يتزايد التفاؤل في الأسواق المالية بشأن تخفيضات أسعار الفائدة المستقبلية، على الرغم من التحذيرات الحذرة التي تصدرها البنوك المركزية. يشير تحليل حديث لبنك أوف أمريكا إلى أن المستثمرين قد يبدأون في تسعير توقعات خفض سعر الفائدة في يناير بشكل أسرع مما هو متوقع حاليًا، مما يضع ضغوطًا على البنك الفيدرالي الأمريكي. هذا التطور يأتي في ظل بيانات اقتصادية متباينة وتوقعات متغيرة.

توقعات بتخفيضات أسعار الفائدة: نظرة على موقف بنك أوف أمريكا

وفقًا لتقرير أسبوعي للاقتصاد الأمريكي صادر عن بنك أوف أمريكا، من المرجح أن يقوم البنك الفيدرالي بتخفيض سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في اجتماع ديسمبر القادم. يستند هذا التوقع إلى إشارات سابقة من البنك المركزي نفسه. ومع ذلك، يتوقع المحللون أن يصاحب هذا التخفيض لهجة أكثر تشددًا في التوجيهات المستقبلية للبنك.

توقعات متباينة بشأن اجتماع ديسمبر

يتوقع بنك أوف أمريكا احتمال وجود ثلاثة أصوات معارضة لقرار التخفيض في اجتماع ديسمبر. بالإضافة إلى ذلك، تشير التوقعات إلى مراجعة تصاعدية لتقديرات النمو الاقتصادي لعامي 2025 و 2026، مع مراجعات طفيفة صعودًا لمعدل البطالة، وانخفاض في توقعات التضخم. تهدف هذه التعديلات إلى تبرير قرار التخفيض الذي سيتم اتخاذه في ديسمبر.

يشير التقرير إلى أن متوسط توقعات “نقطة النقاط” (dot plot) سيشير إلى تخفيضين في أسعار الفائدة خلال عام 2026، يتبعهما توقف طويل الأمد. هذا يعكس رؤية البنك بشأن مسار السياسة النقدية في المستقبل.

ومع ذلك، يعتقد بنك أوف أمريكا أن رئيس البنك الفيدرالي جيروم باول قد يواجه صعوبة في منع السوق من تسعير المزيد من التخفيضات. ويقول المحللون إنه نظرًا لكمية البيانات الاقتصادية التي ستصدر قبل اجتماع يناير، سيكون من الصعب على باول الحفاظ على لهجة متشددة مقنعة في مؤتمره الصحفي.

قد يحاول باول التأكيد على الحاجة إلى “ضعف كبير في بيانات التوظيف” لتبرير المزيد من تخفيضات أسعار الفائدة، أو قد يجادل بأن سعر السياسة ليس “مقيّدًا حقًا” في النطاق بين 3.5٪ و 3.75٪. لكن البنك يعتقد أن الأسواق ستركز بشكل كبير على البيانات الاقتصادية القادمة بغض النظر عن ذلك.

أشار المحلل أدتييا بهافي إلى أن باول “لا يمكنه تجنب الاعتماد على البيانات”، مضيفًا أن الأسواق مستعدة للتفاعل بسرعة مع المؤشرات الجديدة التي يتم إصدارها. هذا قد يمهد الطريق لتسعير أكثر عدوانية لتوقعات تخفيضات أسعار الفائدة مع اقترابنا من اجتماع يناير. أسعار الفائدة هي المحرك الرئيسي لهذه التوقعات.

تأثير البيانات الاقتصادية على السياسة النقدية

تعتبر البيانات الاقتصادية، وخاصةً بيانات التضخم والتوظيف، هي المحرك الرئيسي لقرارات البنك الفيدرالي. السياسة النقدية تتأثر بشكل كبير بهذه المؤشرات. في حال استمرار تباطؤ التضخم وتحسن سوق العمل، فمن المرجح أن يواصل البنك الفيدرالي مسار التخفيف النقدي. في المقابل، إذا أظهرت البيانات ارتفاعًا في التضخم أو تدهورًا في سوق العمل، فقد يضطر البنك إلى إعادة النظر في سياسته.

بالإضافة إلى ذلك، تلعب التوقعات المستقبلية دورًا هامًا في قرارات البنك. إذا كانت الأسواق تتوقع تخفيضات في أسعار الفائدة، فقد يدفع ذلك البنك إلى الاستجابة لتجنب حدوث اضطرابات في الأسواق المالية. التضخم وسوق العمل هما المؤشران الرئيسيان اللذان يراقبهما البنك الفيدرالي.

في سياق عالمي، تؤثر قرارات البنك الفيدرالي على أسعار الصرف والتدفقات الرأسمالية. قد يؤدي تخفيض أسعار الفائدة في الولايات المتحدة إلى ضعف الدولار الأمريكي وجذب الاستثمارات إلى الأسواق الناشئة. هذا يمكن أن يكون له آثار إيجابية على النمو الاقتصادي العالمي، ولكنه قد يؤدي أيضًا إلى زيادة المخاطر المالية.

الوضع الحالي يتسم بالغموض، حيث أن البيانات الاقتصادية متباينة والتوقعات متغيرة. الخطوة التالية المتوقعة هي اجتماع البنك الفيدرالي في ديسمبر، حيث سيتم اتخاذ قرار بشأن سعر الفائدة وتقديم توجيهات مستقبلية. من المهم مراقبة البيانات الاقتصادية القادمة، وخاصةً بيانات التضخم والتوظيف، لتقييم المسار المحتمل للسياسة النقدية. كما يجب متابعة تصريحات المسؤولين في البنك الفيدرالي للحصول على رؤى حول تفكيرهم.

شاركها.