بدون إعلانات رسمية أو ضجيج إعلامي، بدأت سلسلة مطاعم أربيز الأميركية إغلاق عشرات الفروع داخل الولايات المتحدة خلال الأشهر الماضية، ما يثير تساؤلات حول مستقبل قطاع الوجبات السريعة وتغير سلوك المستهلكين. هذا التحول يضع ضغوطاً متزايدة على الشركات الراسخة في السوق، ويُظهر أن النجاح السابق لا يضمن الاستمرار في ظل الظروف الاقتصادية المتغيرة.
كانت أربيز، التي تجاوز عمرها ستة عقود، تُشغّل أكثر من 3600 مطعم قبل موجة الإغلاقات الأخيرة، واحتلّت المرتبة الثالثة في سوق السندويتشات الأميركية عام 2024 بعد سابواي وبانيرا. ورغم هذا الحضور القوي، فإن السلسلة لم تكن بمنأى عن رياح التباطؤ الاقتصادي وتحديات تكاليف التشغيل المتزايدة.
أربيز تُقلّص حضورها في أميركا: هل تغيّر شهية المستهلكين؟
أعلنت شركة إنسباير براندز المالكة لأربيز، والتي تضم أيضاً علامات مثل دانكن وبافالو وايلد وينغز وباسكن روبنز وسونيك درايف إن، أن أربيز حققت 29.5 مليار دولار من المبيعات في 2024. لكن خلف هذا الرقم الكبير، سجّلت السلسلة تراجعاً في المبيعات بنسبة 6.3% خلال العام، وفقاً لتقارير متخصصة.
ارتفاع تكاليف التشغيل، من الأجور إلى الإيجارات والطاقة، إلى جانب تراجع إنفاق المستهلكين، شكّل مزيجاً صعباً دفع الشركة إلى إغلاق ما لا يقل عن 48 فرعاً منذ 2023. هذا التراجع يعكس ضغوطاً أوسع على صناعة المطاعم بشكل عام.
خريطة الإغلاقات وأين تتركّز الخسائر
طالت الإغلاقات ولايات عدّة، من بينها كاليفورنيا وفلوريدا وتينيسي ونيوجيرسي وميريلاند وديلاوير وساوث كارولاينا وواشنطن. وكانت تينيسي من أكثر الولايات تضرّراً، مع إغلاق ثلاثة فروع، فيما فقدت فلوريدا أربعة مطاعم، وأُغلق فرعان في فريسنو وفيكتورفيل بولاية كاليفورنيا.
ورغم هذا التقلّص، لم تُسجَّل إغلاقات في بعض الولايات حتى الآن، ما يعكس اعتماد الشركة على إعادة تموضع جغرافي انتقائي بدلاً من انسحاب شامل. هذا يشير إلى أن أربيز قد تكون تركز على تعزيز مواقعها في المناطق الأكثر ربحية.
ما يحدث لأربيز يأتي ضمن موجة أوسع تضرب قطاع المطاعم الأميركية. أعلنت وينديز خططاً لإغلاق نحو 300 مطعم بعد تراجع مبيعاتها، بينما تعتزم دينيز إغلاق أكثر من 150 فرعاً بحلول نهاية 2025. هذه التحركات تشير إلى أن الشركات تواجه صعوبات في الحفاظ على الربحية في ظل الظروف الحالية.
بالإضافة إلى ذلك، يشير المحللون إلى أن المنافسة الشديدة في قطاع الوجبات السريعة، وظهور خيارات جديدة ومبتكرة، تلعب دوراً في تغيير تفضيلات المستهلكين. الوجبات السريعة لم تعد مجرد خيار سريع ورخيص، بل أصبحت جزءاً من نمط حياة يتطلب تنوعاً وجودة.
من ناحية أخرى، يرى البعض أن إغلاق الفروع قد يكون جزءاً من استراتيجية أوسع لإعادة هيكلة الشركة، والتركيز على تطوير قنوات البيع الأخرى، مثل خدمات التوصيل والطلبات عبر الإنترنت. هذه الاستراتيجية قد تساعد أربيز على التكيف مع التغيرات في سلوك المستهلكين.
ومع ذلك، فإن مستقبل أربيز لا يزال غير واضح. من المتوقع أن تستمر الشركة في تقييم أداء فروعها، واتخاذ قرارات بشأن الإغلاقات المحتملة في المستقبل. سيكون من المهم مراقبة أداء الشركة في الربع القادم، وتقييم تأثير هذه الإغلاقات على مبيعاتها وأرباحها.
في الختام، يمثل تقلص أربيز في أميركا مؤشراً على التحديات التي تواجهها شركات الوجبات السريعة في الوقت الحالي. من المتوقع أن تشهد هذه الصناعة المزيد من التغييرات في الأشهر والسنوات القادمة، حيث تسعى الشركات إلى التكيف مع التغيرات في سلوك المستهلكين والظروف الاقتصادية. سيراقب المراقبون عن كثب استراتيجيات الشركات المختلفة، وكيف ستتمكن من الحفاظ على ربحيتها في هذا السوق التنافسي.
