يبدو أن نظرة جوجل الذكية (Google AI Overviews) – وهي ميزة البحث المدعومة بالذكاء الاصطناعي – قد تجاوزت مرحلة البدايات المتعثرة. فبعد فترة من الانتقادات اللاذعة بسبب إعطاء إجابات غير دقيقة أو حتى مضحكة، تشير التطورات الأخيرة إلى تحسن ملحوظ في أداء هذه الأداة، مما يجعلها خيارًا مفضلًا لدى المستخدمين على الرغم من المخاوف المتعلقة بتأثيرها على حركة المرور إلى المواقع الإلكترونية التقليدية. هذا التحسن يثير تساؤلات حول مستقبل البحث على الإنترنت ودور الذكاء الاصطناعي فيه.

تطورات في أداء نظرة جوجل الذكية

في ربيع عام 2024، أطلقت جوجل ميزة “نظرة جوجل الذكية” كجزء من تجربة البحث، وسرعان ما واجهت انتقادات واسعة النطاق. كانت الإجابات التي تقدمها هذه الميزة غالبًا ما تكون غير دقيقة أو غير منطقية، مما أثار سخرية المستخدمين. أحد الأمثلة التي انتشرت على نطاق واسع هو اقتراح جوجل استخدام الغراء لمنع انزلاق الجبن عن البيتزا، وهو اقتراح يبدو أنه مأخوذ من مزحة على موقع Reddit.

لاحقًا، استمرت المشاكل في الظهور، مثل محاولة “نظرة جوجل الذكية” تفسير عبارات لا معنى لها مثل “لا يمكنك لعق الغرير مرتين” كأمثال شعبية حقيقية. وقد أظهرت الاختبارات التي أجريت في أبريل الماضي أن النظام لا يزال يقع في فخ العبارات الخيالية، ويقدم لها تفسيرات غير منطقية.

لكن الأمور بدأت في التغير. عندما تم اختبار عبارة خيالية جديدة (“لا يمكنك أن تخبر الياك بالتوقف عن الرقص”) مؤخرًا، قدمت “نظرة جوجل الذكية” إجابة أكثر دقة، مشيرة إلى أن العبارة “ليست مثلًا شعبيًا شائعًا، بل تعبيرًا لعوبًا أو شعريًا”، واقترحت تفسيرات محتملة. وهذا يمثل تحسنًا ملحوظًا في قدرة النظام على التمييز بين العبارات المنطقية والعبارات الخيالية.

التحسين المستمر في خوارزميات الذكاء الاصطناعي

يعزى هذا التحسن إلى التحديثات المستمرة التي تجريها جوجل على خوارزميات الذكاء الاصطناعي التي تدعم “نظرة جوجل الذكية”. تهدف هذه التحديثات إلى تحسين قدرة النظام على فهم اللغة الطبيعية، والتمييز بين المعلومات الصحيحة والخاطئة، وتقديم إجابات أكثر دقة وملاءمة. كما أن جوجل تعمل على تحسين قدرة النظام على التعامل مع الاستعلامات المعقدة والغامضة.

بالإضافة إلى ذلك، يبدو أن جوجل قد أخذت بعين الاعتبار ملاحظات المستخدمين والانتقادات التي وجهت إلى “نظرة جوجل الذكية” في المراحل الأولى. وقد أدى ذلك إلى إجراء تعديلات على النظام لتحسين أدائه وتجنب الأخطاء الشائعة.

على الرغم من هذه التحسينات، لا يزال هناك قلق بشأن تأثير “نظرة جوجل الذكية” على حركة المرور إلى المواقع الإلكترونية. فإذا كان المستخدمون يفضلون الحصول على إجابات مباشرة من جوجل بدلاً من النقر على الروابط وزيارة المواقع، فقد يؤدي ذلك إلى انخفاض عدد الزيارات إلى هذه المواقع، مما قد يؤثر سلبًا على الإيرادات. هذا التأثير يثير جدلاً حول مستقبل صناعة المحتوى على الإنترنت.

التحسن في “نظرة جوجل الذكية” يمثل أيضًا تطورًا في مجال البحث الدلالي (Semantic Search)، وهو نهج يهدف إلى فهم معنى الاستعلامات بدلاً من مجرد مطابقة الكلمات الرئيسية. هذا التحول قد يؤدي إلى تغيير الطريقة التي يبحث بها المستخدمون عن المعلومات على الإنترنت، ويجعل البحث أكثر فعالية وكفاءة. الذكاء الاصطناعي التوليدي (Generative AI) يلعب دورًا محوريًا في هذا التطور.

في النهاية، يبدو أن جوجل تنجح في تحسين “نظرة جوجل الذكية” وجعلها أداة مفيدة للمستخدمين. ومع ذلك، لا يزال هناك العديد من التحديات التي يجب التغلب عليها، مثل ضمان دقة المعلومات، وتجنب التحيز، وحماية حقوق الملكية الفكرية. من المتوقع أن تستمر جوجل في الاستثمار في تطوير هذه الميزة، وأن نرى المزيد من التحسينات في المستقبل القريب. سيراقب الخبراء عن كثب تأثير هذه التطورات على مشهد البحث الرقمي، خاصةً مع استمرار المنافسة في مجال الذكاء الاصطناعي.

شاركها.