توقعت جانيت كونغ، الرئيسة التنفيذية لشركة “هنغلي بتروكيميكال إنترناشونال”، أن يظل الطلب على النفط في الصين ضعيفًا على الأقل حتى منتصف العام المقبل، مما يثير مخاوف بشأن آفاق أسواق الطاقة العالمية. جاء هذا التحذير على هامش قمة السلع الآسيوية التي عقدت في سنغافورة، حيث أكدت كونغ على أن أي تحسن كبير في الطلب يتوقف على تدخل حكومي جديد.
وأشارت كونغ إلى عدم وجود عوامل إيجابية واضحة في الأفق حاليًا، مضيفة أن السياسات الحكومية تظل هي المحرك الرئيسي للتغيير في السوق الصينية. وتعد الصين أكبر اقتصاد في آسيا وثاني أكبر مستورد للنفط في العالم، مما يجعل أي تغيير في طلبها له تداعيات كبيرة على الأسعار والإمدادات العالمية.
تراجع الطلب على النفط في الصين وتأثيره على السوق العالمية
يعكس تباطؤ الطلب على النفط في الصين مزيجًا من التحديات الاقتصادية والهيكلية. فقد أثر تباطؤ النمو الاقتصادي الصيني، الناتج جزئيًا عن سياسات “صفر كوفيد” السابقة، على النشاط الصناعي والاستهلاكي، وبالتالي على استهلاك الوقود.
أسباب ضعف الطلب
بالإضافة إلى ذلك، أدت الحرب التجارية مع الولايات المتحدة إلى زيادة حالة عدم اليقين وتعطيل سلاسل الإمداد، مما أثر سلبًا على الاستثمار والإنتاج. كما أن التحول المتزايد نحو المركبات الكهربائية في قطاع النقل يقلل من الاعتماد على البنزين والديزل، مما يؤثر بشكل مباشر على الطلب على النفط الخام.
ولم يقتصر التباطؤ على قطاع النقل فقط. حتى قطاع البتروكيماويات، الذي غالبًا ما يُنظر إليه على أنه محرك للطلب على النفط، يعاني حاليًا من فائض في الطاقة الإنتاجية، مما يزيد الضغط على أسعار النفط.
دور السياسات الحكومية في تحفيز الطلب
تترقب الأسواق الصينية ما يعرف بـ “الجلسات الثنائية” السنوية، وهما الاجتماعات الرئيسية للمجلس الوطني لنواب الشعب الصيني والمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني، لمعرفة ما إذا كانت الحكومة ستعلن عن حزم تحفيز اقتصادي جديدة.
أشارت كونغ إلى أن أي قرار بالسماح لمصافي النفط الصينية بزيادة حصص تصدير الوقود يمكن أن يؤدي إلى ارتفاع الطلب على النفط الخام، وبالتالي دعم الأسعار. ومع ذلك، فإن هذه الخطوة تتطلب موافقة الحكومة، ولا يوجد ضمان بتحقيقها.
الاحتياطيات الاستراتيجية للصين: عامل غير حاسم
على الرغم من أن الصين قد تلجأ إلى شراء المزيد من النفط لتعزيز احتياطياتها الاستراتيجية، إلا أن كونغ شددت على أن هذا الإجراء قد لا يكون كافيًا لتحريك السوق بشكل كبير. فالمخزونات الصينية الحالية مرتفعة بالفعل، وبالتالي فإن الحاجة الملحة لشراء المزيد من النفط ليست موجودة.
وفقًا لتحليلات سابقة، فإن قرار بكين بزيادة احتياطياتها النفطية سيكون مدفوعًا بشكل كبير بالاعتبارات السياسية والاستراتيجية وليس بالضرورة بالطلب الفعلي. يعني هذا أن أي زيادة في الاحتياطيات ستكون محدودة وموجهة بشكل انتقائي.
أضافت كونغ أن أسواق النفط تراقب باستمرار تطورات سياسة الصين الطاقوية، بالإضافة إلى المؤشرات الاقتصادية العالمية التي قد تؤثر على الطلب العام على النفط، مثل أسعار الفائدة والتضخم.
نظرة مستقبلية وتوقعات الأسعار
تظل التوقعات بشأن مستقبل أسعار النفط غير مؤكدة في ظل هذه الظروف. يبقى التطور الاقتصادي في الصين هو العامل الأكثر أهمية، حيث أن أي انتعاش قوي في النمو يمكن أن يؤدي إلى زيادة كبيرة في الطلب على الطاقة.
تشير التقديرات الحالية إلى أن السوق الصينية ستستمر في تقييم الوضع حتى “الجلسات الثنائية” المتوقعة في أوائل العام المقبل. يجب مراقبة أي إشارات حول حزم التحفيز، وتعديلات سياسات التصدير، ومستويات الشراء من الاحتياطيات الاستراتيجية لتحديد الاتجاه المستقبلي لـ سوق الطاقة. بالإضافة إلى ذلك، من المهم متابعة التطورات في قطاع المركبات الكهربائية وتأثيرها على الطلب طويل الأجل على النفط.
