يستكشف الفيلم الدرامي الرياضي الجديد “Marty Supreme” للمخرج جوش سافدي حياة مارتي ماوزر (تيموثي شالاميه)، لاعب تنس الطاولة الموهوب والمندفع في خمسينيات القرن الماضي، والذي عزم على أن يصبح أفضل لاعب في العالم. تتخلل رحلته هذه مغامرات جانبية، وعلاقة عابرة بنجمة سينمائية متقدمة في السن (غوينيث بالترو)، ومهمة لاستعادة كلب ضائع لزعيم عصابة (آبل فيرارا)، وكل ذلك يهدد بتخريب مسيرته المهنية على نطاق واسع. الفيلم مستوحى بشكل فضفاض من حياة بطل تنس الطاولة الحقيقي في الخمسينيات، مارتي ريسمان.
القصة تبدو وكأنها مزيج بين حياة أسطورية وسيرة ذاتية، وهذا ما يجعلها جذابة. شخصية مارتي ماوزر في الفيلم هي تكريم للاعب تنس الطاولة الشهير مارتي ريسمان، الذي توفي عام 2012، حيث يجسد الفيلم أسلوبه المبهج في اللعب ومقالبه المشاكسة.
من هو مارتي ريسمان، بطل تنس الطاولة “المرتزقة”؟
اكتشف ريسمان موهبته في لعبة تنس الطاولة في سن مبكرة في حي لوور إيست سايد في مدينة نيويورك، ليصبح بطلاً للناشئين في سن الثالثة عشرة. سرعان ما لفت انتباه الجميع بمهاراته الاستثنائية.
لقب بـ “الإبرة” بسبب بنيته النحيلة، ووصفته مجلة Sports Illustrated في عام 1977 بأنه “James Bond of table tennis” (جيمس بوند تنس الطاولة) بسبب رمياته الإبداعية وأسلوبه الكاريزمي. كان ريسمان يتمتع بشعبية كبيرة ليس فقط بسبب مهاراته الرياضية، بل أيضاً بسبب شخصيته الجذابة.
حقق ريسمان 22 لقباً طوال مسيرته التي امتدت من أواخر الأربعينيات حتى عام 2002. فاز بخمس ميداليات برونزية في بطولات العالم لتنس الطاولة، بالإضافة إلى لقبي الولايات المتحدة المفتوحة ولقب البطولة البريطانية المفتوحة في لندن عام 1949، حيث أذهل الجمهور بضربات بين الساقين وضربات أمامية وصلت سرعتها إلى 115 ميلاً في الساعة، ووصفها الصحافة البريطانية بـ “الانفجار الذري”.
بالإضافة إلى المنافسات الرسمية، سافر ريسمان مع فريق Harlem Globetrotters (هارلم غلوبتروترز) للعبة كرة السلة الاستعراضية، وقدم عروضاً ترفيهية مذهلة أمام عشرات الآلاف من الجماهير حول العالم. كانت عروضه تجمع بين الرياضة والترفيه، مما جعله نجماً محبباً لدى الجماهير.
في السبعينيات، أسس ريسمان نادي Riverside Table Tennis Club (نادي ريفرسايد لتنس الطاولة) في مدينة نيويورك، والذي سرعان ما أصبح نقطة التقاء لأفضل اللاعبين، بالإضافة إلى المشاهير الذين يحبون ممارسة تنس الطاولة، مثل داستن هوفمان ووالتر ماتاو. حتى بطل الشطرنج بوبي فيشر كان يتردد على النادي.
مغامرات ريسمان الجانبية: من بيع الساعات إلى تهريب الذهب
كان ريسمان معروفاً بذكائه التجاري وسعيه الدائم لتحقيق مكاسب سريعة أثناء سفره حول العالم. لم يكتفِ باللعب الاحترافي، بل كان يبحث دائماً عن فرص لزيادة دخله.
أشارت قصة في مجلة Sports Illustrated إلى مغامراته، بما في ذلك عودته من رحلته الأولى إلى لندن وحقيبته مليئة بالجوارب النسائية النايلون، والتي باعها في شوارع نيويورك بخمسة أضعاف سعرها الأصلي. خلال رحلاته إلى هونغ كونغ، قام بتهريب سبائك الذهب، محققاً ربحاً قدره 1000 دولار في كل مرة (وادعى في القصة أنه فعل ذلك 25 مرة). وعندما عاد إلى نيويورك بشكل دائم في أواخر الخمسينيات، مر عبر الجمارك وهو يخفي على جسده اثنتين وعشرين ساعة رولكس.
ولكن مخططاته الأكثر جرأة كانت تلك التي تهدف إلى الانتقام من منافسه اللدود، اللاعب الياباني هيروجي ساتو. ففي بطولة العالم عام 1952 في بومباي، أحدث ساتو ثورة في اللعبة باستخدام مضرب جديد مصنوع من الإسفنج المطاطي، مما أدى إلى هزيمة ريسمان واللاعبين الآخرين. كان هذا بمثابة نقطة تحول في تاريخ تنس الطاولة.
تعاون ريسمان مع زميله دوغ كارتلاند، الذي كان شريكه في عروض Harlem Globetrotters، وسافرا من بومباي عبر الشرق الأقصى، وقاما بتقديم عروض ترفيهية وجمع الأموال. وفي النهاية، وصلا إلى طوكيو، حيث تحديا ساتو ونوبي هايشي، بطل العالم في منافسات الزوجي، في مباراة علنية. أقيمت المباراة على خشبة مسرح سينما في أوساكا، ونقلها الراديو الوطني، مما جعلها حدثاً رياضياً بارزاً في اليابان.
انتهت المباراة بفوز ريسمان، مما تسبب في إحراج كبير لساتو، الذي لم يشارك بعد ذلك في أي منافسات دولية. كان هذا بمثابة انتصار معنوي لريسمان، وأثبت أنه لاعب لا يستهان به.
ريسمان: سيد الضربات الاستعراضية
يصور فيلم “Marty Supreme” شخصية مارتي ماوزر وهي تتمتع بموهبة استثنائية في تنس الطاولة وقدرة على تنفيذ ضربات استعراضية مذهلة، وهو ما يعكس بشكل كبير أسلوب ريسمان في اللعب. كان ريسمان معروفاً بابتكاره لضربات غير تقليدية.
كان ريسمان يلعب بالقدم بدلاً من المضرب، أو يستخدم مقبض المضرب لضرب الكرة. خلال عروضه مع فريق Harlem Globetrotters، كان يلعب مع كارتلاند بخمس كرات في وقت واحد، أو يستخدمان القدور والمقالي كمضارب لضرب الكرة وتنفيذ مقطوعة موسيقية من أغنية “Mary Had a Little Lamb” (ماري كان لديها خروف صغير). كانت هذه العروض تجمع بين الرياضة والترفيه، مما يجعلها لا تُنسى.
روى الممثل ماثيو برودريك قصة عن ريسمان في برنامج “The Late Show with David Letterman” (البرنامج المتأخر مع ديفيد ليترمان)، حيث أوضح كيف كان ريسمان يضع سيجارة على الطرف البعيد من طاولة تنس الطاولة، ثم يضرب الكرة بقوة ودقة بحيث تنكسر السيجارة إلى نصفين. (حاول ريسمان تنفيذ هذه الحيلة على خشبة المسرح مباشرة بعد أن سرد برودريك القصة، لكنه لم ينجح).
في الفيلم، ينفذ ماوزر ضربة نفخ الكرة في الهواء أثناء المباراة، وهي ضربة مستوحاة مباشرة من ترسانة ريسمان من الضربات الاستعراضية.
“Marty Supreme” معروض حالياً في دور السينما.
