أصبحت فكرة السنة الاستراحية (Gap Year) شائعة بشكل متزايد بين الشباب والمهنيين على حد سواء، حيث يسعى الكثيرون إلى أخذ استراحة من الحياة الأكاديمية أو المهنية لاستكشاف اهتمامات جديدة، أو السفر، أو ببساطة إعادة تقييم أولوياتهم. هذه الاستراحة قد تكون مفيدة بشكل خاص في ظل الضغوط المتزايدة للحياة الحديثة، وتوفر فرصة للتفكير والتخطيط للمستقبل.
تُظهر قصة توكارا بيست وزوجها سام، وهما زوجان أمريكيان، كيف يمكن للسنة الاستراحية أن تغير مسار الحياة بشكل جذري. بعد وفاة معلمة جامعية عزيزة عليها، أدركت بيست أنها لا تريد أن تقضي حياتها في العمل من أجل مستقبل قد لا تحصل على فرصة لتجربته. هذا الإدراك دفعها وزوجها إلى اتخاذ قرار جريء بترك وظائفهما والبدء في رحلة حول العالم.
السنة الاستراحية: بداية مغامرة جديدة
بدأت بيست وزوجها، اللذان كانا يعملان كمستشارة في مدرسة ثانوية وكاتب مستقل على التوالي، في التخطيط لرحلتهما في عام 2015. كان لدى الزوجين مدخرات محدودة، لكنهما تمكنا من جمع أكثر من 30 ألف دولار عن طريق تقليل نفقاتهما وبيع ممتلكاتهما. قاموا ببيع سيارتهم وتخزين متعلقاتهم القليلة المتبقية في وحدة تخزين صغيرة، معتقدين أنهم سيكونون في الخارج لمدة عام واحد فقط.
في يونيو 2015، غادرا الولايات المتحدة متوجهين إلى براغ، وبدآ رحلتهما التي استغرقت عامًا. سافرا عبر أوروبا الوسطى والشرقية وجنوب شرق آسيا، واستكشفا ثقافات جديدة وتشاركا في فعاليات مختلفة مثل مهرجان أكتوبر في ميونيخ وعيد القديس باتريك في دبلن. كما زارا أكثر من اثنتي عشرة دولة، بما في ذلك كرواتيا وتايلاند والبرتغال وكمبوديا والمجر.
تحديات ومكافآت السفر المستمر
خلال رحلتهما، واجه الزوجان العديد من التحديات، مثل التكيف مع ثقافات جديدة وإدارة ميزانية محدودة. ومع ذلك، تمكنا من التغلب على هذه التحديات من خلال الإبداع والمرونة. كما استفادا من فرص العمل عن بعد، مثل مجالسة المنازل والشراكات مع المدونات، لزيادة دخلهما وتمديد رحلتهما.
بعد انتهاء السنة الاستراحية الرسمية، قررا الاستمرار في السفر، حيث كانا لا يزالان يتمتعان بصحة مالية جيدة. ولكن بعد ستة أشهر، اكتشفا أنهما ينتظران طفلهما الأول. عاد الزوجان إلى الولايات المتحدة لإنجاب ابنهما، لكنهما عادا إلى السفر بعد بضعة أشهر، هذه المرة في جميع أنحاء أمريكا.
العودة إلى الحياة العملية بعد السنة الاستراحية
على الرغم من أن السنة الاستراحية كانت تجربة رائعة، إلا أنها شكلت أيضًا تحديًا عند العودة إلى الحياة العملية. واجهت بيست صعوبة في العثور على وظيفة مناسبة بعد خمس سنوات من الغياب، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي فرضتها جائحة كوفيد-19. ومع ذلك، تمكنت في النهاية من العثور على وظيفة كمساعدة تنفيذية، ثم انتقلت إلى منصب مديرة عمليات في منظمة غير ربحية.
بالإضافة إلى ذلك، أدركت بيست وزوجها أن السنة الاستراحية لم تكن مجرد استراحة من العمل، بل كانت فرصة لإعادة تقييم أهدافهما المهنية والشخصية. لقد أدركا أنهما بحاجة إلى إيجاد عمل ذي معنى يتوافق مع قيمهما واهتماماتهما. السفر المستمر ساهم في تطوير مهاراتهما في التكيف وحل المشكلات، مما جعلهما أكثر استعدادًا لمواجهة التحديات الجديدة.
في الختام، تُظهر قصة توكارا بيست وزوجها أن السنة الاستراحية يمكن أن تكون تجربة تحويلية يمكن أن تغير مسار الحياة بشكل إيجابي. ومع ذلك، من المهم التخطيط بعناية لهذه الاستراحة والاستعداد للتحديات التي قد تواجهك. من المتوقع أن يستمر الاهتمام بالسنة الاستراحية في النمو، حيث يبحث المزيد من الناس عن طرق لإعادة تقييم حياتهم وتحقيق أهدافهم. وسيكون من المثير للاهتمام متابعة كيف ستؤثر هذه الظاهرة على سوق العمل والمجتمع بشكل عام.
