أعلنت كيلي بلير، الرئيسة التنفيذية لمنصة “OnlyFans” الشهيرة، عن استراتيجية غير تقليدية لتحقيق أرباح ضخمة بفريق عمل صغير، تتمثل في عدم توظيف مديري المستوى المتوسط. وقد كشفت بلير عن هذه الاستراتيجية خلال حديثها في مؤتمر Web Summit الذي عُقد في لشبونة الشهر الماضي، مؤكدةً على أن نجاح الشركة يعتمد على الكفاءة وتجنب الهياكل الإدارية المعقدة. تُعتبر هذه الخطوة جزءًا من توجه أوسع في شركات التكنولوجيا الكبرى نحو تبسيط الهياكل التنظيمية لزيادة الكفاءة التشغيلية.

تأسست OnlyFans في عام 2016، وتشتهر بكونها منصة تعتمد على الاشتراكات للمحتوى الرقمي، وقد حققت إيرادات سنوية تقدر بـ 7 مليارات دولار أمريكي، وذلك بفريق عمل لا يتجاوز 42 موظفًا بدوام كامل. هذا الرقم المذهل يثير التساؤلات حول نموذج الإدارة المتبع في الشركة، وكيفية تحقيق هذا الأداء الاستثنائي برأس مال بشري محدود.

التركيز على الكفاءة التشغيلية: فلسفة OnlyFans في التوظيف

وفقًا لبلير، فإن السر وراء هذا النجاح يكمن في البحث عن المواهب الرفيعة المستوى والأفراد الطموحين ذوي الروح المعنوية العالية، مع إعطاء الأولوية للكفاءات والقدرات على الخبرة العملية التقليدية. الشركة لا تسعى لملء الفراغات في الهيكل التنظيمي بمديري المستوى المتوسط، بل تعتمد على تمكين الموظفين وتوفير بيئة عمل تشجع على الإبداع والابتكار.

تجنب “الطبقة السميكة” من الإدارة المتوسطة

أوضحت بلير أنها لا تؤمن بوجود مديري مستوى متوسط “جيدين” فعليًا، معتبرةً أنهم غالبًا ما يمثلون طبقة إضافية من البيروقراطية تعيق سير العمل وتزيد التكاليف. بدلاً من ذلك، تشجع OnlyFans موظفيها على تحمل المسؤولية الكاملة عن مشاريعهم ومهامهم، وتثمن النتائج المتميزة بغض النظر عن حجم الفريق.

تتبنى الشركة مفهومًا جديدًا للقيادة، حيث يمكن للفرد أن يكون فريقًا كاملاً ويحقق نتائج استثنائية. لا يوجد مسار وظيفي تقليدي يعتمد على الترقية إلى مناصب إدارية، بل يركز التطور المهني على تعزيز المهارات الفردية وزيادة القدرة على تقديم مساهمات قيمة للشركة. هذا النهج يتماشى مع التوجهات الحديثة في مجال إدارة الموارد البشرية، والتي تشدد على أهمية تمكين الموظفين وتشجيعهم على التطور المستمر.

تتركز قاعدة مستخدمي OnlyFans حول 400 مليون مستخدم عالميًا، ولديها أكثر من 4 ملايين من منشئي المحتوى. وقد انتقلت بلير لقيادة الشركة في عام 2023 بعد مسيرة مهنية طويلة كمحامية، مما يعكس التغيرات التي طرأت على الشركة ورغبتها في تبني استراتيجيات جديدة.

لا يقتصر هذا التوجه على OnlyFans وحدها، بل يشهد قطاع التكنولوجيا بشكل عام تحولًا نحو تبسيط الهياكل التنظيمية. فقد قامت شركات كبرى مثل مايكروسوفت وميتا وأمازون وإنتل وجوجل بخطوات مماثلة لتقليل عدد مديري المستوى المتوسط، بهدف زيادة المرونة التنظيمية وتحسين التواصل الداخلي.

ويرجع هذا الاتجاه إلى عدة عوامل، منها التطورات التكنولوجية التي تسمح بأتمتة العديد من المهام الإدارية، وزيادة التركيز على الابتكار والقدرة على التكيف مع التغيرات السريعة في السوق. كما أن الشركات تدرك أن الهياكل الإدارية المسطحة تشجع على التعاون وتبادل المعرفة بين الموظفين، مما يؤدي إلى تحسين الأداء العام.

في المقابل، يرى بعض الخبراء أن إلغاء مناصب الإدارة المتوسطة قد يؤدي إلى فقدان بعض الخبرات القيادية وصعوبة في التنسيق بين الفرق المختلفة. ويرون أن وجود مديري المستوى المتوسط ضروري لضمان سير العمل بانتظام وتحقيق الأهداف المحددة.

ومع ذلك، يبدو أن شركات التكنولوجيا الكبرى تولي أهمية أكبر للسرعة والمرونة على حساب الهياكل الإدارية التقليدية. وهذا يعكس التحول الشامل الذي يشهده عالم الأعمال، حيث أصبحت القدرة على التكيف والابتكار هي مفتاح النجاح.

من المتوقع أن تستمر شركات التكنولوجيا في تقييم هياكلها التنظيمية وتبني نماذج جديدة تزيد من الكفاءة وتقلل التكاليف. وسيكون من المثير للاهتمام متابعة تأثير هذه التغييرات على أداء الشركات وقدرتها على المنافسة في السوق العالمية. كما يجب مراقبة ما إذا كانت هذه الاستراتيجية ستنجح على المدى الطويل وتساهم في تحقيق أهداف النمو المستدامة.

شاركها.