أعرب صندوق النقد الدولي عن قلقه بشأن تأثير انخفاض قيمة اليوان الصيني على الاقتصاد العالمي، مشيراً إلى أن هذا الانخفاض ساهم في ازدهار الصادرات الصينية وتفاقم الاختلالات التجارية. يأتي هذا التحذير في وقت يواجه فيه الاقتصاد الصيني تحديات تتعلق بالطلب المحلي والتضخم، بينما يحقق فائضاً تجارياً قياسياً.

جاءت تصريحات صندوق النقد الدولي عقب انتهاء المراجعة السنوية لاقتصاد الصين، حيث أكد المسؤولون أن ضعف التضخم في الصين مقارنةً بدولها التجارية أدى إلى تراجع القيمة الحقيقية لليوان. ودعا الصندوق بكين إلى اتخاذ إجراءات لتحفيز الاستهلاك المحلي والسماح بمزيد من المرونة في سعر الصرف.

تحذيرات صندوق النقد الدولي بشأن اليوان الصيني

أكدت كريستالينا غورغييفا، مديرة صندوق النقد الدولي، أن الصين، باعتبارها ثاني أكبر اقتصاد في العالم، لا يمكنها الاعتماد بشكل كامل على الصادرات لتحقيق النمو. وأضافت أن استمرار هذا الاعتماد قد يؤدي إلى زيادة التوترات التجارية على مستوى العالم. ومع ذلك، أوضح الصندوق أنه لم يوصِ بشكل مباشر برفع قيمة اليوان.

تأتي هذه التحذيرات في ظل اتهامات متزايدة للصين بالتلاعب بقيمة عملتها لتعزيز صادراتها، وهي اتهامات سبق أن وجهها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب. يبدو أن صندوق النقد الدولي يشارك هذه المخاوف، حيث يرى أن اليوان قد يكون مقوماً بأقل من قيمته الحقيقية.

تراجع قيمة اليوان وتأثيره على التجارة

هبط سعر الصرف الفعلي لليوان، مع الأخذ في الاعتبار التضخم، إلى أدنى مستوى له منذ أكثر من عقد. يعزى هذا التراجع إلى استمرار انخفاض الأسعار في الصين، مما زاد من قدرتها التنافسية في الأسواق العالمية. وقد ارتفع فائض التجارة الصيني إلى مستوى قياسي يتجاوز تريليون دولار خلال الأشهر الـ 11 الأولى من العام الحالي.

يثير هذا الفائض التجاري مخاوف لدى الدول الأخرى التي ترى أن صناعاتها المحلية تواجه صعوبة في المنافسة مع الصادرات الصينية الرخيصة. وتتبع الصين سياسة “التعويم المُدار” لليوان، مما يسمح لها بالتدخل في سوق الصرف والتأثير على قيمته.

مرونة سعر الصرف وأهميتها

لطالما دعا صندوق النقد الدولي الصين إلى زيادة مرونة سعر صرف عملتها. وقبل عقد من الزمان، تراجع الصندوق عن موقفه السابق الذي كان يرى أن اليوان مقوم بأقل من قيمته، وذلك قبل إدراجه في سلة حقوق السحب الخاصة للعملات الاحتياطية. وتؤكد غورغييفا على أهمية أن يكون سعر الصرف “قائماً على السوق ويعكس الأساسيات الاقتصادية”.

تشير تقديرات صندوق النقد الدولي إلى أن اليوان مقوم بأقل من قيمته بنسبة 8.5%، بناءً على فائض حساب جاري بلغ 2.3% من الناتج المحلي الإجمالي في العام الماضي. وقد ارتفع هذا الفائض إلى 3.4% في الربع الثالث من هذا العام، وهو أعلى مستوى منذ أواخر عام 2010، وفقاً لحسابات بلومبرغ. هذه الأرقام تؤكد الحاجة إلى معالجة الاختلالات التجارية.

توقعات النمو الاقتصادي للصين

على الرغم من هذه التحديات، يتوقع صندوق النقد الدولي أن يحقق الاقتصاد الصيني نمواً قوياً في السنوات القادمة. فقد رفع الصندوق توقعاته للنمو في عام 2025 إلى 5%، وفي عام 2026 إلى 4.5%، وذلك بفضل قوة الصادرات والحوافز المالية التي اتخذتها الحكومة الصينية. وتتوقع سونالي جين-شاندرا، رئيسة بعثة صندوق النقد الدولي للصين، أن زيادة الطلب المحلي ستعيد تنشيط الاقتصاد، وترفع التضخم، وتؤدي إلى ارتفاع سعر الصرف الحقيقي لـ اليوان.

بالإضافة إلى ذلك، يراقب الصندوق عن كثب تطورات السياسة النقدية في الصين وتأثيرها على الاستقرار المالي العالمي. من المتوقع أن يستمر صندوق النقد الدولي في تقديم المشورة للصين بشأن إدارة سعر الصرف وتعزيز الاستهلاك المحلي خلال الأشهر القادمة، مع التركيز على تحقيق توازن مستدام في الاقتصاد الصيني.

في الختام، من المرجح أن يظل موضوع قيمة اليوان الصيني والاختلالات التجارية على جدول أعمال المفاوضات الدولية في المستقبل القريب. سيكون من المهم مراقبة رد فعل الحكومة الصينية على توصيات صندوق النقد الدولي، وكيف ستؤثر هذه الردود على النمو الاقتصادي العالمي.

شاركها.