تواجه بكين تحدياً جديداً مع تعثر شركة تشاينا فانكي (China Vanke) في سداد ديونها، حيث اقترحت الشركة تأجيل سداد أحد السندات المحلية، مما أثار مخاوف واسعة النطاق في قطاع العقارات الصيني. يأتي هذا الإعلان في وقت حساس، حيث يكافح القطاع للتعافي من سلسلة من حالات التعثر، ويثير تساؤلات حول مدى استعداد الحكومة الصينية لتقديم الدعم للمطورين العقاريين الكبار.

تراجعت أسهم شركة فانكي في بورصة هونغ كونغ بشكل حاد، مسجلة أدنى مستوى لها على الإطلاق، بينما هوت سنداتها الدولارية إلى مستويات قياسية منخفضة. وقد انخفض سعر السند الدولاري للشركة المستحق في عام 2027 بنحو 17 سنتًا في صباح اليوم، ليصل إلى حوالي 23 سنتًا، مسجلاً خسارة إجمالية بنسبة 60% خلال أسبوع واحد فقط.

تدهور الأوضاع في قطاع العقارات الصيني

يمثل طلب تأجيل سداد الدين من قبل فانكي، التي كانت تعتبر في السابق أكبر مطور عقاري في الصين من حيث المبيعات، انتكاسة كبيرة لجهود استقرار قطاع العقارات. ويأتي هذا بعد تعثر شركات كبرى أخرى مثل إيفرغراند وغروب كانتري، مما يزيد من الضغوط على النظام المالي الصيني.

بدأ القلق ينتشر في السوق، حيث تراجعت أسعار سندات مطورين آخرين لم يواجهوا مشاكل في السداد من قبل. فقد انخفض السند الدولاري لشركة لونغفور غروب هولدينغز المستحق في عام 2028 بأربعة سنتات، متجهاً نحو أكبر انخفاض يومي له في أكثر من عامين.

وفقًا لخبراء في إدارة الأصول، فإن تعثر فانكي يبعث على تخوفات كبيرة. صرح لي هوان، الشريك المؤسس لشركة فورست كابيتال هونغ كونغ، بأن تعثر شركة بحجم فانكي سيترتب عليه تداعيات هائلة على قطاع العقارات وسوق الائتمان بأكمله.

أعلنت الشركة أنها ستعقد اجتماعًا مع حاملي سندات اليوان في العاشر من ديسمبر لمناقشة مقترح تأجيل السداد. هذا الاجتماع سيكون حاسماً في تحديد مسار الشركة ومستقبلها في السوق.

الدعم الحكومي والتحديات

تعتبر مشكلات الديون المتفاقمة التي تواجهها فانكي مؤشرًا على موقف الصين تجاه قطاع العقارات، الذي يمثل عبئًا كبيرًا على الاقتصاد. تحتاج الحكومة الصينية إلى إيجاد توازن دقيق بين دعم السوق المتعثرة وتجنب عمليات الإنقاذ التي قد تشجع على المخاطرة المفرطة.

وقد قدمت شركة شينزين مترو غروب، المساهم الأكبر في فانكي، قروضًا تقارب 30 مليار يوان للمطور لمساعدته على سداد ديونه المستحقة هذا العام. لكن هذا الدعم أصبح الآن موضع شك بعد أن أشارت شينزين مترو إلى تشديد شروط الاقتراض للشركة. وهذا الأمر أثار تساؤلات حول قدرة فانكي على الوفاء بالتزاماتها المستقبلية.

تقدر مصادر مختلفة أن شركة فانكي لديها ما يقرب من 13.4 مليار يوان من السندات المحلية المستحقة أو التي قد يتم تفعيل خيارات الاسترداد بشأنها بحلول نهاية يونيو المقبل. وهذا المبلغ يتجاوز بكثير حجم القروض غير المستغلة المتاحة للشركة من شينزين مترو.

مستقبل الاستثمار العقاري في الصين

يُظهر تراجع مبيعات فانكي المتعاقد عليها، والتي بلغت حوالي 100 مليار يوان خلال الأشهر العشرة الأولى من العام (نصف مستواها في العام السابق)، مدى عمق الأزمة في السوق العقاري. وفقًا لتقديرات دانيال فان وهوي ين تاي، المحللين لدى بلومبرغ إنتليجنس، فإن الشركة تحتفظ بسيولة نقدية تبلغ حوالي 60 مليار يوان مقابل حوالي 152 مليار يوان من الديون قصيرة الأجل.

تدرس الحكومة الصينية حاليًا اتخاذ تدابير إضافية لدعم القطاع، بما في ذلك دعم أسعار الفائدة على الرهون العقارية الجديدة. لكن فعالية هذه الإجراءات لا تزال موضع شك، خاصة وأن جهود التيسير السابقة لم تسفر عن تعافٍ مستدام. يراقب المستثمرون عن كثب أي تحركات جديدة من جانب الحكومة.

يرى محللون أن تعثر فانكي في السداد قد يقوض ثقة المستثمرين ويؤدي إلى تفاقم الأزمة، وقد يدفع الحكومة إلى التدخل بشكل أكبر. في المقابل، قد يؤدي استمرار فانكي في السداد، حتى ولو بتأجيل الآجال، إلى منح السوق بعض الوقت للتعافي، لكنه لن يحل المشاكل الهيكلية العميقة التي تواجه الاستثمار العقاري في الصين. من المتوقع أن يشهد القطاع المزيد من التقلبات في الأشهر المقبلة، وسيكون من الضروري مراقبة التطورات عن كثب.

شاركها.