظائف تزيد من الغموض

أظهر أحدث تقرير للوظائف الأمريكية إضافة عدد من الوظائف تجاوز التوقعات، لكن في الوقت نفسه، ارتفع معدل البطالة وتم تعديل بيانات الأشهر السابقة إلى الأسفل. ووفقًا للعديد من المحللين، جعل هذا التقرير القراءة النهائية “غامضة”، مما أدى إلى تساؤلات حول التوقيت المناسب لخفض أسعار الفائدة. تشير الآن عقود أسعار الفائدة إلى احتمالية بنسبة 40% لخفض الفائدة في ديسمبر، مقارنة بنسبة 30% سابقًا، لكن الأسواق لا تزال مترددة في التسعير الكامل لخفض مبكر.

تضاف هذه الترددات إلى المخاوف بشأن استمرار التضخم، حيث تترقب الأسواق تقرير الوظائف التالي قبل اجتماع الاحتياطي الفيدرالي، الذي قد يقدم المزيد من الإشارات حول السياسة النقدية المستقبلية.

تحذيرات من داخل الفيدرالي

أثار تصريحات مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي مزيدًا من القلق. حذرت بيث هامّا، رئيسة الاحتياطي الفيدرالي في كليفلاند، من أن أي تخفيف سريع في السياسة النقدية قد يعرض الاقتصاد لـ “مخاطر واسعة”. بالمثل، حذرت الحاكمة ليزا كوك من خطر حدوث “هبوط مفاجئ في أسعار الأصول” إذا تحرك الفيدرالي بشكل متهور.

أدت هذه التصريحات إلى إضعاف شهية المخاطرة في الأسواق، حتى مع إعلان شركة إنفيديا عن نتائج قوية. يُعتبر قطاع التكنولوجيا، الذي تمثله إنفيديا، من بين القطاعات الأكثر حساسية لتغيرات أسعار الفائدة.

اليابان تتخذ إجراءات تحفيزية واسعة النطاق

في غضون ذلك، أعلنت الحكومة اليابانية عن حزمة تحفيز اقتصادي ضخمة بقيمة 21.3 تريليون ين بقيادة ساناي تاكاتشي. وقد أثر هذا الإعلان سلبًا على قيمة الين الياباني، الذي اقترب من أدنى مستوى له في عشرة أشهر عند 157.24 للدولار. يعزو محللون هذا التراجع إلى التوقعات بأن حزمة التحفيز ستؤدي إلى زيادة المعروض من العملة.

على الرغم من تراجع قيمة الين بنسبة 6% خلال الربع الحالي، إلا أن سوق السندات تلقت دعمًا بعد إعلان الحكومة أن إجمالي إصدارات السندات سيكون أقل من العام الماضي. أدى هذا إلى انخفاض عوائد السندات لأجل عشر سنوات عن أعلى مستوى لها في 17 عامًا.

ارتفاع التضخم يثير مخاوف بشأن رفع الفائدة في اليابان

أظهرت بيانات التضخم الأساسي في اليابان ارتفاعًا إلى 3% في أكتوبر، مما عزز التوقعات بأن بنك اليابان قد يرفع أسعار الفائدة قريبًا. صرح محافظ بنك اليابان كازو أويدا بأن “الجدوى والتوقيت” المحتملين لرفع أسعار الفائدة سيتم مناقشتهما في الاجتماعات القادمة. هذا يشير إلى أن البنك قد يكون على وشك التحول عن سياساته النقدية فائقة التيسير، التي استمرت لسنوات.

أدت هذه التصريحات إلى ترقب في الأسواق، حيث يتوقع المستثمرون أن يكون بنك اليابان أول بنك مركزي كبير ينهي سياساته النقدية السلبية.

وفيما يتعلق بأسعار السلع، انخفض النفط الأمريكي بنسبة 1.2% إلى 58.29 دولارًا للبرميل، مسجلاً خسارة أسبوعية بنسبة 3%، في ظل تقارير عن ضغوط أمريكية على أوكرانيا لقبول اتفاق سلام مع روسيا، مما أثر على معنويات السوق. كما تراجع سعر الذهب بنسبة 0.5% إلى 2055 دولارًا للأونصة، وذلك بسبب تراجع الطلب على الأصول الآمنة.

مستقبلًا، ستتركز أنظار المستثمرين على بيانات التضخم الأمريكية القادمة ومحاضر اجتماع الفيدرالي، والتي قد تقدم المزيد من الإشارات حول مسار السياسة النقدية. كما سيتتبعون عن كثب تطورات الوضع الجيوسياسي في أوكرانيا وتقييم تأثيرها على أسعار الطاقة. يبقى الوضع الاقتصادي العالمي مليئًا بالشكوك، ويتطلب مراقبة دقيقة وتقييمًا مستمرًا للمخاطر.

شاركها.