يقول الخبراء إن أوكرانيا تضرب أهدافًا على بعد مئات الأميال داخل روسيا لثلاثة أسباب رئيسية
وفي أواخر يوليو/تموز، قالت أوكرانيا إنها ضربت طائرة روسية. قاذفة أسرع من الصوت من طراز Tu-22M3 في قاعدة أولينيا الجوية في مورمانسك، على مسافة قياسية تبلغ 1100 ميل داخل الأراضي الروسية.
ورغم أن هذه الأنباء تصدرت عناوين الصحف، إلا أنها لم تكن المرة الأولى التي تستهدف فيها أوكرانيا مواقع في عمق روسيا.
وفي مايو/أيار، قالت هيئة الأمن الأوكرانية إن طائرة بدون طيار أوكرانية بعيدة المدى ضربت مصفاة نفط تابعة لشركة غازبروم على بعد حوالي 930 ميلاً في جمهورية باشكورتوستان الروسية.
ولا تملك أوكرانيا حاليا الإذن باستخدام أسلحة موجهة بعيدة المدى مثل ATACMS لضرب مثل هذه الأهداف داخل روسيا.
وقال مارك كانسيان، المستشار الأول في برنامج الأمن الدولي في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، لصحيفة بيزنس إنسايدر، إن إيران استخدمت بدلاً من ذلك طائرات بدون طيار رخيصة الثمن يتم إنتاجها محليًا لشن هجمات بعيدة المدى.
وقال كانسيان إن “هذه الطائرات محملة بالمتفجرات ويتم إرسالها إلى عمق روسيا”.
ورغم أن ضرب أهداف بعيدة عن خط المواجهة قد يبدو بمثابة توسع أوكرانيا بشكل كبير، فإن مثل هذه الهجمات لها ثلاث فوائد رئيسية، كما قال خبراء لصحيفة بيزنس إنسايدر.
الأضرار المادية والاقتصادية
وتهدف الضربات على المواقع ذات الصلة بالجيش، مثل القواعد الجوية أو المرافق الصناعية الدفاعية، إلى إخراج أو تعطيل الأصول التي تستخدمها روسيا لتسهيل حربها ضد أوكرانيا بشكل مؤقت.
وحتى الضربات التي تبدو صغيرة قد يكون لها تأثير كبير.
وفي حالة الضربة على قاعدة أولينيا الجوية، والتي قالت أوكرانيا في وقت لاحق إنها ألحقت أضرارا بطائرتين قاذفتين من طراز توبوليف 22إم3، قال جاستن برونك، وهو زميل بحثي كبير في المعهد الملكي للخدمات المتحدة، إنها كانت لتكون لها “تأثير قابل للقياس”.
وقال إن “الأسطول الروسي النشط ليس كبيرا، وحتى الخسارة المؤقتة لطائرتين لإطلاق الصواريخ ضد أوكرانيا سيكون لها تأثير ملموس”.
وقال جون هاردي، نائب مدير برنامج روسيا في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، لصحيفة بيزنس إنسايدر، إن الضربات على مصافي النفط تهدف أيضًا إلى “الإضرار بجيب موسكو”.
ومع ذلك، أضاف أن المدى الذي وصلوا إليه في القيام بذلك “قابل للنقاش”.
إيرادات روسيا من النفط في أبريل زادت بأكثر من الضعف على أساس سنوي، وهو ما أوردته وكالة بلومبرج في وقت سابق، مسلطة الضوء على نجاح الكرملين الواضح في تحويل العمليات.
رويترز وذكرت وكالة أنباء رويترز في أبريل/نيسان أن روسيا بدت قادرة أيضا على إصلاح بعض مرافق التكرير الرئيسية المتضررة بسبب الضربات الأوكرانية بسرعة، مما أدى إلى خفض الطاقة المتضررة إلى نحو 10% من نحو 14% في نهاية مارس/آذار، وفقا لحسابات وكالة الأنباء.
الضغط على الدفاعات الجوية الروسية
وأضاف هاردي أن أوكرانيا تأمل أيضا في “إغراق الدفاعات الجوية الروسية” بهجمات “جماعية” بطائرات بدون طيار، مضيفا أنه قد يكون “من الصعب على أنظمة الدفاع الجوي اكتشاف وإسقاط الطائرات بدون طيار صغيرة الحجم أو التي تحلق على ارتفاع منخفض عن الأرض”.
وقال “لقد قامت روسيا بالفعل بتكييف وضع دفاعها الجوي في أعقاب الضربات الجوية السابقة بطائرات بدون طيار، ويقال إنها أنشأت فرقًا متحركة لمكافحة أنظمة الطائرات بدون طيار. لكن روسيا بلد شاسع، لذا فإن الدفاع في كل مكان أمر صعب”.
وأضاف هاردي أن موسكو بدأت أيضًا “بعد أوكرانيا بوقت طويل في تطوير التدابير المضادة لتهديد الطائرات بدون طيار بعيدة المدى”، و”لم تنشئ أي شيء مثل نظام أجهزة الاستشعار الرخيصة والموزعة التي تستخدمها أوكرانيا للكشف عن الطائرات بدون طيار من طراز شاهد”.
ونتيجة لذلك، فإن هذه الهجمات تشكل “معضلة خطيرة” بالنسبة لروسيا، على حد تعبير برونك.
وقال إنه نظرا لاتساع مساحة الأراضي الروسية وعدد الأهداف المحتملة التي يمكن لأوكرانيا أن تضربها، فإن موسكو “إما أن تضطر إلى الحماية من خلال إزالة أنظمة الدفاع الجوي من مناطق الخطوط الأمامية؛ أو تترك (الأهداف المحلية) دون حماية مما يؤدي إلى أضرار متواصلة ومزعجة”.
الحرب النفسية
وأضاف برونك أن الهجمات الأوكرانية العميقة داخل الأراضي الروسية تشكل أيضا مشكلة سياسية خطيرة للكرملين ــ إذ بدأ الروس العاديون يدركون أن “الدولة لا تستطيع الدفاع بشكل كامل عن مجالها الجوي”.
واتفق كانسيان مع هذا الرأي، قائلاً إن التأثير “النفسي” لهذه الهجمات كان حاسماً. وأضاف أن أحد الأهداف الرئيسية لأوكرانيا كان “الإحراج العسكري والقلق الشعبي”.
وأضاف أن ذلك يظهر للشعب الروسي أن “مهاجمة أوكرانيا لها ثمن”.