تشهد توقعات خفض أسعار الفائدة الأمريكية عودة إلى دائرة النقاش، حيث أظهرت بيانات اقتصادية حديثة تباطؤًا في سوق العمل واقتراب معدلات التضخم من الأهداف المرجوة. تقول كاي هاي، المديرة الإدارية في إدارة أصول غولدمان ساكس، إن هذه الظروف تزيد من احتمالية قيام الاحتياطي الفيدرالي بخفض أسعار الفائدة في اجتماع ديسمبر المقبل، مما يمثل تطوراً مهماً في توقعات أسعار الفائدة.
توقعات أسعار الفائدة الأمريكية:تباين الآراء بين المؤسسات المالية
ترى هاي أن هذا الوضع يمنح رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول فرصة للحفاظ على نهجه “الإداري للمخاطر” قبل انتهاء ولايته في مايو. يهدف هذا النهج إلى تحقيق التوازن بين دعم النمو الاقتصادي والسيطرة على التضخم، وهو عنصر أساسي في صياغة السياسة النقدية الأمريكية. وبالتالي، فإن خفض أسعار الفائدة قد يكون الخطوة التالية في هذا السياق.
ومع ذلك، لا تشارك جميع المؤسسات هذا التفاؤل. قامت شركة مورغان ستانلي، في تحديث لها، بسحب توقعاتها بخفض سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في اجتماعها في ديسمبر. أوضحت الشركة أن تقرير التوظيف القوي لشهر سبتمبر عزز النظرة الإيجابية للاقتصاد، وأن البنك المركزي الأمريكي من غير المرجح أن يتصرف بسرعة.
أظهرت بيانات وزارة العمل الأمريكية ارتفاعًا في الوظائف غير الزراعية بمقدار 119 ألف وظيفة في سبتمبر. تم تعديل بيانات أغسطس نزولاً من زيادة 22 ألف وظيفة إلى انخفاض قدره 4 آلاف وظيفة. وكان اقتصاديون استطلعتهم وكالة رويترز يتوقعون زيادة قدرها 50 ألف وظيفة فقط. لقد فاق النمو في التوظيف التوقعات، مما زاد من حالة عدم اليقين حول قرار الاحتياطي الفيدرالي في ديسمبر.
نظرة على أسواق التنبؤات
تعكس أسواق التنبؤات هذا التوجه المتناقض. وفقًا للاحتمالات المتداولة في Polymarket، في اجتماع ديسمبر:
احتمالية خفض بنسبة 50 نقطة أساس أو أكثر هي 1٪ فقط.
احتمالية خفض بنسبة 25 نقطة أساس هي 36٪.
احتمالية بقاء أسعار الفائدة ثابتة مقدرة بنسبة 63٪.
تشير هذه الأرقام إلى أن معظم المشاركين في السوق يتوقعون أن يترك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة دون تغيير في اجتماعه القادم. هذا التقييم يتعلق بشكل كبير بمرونة الاقتصاد وارتفاع أرقام التوظيف.
الاحتياطي الفيدرالي يراقب عن كثب مؤشرات التضخم. في حين أن التضخم قد انخفض في الأشهر الأخيرة، إلا أنه لا يزال فوق هدف البنك المركزي البالغ 2٪. وهذا يخلق معضلة بالنسبة لصناع السياسات، حيث يجب عليهم الموازنة بين الحاجة إلى خفض أسعار الفائدة لتحفيز النمو والمخاطر المحتملة لإعادة إشعال الضغوط التضخمية.
بالإضافة إلى بيانات التضخم والتوظيف، يراقب الاحتياطي الفيدرالي أيضًا مجموعة واسعة من المؤشرات الاقتصادية الأخرى، بما في ذلك الإنفاق الاستهلاكي والاستثمار التجاري وأسعار المساكن. يهدف هذا النهج الشامل إلى توفير صورة كاملة عن صحة الاقتصاد واتخاذ قرارات مستنيرة بشأن السياسة النقدية. وتأثرت أسواق المال بشكل كبير بهذه البيانات المتباينة.
إن تحديد توقيت ووتيرة أي زيادات أو تخفيضات مستقبلية في أسعار الفائدة يمثل تحديًا كبيرًا للاحتياطي الفيدرالي. تعتمد قرارات البنك المركزي على تقييم مستمر للبيانات الاقتصادية والتطورات العالمية. وسيواصل المستثمرون والمحللون الاقتصاديين مراقبة هذه العوامل عن كثب لتقييم المستقبل الاقتصادي.
تتأثر السياسة النقدية بأكثر من مجرد أرقام التوظيف والتضخم. تشمل العوامل الأخرى التطورات الجيوسياسية والظروف المالية العالمية والمدخرات الزائدة في النظام المصرفي. يمكن لهذه العوامل أن تؤثر جميعها على قرارات الاحتياطي الفيدرالي بشأن أسعار الفائدة.
في الختام، يظل مسار أسعار الفائدة الأمريكية غير واضح. ينتظر السوق الآن بيانات التضخم وبيانات أخرى رئيسية قبل اجتماع الاحتياطي الفيدرالي في ديسمبر. ستكون هذه البيانات حاسمة في تحديد ما إذا كان البنك المركزي سيمضي قدمًا في خفض أسعار الفائدة، أو ما إذا كان سيفضل الانتظار لمعرفة المزيد حول مرونة الاقتصاد. يجب على المستثمرين الاستعداد لاحتمالات متعددة ومراقبة التطورات الاقتصادية عن كثب.
*هذا ليس استشارة استثمارية.
