لا يوجد يقين في الأسواق المالية، لكن التوقعات تشير بقوة إلى أن بنك الاحتياطي الفيدرالي قد يخفض أسعار الفائدة مرة أخرى في العام المقبل. ومع ذلك، يرى خبراء الاقتصاد أن هذا الخفض قد لا يترجم إلى انخفاض مماثل في أسعار الفائدة طويلة الأجل، مما يثير تساؤلات حول فعالية هذه السياسة في تحفيز الاقتصاد وتقليل أعباء الديون.

تأتي هذه التوقعات في ظل ضغوط متزايدة على الفيدرالي من جانب الإدارة الأمريكية، وعلى رأسها الرئيس دونالد ترامب، الذي يضغط من أجل خفض أسعار الفائدة لدعم سوق الأسهم وتخفيض تكلفة الدين العام. بالإضافة إلى ذلك، يرى البعض أن خفض أسعار الفائدة قد يكون ضرورياً لتجنب أزمة ائتمانية محتملة، خاصةً مع ارتفاع مستويات الديون.

توقعات متباينة حول تأثير خفض أسعار الفائدة

على الرغم من توقعات خفض أسعار الفائدة قصيرة الأجل، يتوقع معظم المحللين أن عائد سندات الخزانة الأمريكية لأجل 10 سنوات لن يشهد انخفاضاً كبيراً. يعود ذلك إلى أن أسعار الفائدة طويلة الأجل تتأثر بمجموعة متنوعة من العوامل، تتجاوز مجرد توقعات أسعار الفائدة قصيرة الأجل.

من بين هذه العوامل، توقعات التضخم المستقبلية، ومخاطر التضخم، بالإضافة إلى علاوة المخاطرة التي يطالب بها المستثمرون مقابل حيازة أصول طويلة الأجل تعتبر أكثر تقلبًا. ووفقًا لتقرير صادر عن وزارة الخزانة، فإن ارتفاع التضخم المستقبلي يمثل تهديدًا كبيرًا للاقتصاد.

التباين بين أسعار الفائدة القصيرة والطويلة

تعد العلاقة بين أسعار الفائدة القصيرة والطويلة معقدة وليست دائمًا بديهية. تاريخياً، كانت أسعار الفائدة طويلة الأجل تميل إلى متابعة أسعار الفائدة القصيرة التي يحددها الفيدرالي. ومع ذلك، في الآونة الأخيرة، شهدنا فجوة متزايدة بينهما، حيث ارتفعت عوائد السندات طويلة الأجل حتى في ظل توقعات خفض أسعار الفائدة قصيرة الأجل.

يعزو بعض الخبراء هذا التباين إلى الشكوك حول مدى التزام الفيدرالي بمعالجة التضخم بفعالية. بينما يعتقد آخرون أن العوامل الأساسية، مثل ارتفاع الإنفاق الحكومي وزيادة المعروض من السندات، تلعب دوراً أكبر في تحديد أسعار الفائدة طويلة الأجل. يشير تقرير حديث لبنك الاستثمار XYZ إلى أن زيادة إصدار السندات الحكومية ستزيد من الضغط على عوائدها.

العوامل المؤثرة على أسعار الفائدة طويلة الأجل

بالإضافة إلى السياسة النقدية، تتأثر أسعار الفائدة طويلة الأجل بعوامل اقتصادية أخرى. من بين هذه العوامل، النمو الاقتصادي العالمي، والاستقرار السياسي، وتدفقات رأس المال الدولية. وتشير بيانات البنك الدولي إلى أن تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي قد يؤدي إلى ارتفاع عوائد السندات الأمريكية.

يزيد أيضاً من الضغط على أسعار الفائدة التركيبة السكانية، حيث قد يؤدي شيخوخة السكان إلى زيادة الطلب على السندات، وبالتالي خفض عوائدها. على الرغم من ذلك، فإن هذا التأثير قد يكون أقل وضوحاً في الوقت الحالي، حيث أن أسواق السندات تتأثر بشكل كبير بالعوامل المذكورة أعلاه. يتوقع صندوق النقد الدولي أن يستمر هذا الاتجاه في المستقبل القريب.

قد يلجأ المستثمرون إلى السندات الحكومية كملاذ آمن في أوقات عدم اليقين الاقتصادي. ومع ذلك، فإن زيادة المعروض من السندات، بسبب ارتفاع الدين العام، قد تقلل من جاذبيتها، وارتفاع عوائدها. يتطلب ذلك توازناً دقيقاً بين السياسة المالية والنقدية.

الخلاصة، على الرغم من التوقعات بحدوث خفض في أسعار الفائدة على المدى القصير، فمن المرجح أن تظل أسعار الفائدة طويلة الأجل مرتفعة نسبياً. لذلك، من المتوقع أن يراقب الفيدرالي عن كثب التطورات الاقتصادية والإشارات من سوق السندات، قبل اتخاذ أي خطوات إضافية. من المرجح أن يتم تقييم فعالية السياسة النقدية في الأشهر المقبلة، مع التركيز بشكل خاص على تأثيرها على التضخم والنمو الاقتصادي.

شاركها.