يشهد سوق العملات الرقمية تقلبات ملحوظة، حيث يشير المحلل المالي الشهير جيف بارك، الرئيس التنفيذي للاستثمار في ProCap BTC، إلى أن حاملي البيتكوين على المدى الطويل، والمعروفين بـ “الحيتان” أو “الرواد”، يزدادون بيعًا لخيارات الشراء المغطاة. هذه الاستراتيجية تهدف إلى تحقيق دخل إضافي من خلال بيع عقود تمنح المشتري الحق في شراء البيتكوين بسعر محدد في المستقبل، مما قد يؤدي إلى انخفاض كبير في سعر البيتكوين الفوري.
وفقًا لبارك، فإن هذه الممارسة تخلق ضغطًا بيعيًا كبيرًا في السوق. ويؤكد أن بيع خيارات الشراء المغطاة يضيف “دلتا” سلبية جديدة إلى السوق، مما يجعل حاملي البيتكوين بائعين صافيين. هذا التحليل يثير تساؤلات حول تأثير هذه الاستراتيجية على استقرار سعر البيتكوين وتقلباته.
تأثير “الحيتان” على انخفاض أسعار البيتكوين
تشير المصادر إلى أن حاملي البيتكوين الكبار يمارسون ضغطًا بيعيًا كبيرًا من خلال استراتيجية خيارات الشراء المغطاة. في المقابل، يلعب صانعو السوق دورًا مهمًا في شراء هذه الخيارات، مما يتطلب منهم التحوط عن طريق بيع البيتكوين الفوري لتغطية مراكزهم. هذا البيع الإضافي يساهم في خفض الأسعار، على الرغم من وجود اهتمام متزايد من المستثمرين التقليديين في صناديق الاستثمار المتداولة (ETFs) المرتبطة بالبيتكوين.
التقارير الحديثة كشفت أن البيتكوين المستخدم لدعم هذه الخيارات قد تم الاحتفاظ به لسنوات عديدة، مما يشير إلى عدم وجود طلب جديد أو سيولة طازجة في السوق. وبالتالي، فإن هذه الخيارات تؤدي إلى انخفاض في الأسعار. يوضح بارك أن بيع خيارات الشراء المغطاة على البيتكوين الذي تم الاحتفاظ به لأكثر من 10 سنوات يضيف دلتا سلبية إلى السوق، مما يجعل البائع بائعًا صافيًا.
تحليل السوق وتوقعات الأسعار
من الجدير بالذكر أن العملة الرقمية انفصلت عن أداء سوق الأسهم في النصف الثاني من عام 2023. في حين أن الأسهم استمرت في الوصول إلى مستويات قياسية، انخفض سعر البيتكوين بشكل ملحوظ إلى حوالي 90,000 دولار. هذا الانفصال أثار تساؤلات حول العلاقة بين البيتكوين والأصول التقليدية.
يعتقد العديد من المحللين أن البيتكوين قد يبدأ في الارتفاع مرة أخرى مع استمرار الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في تنفيذ تخفيضات في أسعار الفائدة وضخ المزيد من الأموال في النظام المالي. ويعتبرون هذا الإجراء إشارة إيجابية للاستثمارات المحفوفة بالمخاطر. تشير بيانات أداة FedWatch التابعة لمجموعة CME إلى أن حوالي 24.4٪ من المتداولين يتوقعون أن يفكر الاحتياطي الفيدرالي في تخفيض آخر في أسعار الفائدة في اجتماع لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية (FOMC) المقرر عقده في يناير من العام المقبل.
ومع ذلك، يتوقع بعض المحللين أن البيتكوين قد يشهد انخفاضًا إضافيًا ليصل إلى مستوى منخفض قياسي قدره 76,000 دولار، بحجة أن اتجاهه الصعودي قد وصل إلى نهايته. يعتمد هذا التوقع على تحليل للمؤشرات الفنية يشير إلى صعوبة ارتداد البيتكوين بعد الوصول إلى مستوياته الأخيرة بالقرب من 80,000 دولار، حيث يتحرك السعر داخل قناة صاعدة.
مستقبل البيتكوين والتقلبات المحتملة
على الرغم من التوقعات المتباينة، يظل سوق العملات الرقمية متقلبًا للغاية. من المتوقع أن يستمر سعر البيتكوين في التقلبات طالما أن الحيتان يواصلون تحقيق أرباح قصيرة الأجل من خلال بيع خيارات الشراء المغطاة على ممتلكاتهم من البيتكوين. تعتبر مراقبة قرارات الاحتياطي الفيدرالي بشأن أسعار الفائدة، بالإضافة إلى سلوك المستثمرين الكبار، أمرًا بالغ الأهمية لفهم الاتجاه المستقبلي للبيتكوين.
في الختام، من المتوقع أن يشهد سوق البيتكوين المزيد من التقلبات في الأشهر المقبلة. سيكون اجتماع لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية في يناير 2024 نقطة مراقبة رئيسية، حيث قد تؤثر قراراتها بشأن أسعار الفائدة بشكل كبير على معنويات المستثمرين واتجاهات الأسعار. يبقى من غير المؤكد ما إذا كان البيتكوين سينتعش أم سيستمر في الانخفاض، ولكن من الواضح أن السوق يواجه فترة من عدم اليقين.
