شهدت عملية إجراء مقابلات العمل تحولاً كبيراً، من المقابلات الشخصية التقليدية إلى منصات مثل زووم، والآن، وبشكل مبتكر، تستخدم بعض شركات الذكاء الاصطناعي مستندات جوجل للتحقق من مهارات المرشحين. يهدف هذا الأسلوب الجديد إلى تقييم قدرات الكتابة والتحليل لدى المتقدمين، ومكافحة الغش المحتمل أو الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في صياغة الإجابات. تعتبر المقابلات عبر مستندات جوجل طريقة فعالة لتقييم مهارات التوظيف بشكل عملي.
تطور طرق مقابلات التوظيف في عصر الذكاء الاصطناعي
أصبح التوظيف في قطاع التكنولوجيا أكثر تنافسية من أي وقت مضى، مما يدفع الشركات إلى ابتكار طرق جديدة لتقييم المرشحين بشكل أكثر دقة. تواجه الشركات صعوبة متزايدة في العثور على المواهب القادرة على المساهمة بشكل فعال في بيئة عمل سريعة التطور. تستثمر العديد من الشركات في التحقق من صحة مهارات المرشحين، خاصةً مع انتشار أدوات الغش المدعومة بالذكاء الاصطناعي.
وينستون وينبرج، الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة هارفي، وهي شركة ناشئة في مجال التكنولوجيا القانونية تعتمد على الذكاء الاصطناعي، أوضح أن شركته تستخدم مستندات جوجل المشتركة كجزء أساسي من عملية التقييم. تتيح هذه الطريقة للمرشحين العمل على مهام كتابية مباشرةً مع القائمين على المقابلة، مما يوفر رؤية أعمق لقدراتهم الفعلية.
أهمية تقييم مهارات الكتابة
وفقًا لوينبرج، يميل بعض المرشحين إلى التفوق في “تقديم أنفسهم” خلال المقابلات اللفظية، لكنهم يواجهون صعوبة في التعبير عن أفكارهم بوضوح ودقة في الكتابة. تعتبر القدرة على التواصل الكتابي الفعال مهارة أساسية في العديد من الوظائف، خاصةً في الشركات التي تعتمد على العمل عن بعد أو التواصل غير المتزامن. يشير هذا التوجه إلى تحول في التركيز من المهارات الشخصية إلى المهارات العملية.
تعتمد هارفي بشكل كبير على التواصل الكتابي في عملها اليومي، لذا فإن تقييم هذه المهارة أمر بالغ الأهمية. ذكرت الشركة أنها استخدمت هذا الأسلوب في جميع عمليات التوظيف التنفيذية الأخيرة، وذلك لضمان اختيار قادة قادرين على التعبير عن رؤيتهم وخططهم بشكل واضح وموجز.
التحول نحو الكفاءة و “كثافة المواهب”
تأتي هذه الطريقة في سياق أوسع للتحول في ثقافة العمل في قطاع التكنولوجيا، حيث يركز الرؤساء التنفيذيون بشكل متزايد على “كثافة المواهب” – أي بناء فرق أصغر وأكثر كفاءة. تعكس هذه الاستراتيجية الحاجة إلى تحسين الإنتاجية وخفض التكاليف في ظل الظروف الاقتصادية المتغيرة. تشير التقارير إلى أن الشركات تبحث عن موظفين يمكنهم تحقيق نتائج ملموسة بسرعة وفعالية.
الأمر لا يقتصر على هارفي، فشركة Stripe، شركة المدفوعات العالمية، تخلت عن المقابلات التي تعتمد على حل المشكلات بشكل ارتجالي (whiteboard interviews) لصالح اختبارات قائمة على الكمبيوتر، كما أنها قامت بنشر أسئلة المقابلات التي يستخدمها فريقها، وفقًا لبيانات سابقة من كبير مسؤوليها التقنيين. يُظهر هذا التوجه التزامًا بالتقييم الموضوعي وتوفير فرص متساوية لجميع المرشحين.
مكافحة الغش والحلول البديلة
تزايد استخدام أدوات الغش المدعومة بالذكاء الاصطناعي أدى إلى إجبار بعض الشركات على العودة إلى المقابلات الشخصية لضمان مصداقية المرشحين. ومع ذلك، فإن هذا الحل ليس مثاليًا، حيث أنه قد يكون مكلفًا ويستغرق وقتًا طويلاً. بالإضافة إلى ذلك، قد لا تكون المقابلات الشخصية كافية للكشف عن جميع أشكال الغش.
يرى وينبرج أن المشكلة الرئيسية في التوظيف (للأدوار غير الهندسية) هي وجود مرشحين “يجيدون الحديث ولكنههم سيئون في التنفيذ”. واقترح البدء بعملية مقابلة غير متزامنة (asynchronous)، لأن معظم عمل الشركة يتم بهذه الطريقة. تسمح المقابلات غير المتزامنة للمرشحين بإكمال المهام في وقتهم الخاص، مما قد يقلل من الضغط ويحسن جودة الاستجابات. كما أنها توفر للقائمين على المقابلة مزيدًا من الوقت لتقييم استجابات المرشحين بعناية.
تشير هذه التطورات إلى أن الشركات تبحث عن طرق أكثر فعالية لتقييم الكفاءات الأساسية للمرشحين، وخاصةً القدرة على حل المشكلات والتفكير النقدي والتواصل الكتابي. كما أنها تعكس قلقًا متزايدًا بشأن مصداقية المعلومات التي يقدمها المرشحون، وحاجة إلى تطوير عمليات توظيف أكثر مقاومة للغش والتلاعب.
من المتوقع أن تستمر الشركات في تجربة طرق جديدة لتقييم المرشحين، مع التركيز بشكل خاص على استخدام التكنولوجيا لتبسيط العملية وتحسين دقتها. تتضمن التطورات المحتملة زيادة استخدام الاختبارات عبر الإنترنت وتحليل البيانات لتقييم أداء المرشحين. ستكون مراقبة كيفية استجابة شركات التكنولوجيا لهذه التحديات أمرًا بالغ الأهمية في الأشهر والسنوات القادمة. ويتوقع مراقبون اتجاهًا نحو دمج طرق تقييم متعددة، بما في ذلك مقاييس الأداء والتقييمات النفسية، للحصول على صورة كاملة عن إمكانات المرشح.
