تعتبر في-في لي، أستاذة ستانفورد وأحد الأسماء البارزة في مجال الذكاء الاصطناعي، رائدة في تطوير نماذج العالم (World Models) من خلال شركتها الناشئة World Labs. حققت هذه الشركة تقييمًا يتجاوز المليار دولار في غضون عام واحد من تأسيسها، مما يعكس الأهمية المتزايدة لهذا المجال. تعود قصة لي إلى جذور متواضعة، حيث هاجرت إلى الولايات المتحدة في سن الخامسة عشرة وعملت بجد لمساعدة عائلتها.

بدأت لي مسيرتها المهنية في الولايات المتحدة من خلال مساعدة والديها في إدارة مغسلة ملابس في بارسيباني، نيو جيرسي. استمرت في إدارة هذا المشروع لمدة سبع سنوات، متوازنة بين مسؤولياتها الأكاديمية ودراستها في جامعة برينستون، ثم خلال دراسة الدكتوراه في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا. هذه الفترة علمتها قيمة المثابرة والاعتماد على الذات، وهي صفات أثبتت أهميتها في مسيرتها العلمية.

رحلة في-في لي: من مغسلة ملابس إلى ريادة الذكاء الاصطناعي

لم يكن انتقال لي إلى مجال الذكاء الاصطناعي سهلاً، ولكنه كان مدفوعًا بفضولها العلمي الذي ظهر منذ الطفولة. أكدت لي في مقابلة مع بلومبرج أنها لم تكن مهتمة بالأنشطة الترفيهية التقليدية، بل كانت منغمسة في دراسة العلوم، وهو ما شكل أساس تفكيرها.

دور ImageNet في تطوير نماذج العالم

اشتهرت لي بشكل خاص بعملها على مشروع ImageNet، وهو مجموعة بيانات واسعة النطاق للصور أصبحت حجر الزاوية في تطوير خوارزميات الرؤية الحاسوبية. ترى لي أن ImageNet كان بمثابة مقدمة لـنماذج العالم، حيث يهدف إلى تزويد أنظمة الذكاء الاصطناعي بفهم أعمق للعالم المرئي من حولها.

تعتبر نماذج العالم تطوراً مهماً في مجال الذكاء الاصطناعي، حيث تسعى إلى تجاوز حدود النماذج اللغوية الكبيرة (Large Language Models) التي تعتمد بشكل أساسي على معالجة اللغة. يرى خبراء في المجال أن نماذج العالم تمنح الذكاء الاصطناعي القدرة على فهم العلاقات المكانية والتفاعل مع البيئة المحيطة بشكل أكثر فعالية.

تستند هذه النماذج إلى ما يُعرف بالذكاء المكاني، وهو قدرة الذكاء الاصطناعي على إدراك العالم من حوله، وفهمه، والاستدلال بناءً عليه، والتفاعل معه. يعتبر هذا النوع من الذكاء ضروريًا لتحقيق التقدم في تطبيقات مثل الروبوتات والقيادة الذاتية وإنشاء بيئات افتراضية غامرة.

يتماشى عمل لي مع اتجاه متزايد في أوساط الباحثين والمطورين في مجال الذكاء الاصطناعي نحو التركيز على النماذج القادرة على فهم العالم المادي. يشهد هذا التحول اهتمامًا متزايدًا من شركات التكنولوجيا الكبرى مثل Meta، حيث أعلن رئيسها العلمي يان لوكون مؤخرًا عن استقالته لإطلاق شركة ناشئة تركز على تطوير نماذج العالم.

لا يمكن فصل قصة نجاح لي عن تجربتها كـمهاجرة، حيث ساهمت في تعزيز لديها صفات مثل المرونة والمثابرة. تؤمن لي بأن هذه الصفات ضرورية للعلماء والمبتكرين، حيث أن البحث العلمي غالبًا ما يكون رحلة غير خطية تتطلب مواجهة التحديات والصعوبات.

بالإضافة إلى الذكاء الاصطناعي، يركز عمل لي على أهمية البيانات المرئية في تطوير أنظمة ذكية. تؤمن بأن الفهم البصري للعالم هو أساس العمل والإنجاز في العالم الحقيقي، وهو ما يتطلب بناء نماذج قادرة على معالجة هذه البيانات وتحويلها إلى معلومات قابلة للاستخدام.

تُعدّ World Labs الآن من بين الشركات الرائدة في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي، حيث تجذب استثمارات كبيرة وتوظف مجموعة من الخبراء الموهوبين. تفوق تقييم الشركة المليار دولار يشير إلى الثقة الكبيرة في إمكانات نماذج العالم وقدرتها على إحداث ثورة في مختلف الصناعات.

من المتوقع أن تشهد السنوات القادمة تطورات كبيرة في مجال نماذج العالم، مع زيادة التركيز على معالجة البيانات الحسية وتحسين قدرة الذكاء الاصطناعي على التفاعل مع البيئة المحيطة. سيكون من المهم متابعة الأبحاث والتطورات في هذا المجال، بالإضافة إلى الشركات الناشئة مثل World Labs التي تساهم في دفع حدود الابتكار.

في الختام، يظل مستقبل الذكاء الاصطناعي مليئًا بالفرص والتحديات. تستمر الشركات والباحثون في استكشاف طرق جديدة لتطوير أنظمة ذكية قادرة على حل المشكلات المعقدة وتحسين حياتنا. تعتبر نماذج العالم جزءًا أساسيًا من هذه الرؤية، ومن المتوقع أن تلعب دورًا حيويًا في تحقيقها. يبقى التحدي الأكبر هو ضمان تطوير هذه التقنيات بطريقة مسؤولة وأخلاقية.

شاركها.