أعلنت شركة أرابتك مصر عن تقديم دعوى تحكيم ضد شركة إعمار مصر للتنمية أمام غرفة تجارة باريس، وذلك للمطالبة بتعويضات مالية تقدر بمليار جنيه مصري. يأتي هذا الإجراء نتيجة خلافات حول فروق أسعار العقود الناجمة عن تقلبات سعر صرف الجنيه المصري وارتفاع تكاليف مواد البناء، وفقًا لمصادر مطلعة. وتعتبر هذه الخطوة تصعيدًا للتوترات بين الشركتين في ظل الظروف الاقتصادية الحالية في مصر.

وقعت هذه الخطوة بعد فترة وجيزة من قرار البنك المركزي المصري بتحرير سعر الصرف في مارس 2024، والذي أدى إلى انخفاض حاد في قيمة الجنيه مقابل الدولار. انخفض الجنيه بنسبة تجاوزت 62% في البداية، ثم استعاد جزءًا من قيمته لاحقًا، لكنه لا يزال متأثرًا بالظروف الاقتصادية العامة.

خلافات حول فروق أسعار العقود وتداعيات تحرير الجنيه

يرجع أصل النزاع إلى خمسة مشاريع عقارية رئيسية نفذتها أرابتك لصالح إعمار مصر، بقيمة إجمالية تتجاوز 5 مليارات جنيه مصري. تشمل هذه المشاريع مجمعي “أب تاون كايرو” و”مراسي” الساحليين، وهما من أبرز المشاريع العقارية التي قامت بها إعمار في مصر.

أفادت مصادر بأن أرابتك ترى أن الأسعار المتفق عليها في العقود الأصلية لم تعد تعكس التكاليف الحقيقية للمشاريع بعد التراجع الكبير في قيمة الجنيه وارتفاع معدلات التضخم. وقد أدت هذه الفروق إلى تراكم مستحقات مالية كبيرة، مما دفع أرابتك إلى المطالبة بتعويضات بقيمة مليار جنيه.

فشل المفاوضات الودية

أكدت المصادر أن اللجوء إلى التحكيم جاء بعد فشل المفاوضات الثنائية بين الشركتين في التوصل إلى حل ودي للخلاف. وقد حاولت أرابتك وإعمار التفاوض على تعديل شروط العقود أو التوصل إلى تسوية مالية، لكن هذه الجهود لم تثمر عن نتيجة إيجابية.

لم تصدر شركة إعمار مصر أي بيان رسمي حتى الآن للتعليق على هذه الدعوى أو تفاصيل الخلاف مع أرابتك. هذا الصمت يزيد من حالة الغموض حول مستقبل هذه القضية وتأثيرها المحتمل على مشاريع الشركتين الأخرى في السوق المصري.

تأثير تحرير الجنيه على القطاع العقاري

يأتي هذا النزاع في سياق التحديات التي يواجهها القطاع العقاري في مصر بعد تحرير سعر الصرف. فقد أدى انخفاض قيمة الجنيه إلى ارتفاع تكاليف استيراد مواد البناء، مما أثر سلبًا على هوامش الربح لدى شركات التطوير العقاري.

بالإضافة إلى ذلك، أدى تحرير الجنيه إلى زيادة في أسعار الوحدات العقارية، مما أثر على القدرة الشرائية للمواطنين وتباطأ من وتيرة المبيعات. وقد اضطرت بعض الشركات إلى تأجيل تسليم الوحدات أو إعادة التفاوض على شروط الدفع مع العملاء.

وتشير تقارير إلى أن العديد من الشركات العقارية الأخرى قد تواجه تحديات مماثلة في المستقبل، مما قد يؤدي إلى المزيد من النزاعات القانونية والمطالبات بالتعويضات.

التحكيم كآلية لتسوية النزاعات

يعتبر التحكيم آلية شائعة لتسوية النزاعات التجارية في مصر، خاصةً في العقود الكبيرة التي تتضمن أطرافًا أجنبية. تتميز إجراءات التحكيم بالسرعة والفعالية والسرية، كما أنها تتيح للأطراف اختيار المحكمين الذين يتمتعون بالخبرة والمعرفة اللازمة في مجال النزاع.

غرفة تجارة باريس هي إحدى أبرز مؤسسات التحكيم الدولية، وتتمتع بسمعة طيبة في تسوية النزاعات التجارية المعقدة. اختيار أرابتك لهذه الغرفة يعكس أهمية القضية ورغبتها في الحصول على حكم عادل وموثوق به.

من الجدير بالذكر أن القطاع العقاري في مصر يشهد تطورات متسارعة، ويساهم بشكل كبير في الناتج المحلي الإجمالي. ومع ذلك، فإن هذا القطاع يواجه أيضًا العديد من التحديات، بما في ذلك تقلبات سعر الصرف وارتفاع تكاليف التمويل والتغيرات في اللوائح والقوانين.

من المتوقع أن تستغرق إجراءات التحكيم فترة من الوقت، وقد تتطلب تقديم مستندات ووثائق تفصيلية من قبل الطرفين. وسيكون من المهم متابعة تطورات هذه القضية لمعرفة تأثيرها المحتمل على مستقبل العلاقة بين أرابتك وإعمار، وعلى القطاع العقاري المصري بشكل عام.

في الوقت الحالي، لا يمكن التكهن بالنتيجة النهائية للدعوى، ولكن من الواضح أن هذا النزاع يمثل تحديًا كبيرًا للشركتين. وسيتوقف الكثير على قدرة الطرفين على تقديم حجج قوية ومقنعة أمام المحكمين، وعلى مدى التزامهم بتسوية النزاع بطريقة ودية وفعالة.

شاركها.