يشهد مجال تطوير الذكاء الاصطناعي تحولًا كبيرًا، حيث أعلن الرئيس التنفيذي لشركة Turing، والمتخصصة في تدريب الذكاء الاصطناعي بقيمة 2.2 مليار دولار، عن اقتراب نهاية حقبة تسمية البيانات البسيطة. وأشار جوناثان سيدهارث إلى أن الحاجة إلى البيانات قد تغيرت بشكل ملحوظ، وأن النماذج الحديثة تتطلب بيانات أكثر تعقيدًا تتجاوز المهام الأساسية مثل وضع العلامات على الصور أو فرز النصوص.
أكد سيدهارث، في حلقة من بودكاست “20VC” تم نشرها يوم الاثنين، أن الشركات التي تركز على تسمية البيانات التقليدية ستجد صعوبة في المنافسة. وتشهد الشركات الرائدة في مجال الذكاء الاصطناعي، مثل Meta، تحولًا في استراتيجياتها نحو شراكات أكثر استباقية مع شركات التدريب، بدلًا من مجرد الاستعانة بمصادر خارجية لعملية التسمية. وتشير التقديرات إلى أن إيرادات Turing السنوية بلغت 300 مليون دولار في عام 2024، بزيادة تقريبًا ثلاث مرات مقارنة بالعام السابق، مما يعكس النمو السريع في هذا القطاع.
تطور الشركات المتخصصة في تسمية بيانات الذكاء الاصطناعي
شهدت الشركات الناشئة المتخصصة في تسمية البيانات تقييمات ضخمة على مدار العام الماضي، مدفوعة بالطلب المتزايد على البيانات عالية الجودة لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي. وتأتي هذه الزيادة في التقييمات بالتزامن مع التطور السريع في قدرات الذكاء الاصطناعي، وتزايد الاستثمارات في هذا المجال.
الاستحواذ على حصص في شركات رائدة
في يونيو الماضي، استحوذت Meta على حصة 49% في شركة Scale AI، مما قيم الشركة بأكثر من 29 مليار دولار. يعكس هذا الاستحواذ رغبة شركات التكنولوجيا الكبرى في تأمين الوصول إلى البنية التحتية والخبرات اللازمة لتطوير ونشر نماذج الذكاء الاصطناعي. كما أعلنت شركة Mercor في أكتوبر عن إغلاق جولة تمويل قيمت الشركة الناشئة بـ 10 مليارات دولار.
نمو القوى العاملة المستقلة
وقد أدى النمو في مجال تدريب الذكاء الاصطناعي أيضًا إلى توسع سريع في القوى العاملة المستقلة والمتعاقدة. وذكرت تقارير إخبارية أن العديد من المستقلين والعاملين المتعاقدين يحققون دخلًا شهريًا كبيرًا من خلال العمل في مهام تدريب الذكاء الاصطناعي. ومع ذلك، فقد أشار هؤلاء العاملون أيضًا إلى أن طبيعة هذا العمل قد تكون مزعجة وغير متوقعة في بعض الأحيان.
بالإضافة إلى ذلك، ظهرت أسواق غير قانونية للحصول على الوصول إلى منصات تدريب الذكاء الاصطناعي. وكشفت تقارير عن وجود أكثر من 100 مجموعة على فيسبوك تبيع الوصول غير المصرح به إلى حسابات مقاولين حقيقية أو وهمية. على الرغم من أن إعادة بيع الحسابات محظورة من قبل شركات تدريب الذكاء الاصطناعي، إلا أن المحتالين والباحثين عن فرص عمل مؤقتة يستغلون الطلب المتزايد على هذه المهام.
يشدد سيدهارث على أن مستقبل شركات تدريب الذكاء الاصطناعي يكمن في بناء بيئات تعلم معزز، وهي عبارة عن عوالم محاكاة صغيرة تعكس سير العمل البشري في مختلف الصناعات. ويتطلب ذلك توظيف خبراء متخصصين في مجالات متنوعة، بدلًا من الاعتماد على عمال تسمية البيانات التقليديين.
ويتطلب تطوير هذه البيئات أيضًا استثمارًا كبيرًا في البحث والتطوير، مما يدفع الشركات إلى البحث عن شركاء استراتيجيين يمكنهم المساهمة في هذا الجهد. وتشير التقارير إلى أن الشركات الرائدة في مجال الذكاء الاصطناعي تبحث عن “معجلات للبحث” – أي شركات يمكنها تسريع عملية تطوير نماذجها من خلال توفير بيانات عالية الجودة وبيئات تدريب متطورة. وهذا التحول يمثل تغييرًا جذريًا في الطريقة التي يتم بها تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي، ويؤكد على أهمية البيانات المعقدة والبيئات المحاكاة في تحقيق أداء أفضل.
يمثل هذا التغيير في طبيعة مهام تدريب النماذج تحديًا للشركات التي تعتمد بشكل كبير على تسمية البيانات التقليدية. يمكن أن يؤثر على فرص العمل المتاحة في هذا المجال، ويتطلب من العاملين تطوير مهارات جديدة للتكيف مع المتطلبات المتغيرة. كما قد يؤدي إلى زيادة التنافس بين شركات التدريب، حيث تسعى الشركات إلى تقديم خدمات أكثر ابتكارًا وتخصصًا.
من المتوقع أن تشهد الشركات الرائدة في مجال تحسين الأداء الذكي استثمارات إضافية في بناء بيئات تعلم معزز وتوظيف خبراء متخصصين. ويتوقع أيضًا أن تتزايد الحاجة إلى البيانات الواقعية والمعقدة، مما يدفع الشركات إلى تطوير طرق جديدة لجمع البيانات وتنظيمها. وسيكون من المهم مراقبة التطورات في هذا المجال، وتقييم تأثيرها على سوق العمل، وعلى مستقبل الذكاء الاصطناعي بشكل عام.
