أثارت قصة شركة Fireflies.ai الناشئة، المتخصصة في تقنية الذكاء الاصطناعي، جدلاً واسعاً بعدما كشف المؤسس المشارك سام أودوتونغ أنهم قاموا بتوظيف أشخاص لأخذ الملاحظات يدوياً في أكثر من 100 اجتماع، متظاهرين بأنهم روبوت ذكاء اصطناعي باسم “فريد”. هذه الاستراتيجية، التي وصفها البعض بأنها “تزييف للوصول إلى النجاح”، أثارت تساؤلات حول أخلاقيات الشركات الناشئة في مراحلها الأولى، خاصةً في مجال الذكاء الاصطناعي.
أودوتونغ وكريش راميني، المؤسس المشارك الآخر، تبنيا هذا النهج في عام 2017 عندما كانت الشركة تواجه صعوبات مالية. كان الهدف هو التحقق من صحة الفكرة قبل استثمار المزيد من الموارد في تطوير المنتج الفعلي. وقد حققت Fireflies.ai الآن تقييماً يبلغ مليار دولار، مدفوعة بالزيادة الكبيرة في الاجتماعات الافتراضية خلال جائحة كوفيد-19.
التحقق من صحة فكرة الذكاء الاصطناعي في بداياتها
وفقاً لتصريحات راميني لـ Business Insider، كان الوضع المالي للشركة صعباً للغاية في البداية. لذلك، قررا اختبار الطلب على خدمة تدوين الملاحظات في الاجتماعات قبل كتابة أي سطر من التعليمات البرمجية. وقد تواصلوا مع أصدقائهم في قطاع التكنولوجيا وعرضوا عليهم خدمة تدوين الملاحظات الكاملة مقابل 100 دولار شهرياً.
لم يوضح راميني لأصدقائه أن العملية كانت تتم يدوياً بالكامل، بل قدمها على أنها مدعومة بالذكاء الاصطناعي “فريد”. كان الاثنان يحضران الاجتماعات ويدونان الملاحظات بخط اليد، ثم يسلمانها للعملاء في غضون يوم واحد. وقد أدى هذا إلى تحقيق طلب كبير، مما سمح لهما بتغطية تكاليف الإيجار في سان فرانسيسكو.
ومع ذلك، أدرك المؤسسان سريعاً أن الاعتماد على العمل اليدوي غير مستدام. فقد كان من المستحيل عليهما حضور جميع الاجتماعات المطلوبة، وشعرا بالإرهاق والتوتر المستمر بسبب الخوف من الحجز المزدوج.
“التزييف للوصول إلى النجاح” في عالم الشركات الناشئة
يعتبر هذا النهج، الذي يطلق عليه البعض “التزييف للوصول إلى النجاح”، شائعاً في ثقافة الشركات الناشئة، على الرغم من المخاطر الأخلاقية والقانونية المحتملة. يرى تيم وايس، أستاذ إدارة ريادة الأعمال في إمبريال كوليدج لندن، أن هذا الأسلوب يشبه “النماذج الأولية المسبقة”، وهي ممارسة شائعة ولكنها “مريبة” في المراحل المبكرة من الشركات الناشئة.
في هذه الحالة، قامت Fireflies.ai بتقديم خدمة كأنها منتج جاهز، بهدف جمع المعلومات حول كيفية تفاعل المستخدمين معها قبل تطويرها فعلياً. لكن راميني يؤكد أن الشركة لم تسعَ إلى جذب المستثمرين إلا بعد أن بدأت في تطوير المنتج الآلي بالكامل، ولم يكن هناك أي تداخل بين التمويل وادعاءات الذكاء الاصطناعي.
بحلول نهاية عام 2018، توقف المؤسسان عن تدوين الملاحظات يدوياً للعملاء وركزا بشكل كامل على تطوير المنتج. وقد تمكنوا من الحصول على تمويل صغير من مستثمرين ملائكيين، مما ساعدهم على الاستمرار في العمل. وفي نهاية عام 2019، تمكنوا من إجراء اختبارات تجريبية للمنتج وعرضه على المستثمرين المؤسسيين، مما أدى إلى جمع تمويل أولي بقيمة تزيد عن 4 ملايين دولار.
أعرب المستثمرون عن إعجابهم بالطريقة التي تحقق بها المؤسسان من وجود مشكلة حقيقية قبل بناء الحل. وقد أشادوا بقدرتهما على فهم احتياجات المستخدمين من خلال التجربة المباشرة.
يذكر أن Fireflies.ai قد قامت حالياً بمعالجة أكثر من ملياري دقيقة اجتماع، وتدوين الملاحظات لأكثر من 20 مليون شخص. وهذا يعادل حوالي 4000 سنة من الاجتماعات إذا تم حسابه على أساس يوم عمل مدته ثماني ساعات.
يقر راميني بأهمية الشفافية في مجال الذكاء الاصطناعي، ويؤكد أنه لا يمكن “التزييف للوصول إلى النجاح” إلى الأبد. ويشدد على ضرورة بناء منتج حقيقي يلبي احتياجات المستخدمين بشكل فعال. كما يشير إلى أهمية مناقشة المخاطر والتحديات المتعلقة بالذكاء الاصطناعي بشكل علني وصريح.
تعتبر قصة Fireflies.ai مثالاً على الإبداع والمرونة في عالم الشركات الناشئة. ومع ذلك، فإنها تثير أيضاً تساؤلات مهمة حول أخلاقيات ريادة الأعمال والمسؤولية الاجتماعية للشركات. من المتوقع أن تستمر المناقشات حول هذه القضايا مع استمرار تطور تقنيات التعلم الآلي ومعالجة اللغة الطبيعية. وستراقب الصناعة عن كثب كيفية تعامل Fireflies.ai مع هذه التحديات في المستقبل، وكيف ستساهم في تطوير معايير أخلاقية أكثر صرامة في مجال الذكاء الاصطناعي.
