تواجه مدارس تدريب الطائرات المسيرة في أوكرانيا، والتي تُعدّ مشغليها للمعركة ضد روسيا، تهديدات متزايدة، مما يدفعها إلى اتخاذ إجراءات حماية مشددة للحفاظ على سرية المعلومات وتأمين منشآتها. ويتجلى هذا الخطر في الضربات الروسية المتواصلة التي تستهدف البنية التحتية المدنية والعسكرية في جميع أنحاء أوكرانيا، بما في ذلك المواقع بعيدة عن خطوط القتال المباشرة. ويبرز دور تدريب الطائرات المسيرة كعنصر حيوي في قدرة أوكرانيا على مواجهة هذا التهديد، لكنه في الوقت ذاته يجعل هذه المدارس أهدافًا رئيسية.
شهدت ساحة المعركة الأوكرانية انتشارًا واسعًا للطائرات المسيرة، وأصبح مشغلوها من الأهداف ذات الأولوية للقوات الروسية. بالتالي، فإن المدارس التي تقوم بتدريبهم تعتبر أيضًا أهدافًا محتملة. وقد صرح مسؤولون من ثلاث مدارس لتدريب الطائرات المسيرة لـ “Business Insider” بأنهم يتخذون تدابير وقائية لتجنب التعرض لضربات.
مدارس الطائرات المسيرة الأوكرانية تتخذ تدابير أمنية مشددة
توضح تيتيانا، وهي محاربة قديمة أوكرانية وتشغل منصب رئيس قسم البحث والتطوير في “Dronarium”، وهي مدرسة لتدريب الطائرات المسيرة لها مقرات في كييف ولفيف، أن المدرسة تتبع قواعد سلامة صارمة لأن “جميع أنحاء أوكرانيا غير آمنة من حيث الصواريخ والطائرات المسيرة”. وأضافت أن هذا الوضع يتطلب بذل جهود متواصلة للحفاظ على أمن المتدربين والموظفين.
وأشار دميترو سيديوك، رئيس قسم التعليم في “Dronarium”، إلى أن التدابير الأمنية، بما في ذلك عدم الكشف عن المواقع الدقيقة لمراكز التدريب وتغييرها “من وقت لآخر”، ضرورية لمنع روسيا من التدخل في عملية التدريب. هذه التدابير تهدف إلى الحفاظ على استمرارية التدريب وتوفير بيئة آمنة للمتدربين.
التهديد الروسي المتزايد وتأثيره على التدريب
تعمل المدارس أيضًا على حماية بياناتها من خلال منع التقاط الصور ومقاطع الفيديو التي قد تكشف عن مواقع المرافق. هذا الإجراء يهدف إلى منع الاستخبارات الروسية من الحصول على معلومات قد تساعدها في توجيه الضربات. بالإضافة إلى ذلك، فقد ورد ذكر “Dronarium” في مدونات عسكرية روسية، وهي حسابات مؤثرة تؤيد الحرب وتنشر تفاصيل العمليات والتعليقات.
وقد تم تحديد “Rybar”، وهي وسيلة إعلامية تضم 1.5 مليون مشترك على موقع “Telegram”، كجهة ذكرت “Dronarium” كمثال على جهود تدريب الطائرات المسيرة في أوكرانيا. الجدير بالذكر أن المملكة المتحدة فرضت عقوبات على “Rybar”، والتي اعتبرتها عملية معلوماتية مدعومة جزئيًا من الحكومة الروسية. ويذكر أن الولايات المتحدة عرضت ما يصل إلى 10 ملايين دولار مقابل معلومات حول هذه المجموعة.
أفادت تيتيانا بأن وسائل الإعلام الروسية بدأت في الكتابة عن المدرسة منذ عام 2022، وهو العام الذي بدأت فيه روسيا غزوها واسع النطاق لأوكرانيا. وشددت على أن هذا الاهتمام من جانب روسيا يدل على خوفها من قدرات المدرسة، ولكنه يؤكد أيضًا أنها أصبحت هدفًا على الرادار الروسي. وتؤكد المدرسة على الالتزام الصارم بقواعد الأمن السيبراني، بالإضافة إلى قواعد السلامة العامة، حيث يتم تعليق جميع الأنشطة التدريبية في حالة إطلاق صافرات الإنذار بالهجوم الجوي، ويتم إجلاء الجميع إلى أماكن آمنة.
يشير فيتالي بيرفاك، الرئيس التنفيذي لمدرسة “Karlsson, Karas & Associates” للتدريب، إلى أن إجراءات السلامة ضرورية لأن “الروس يصطادون باستمرار الأماكن التي يتجمع فيها العسكريون”. وأكد على أهمية الحفاظ على سرية معلومات الموقع والموظفين، مشيرًا إلى أن بعض الموظفين قد يكون لديهم أقارب أو معارف في الأراضي المحتلة قد يتعرضون للتعذيب من قبل الروس للحصول على معلومات تتعلق بالمعارضة الروسية.
وتشمل إجراءات الأمن الإضافية إجراء مقابلات أمنية للكشف عن الكذب باستخدام جهاز كاشف الكذب لجميع العاملين في المدرسة، بما في ذلك عمال النظافة. وتساهم هذه الخطوة في تقليل المخاطر المحتملة وتسريع عملية التحقق من سلامة الموظفين.
ويؤكد فيكتور تارن، الرئيس التنفيذي لمركز “Kruk Drones UAV” لتدريب الطائرات المسيرة، على أن “روسيا مهتمة بتدميرنا”، مشيرًا إلى أن استمرار عمل المركز يعود بفضل الدفاعات الجوية الأوكرانية.
الطائرات المسيرة أصبحت عنصرا أساسيا في الحرب الحديثة، وتحديداً في الصراع الدائر في أوكرانيا. التحكم بالطائرات بدون طيار يتطلب تدريباً متخصصاً ومستمرًا، وهو ما تقدمه هذه المدارس. مستقبل الحرب يعتمد بشكل متزايد على هذه التقنيات، مما يزيد من أهمية هذه المراكز التدريبية.
ومع استمرار الصراع في أوكرانيا، من المتوقع أن تواصل روسيا استهداف البنية التحتية العسكرية والمدنية. سيستمر التركيز على حماية هذه المدارس وتأمين استمرار عملية التدريب، مما يتطلب جهودًا متواصلة من الجانب الأوكراني لتحسين القدرات الدفاعية وتطوير استراتيجيات جديدة لمواجهة التهديد المتزايد. وستظل قدرة أوكرانيا على تدريب مشغلي الطائرات المسيرة بكفاءة حاسمة في تحديد مسار الحرب.
