تواجه شركة “إنفيديا” (Nvidia) ضغوطًا متزايدة في سوق أشباه الموصلات، خاصةً مع تصاعد المنافسة في مجال رقائق الذكاء الاصطناعي. هذا الأمر بدأ يؤثر على ثقة المستثمرين وأداء سهم الشركة في البورصة، مما يثير تساؤلات حول استمرار هيمنتها على هذا القطاع الحيوي.

انخفض سهم “إنفيديا” بنسبة 2.6٪ يوم الثلاثاء، بعد تقارير أشارت إلى التقدم السريع الذي تحرزه معالجات الذكاء الاصطناعي المطورة في “ألفابت”. ومنذ بداية شهر نوفمبر، تراجعت القيمة السوقية للشركة بأكثر من 700 مليار دولار، مما يعكس قلقًا متزايدًا بشأن فقاعة محتملة في الإنفاق على الذكاء الاصطناعي، بالإضافة إلى استثمارات “إنفيديا” في شركات ناشئة مثل “أوبن إيه آي” التي تعتبر أيضًا من عملائها.

تحديات تقييم “إنفيديا” وسط النمو القوي في سوق الذكاء الاصطناعي

يقول خبراء التحليل المالي أن تقييم “إنفيديا” كان يعتمد بشكل كبير على قدرتها على الحفاظ على حصتها في السوق. وأشار آدم سرحان، الرئيس التنفيذي لشركة “50 بارك إنفستمنتس”، إلى أنه في حال بدأت الشركة بفقدان جزء من هذه الحصة، سيعيد المستثمرون تقييم توقعات النمو المستقبلية وبالتالي القيمة السوقية للشركة.

في الوقت الحالي، يتداول سهم “إنفيديا” بمضاعف ربحية أقل من متوسط مجموعة “العظماء السبعة” (Magnificent Seven) التي تضم كبرى شركات التكنولوجيا الأمريكية، وهو الأسوأ أداءً بين شركات المجموعة خلال الشهر الجاري.

لكن على الرغم من ذلك، لا تزال “إنفيديا” تتفوق بشكل كبير على منافسيها من حيث الإيرادات ونمو الأرباح. من المتوقع أن ترتفع إيرادات الشركة هذا العام بنسبة 63٪، وهي الأعلى في المجموعة، مقارنة بـ 21٪ فقط لشركة “ميتا”.

يؤكد سرحان أن هذا النمو القوي يجعل سهم “إنفيديا” يبدو مقومًا بأقل من قيمته الحقيقية، خاصةً بالنظر إلى إمكاناته المستقبلية في قطاع الحوسبة.

ثقة المستثمرين لا تزال مرتفعة

على الرغم من هذه التحديات، لا يزال محللو وول ستريت متفائلين بشأن مستقبل “إنفيديا”. فقد ارتفعت توقعات الأرباح للسنة المالية القادمة بنسبة 12% مقارنة بالأسبوع السابق، ويوصي 74 من أصل 80 محللاً بشراء السهم.

حتى المحلل الأكثر تشاؤمًا، جاي غولدبرغ من شركة “سيبورت غلوبال سيكيوريتيز”، رفع تقديراته بعد نتائج “إنفيديا” الأخيرة، لكنه ما زال يحافظ على موقفه الحذر. ويرى غولدبرغ أن التحول من نقص المعروض إلى فائضه في سوق الرقائق قد يكون نقطة تحول في الدورة السوقية، متوقعًا حدوث ذلك في عام 2026.

تطوير بدائل لرقائق “إنفيديا”

تأتي هذه المنافسة المتزايدة في أعقاب ظهور نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدية مثل “تشات جي بي تي”، والتي أدت إلى زيادة الطلب على رقائق الذكاء الاصطناعي المتقدمة. ويشكل هذا الطلب جزءًا كبيرًا من نفقات رأس المال لشركات التكنولوجيا الكبرى مثل “ألفابت” و”ميتا” و”مايكروسوفت” و”أمازون”، والتي من المتوقع أن تتجاوز 400 مليار دولار في الفصول الأربعة القادمة.

تسعى شركات التكنولوجيا الكبرى، التي تعد من أكبر عملاء “إنفيديا”، إلى تطوير رقائقها الخاصة بمساعدة شركات مثل “برودكوم”. وتتوقع شركة “أدفانسد مايكرو ديفايسز”، المنافس الأقرب لـ”إنفيديا” في مجال رقائق الذكاء الاصطناعي، أن تحقق إيرادات بـ”عشرات المليارات” من الدولارات سنويًا بحلول عام 2027.

“إنفيديا” تتجاوز التوقعات ولكن المنافسة تزداد حدة

على الرغم من المنافسة، لم تظهر حتى الآن أي مؤشرات على أن ذلك يؤثر سلبًا على مبيعات “إنفيديا”. فقد توقعت الشركة الأسبوع الماضي أن تصل إيراداتها إلى حوالي 65 مليار دولار في الربع الحالي، متجاوزة توقعات وول ستريت بنحو 3 مليارات دولار. ومعظم هذه الإيرادات تأتي من رقائق الذكاء الاصطناعي.

وردًا على ذلك، أعرب متحدث باسم “إنفيديا” عن سعادته بنجاح “جوجل”، مؤكدًا استمرار الشركة في تزويدها بمنتجاتها. وأضاف أن “إنفيديا” لا تزال متقدمة على المنافسين بتقنية كاملة، وأنها المنصة الوحيدة التي تدعم جميع نماذج الذكاء الاصطناعي في مختلف التطبيقات الحسابية.

ويرى المستثمرون المتفائلون أن التفوق التقني الكبير لـ”إنفيديا” والطلب المتزايد على البنية التحتية للحوسبة يضمن مستقبلًا واعدًا للشركة، حتى مع سعي المنافسين لتقليل هيمنتها في سوق **إنفيديا**.

يقول بيتر توز، رئيس ومدير محفظة في شركة “تشيس إنفستمنت كاونسل”، إن القلق بشأن تباطؤ النمو قد يدفع بعض المستثمرين إلى التراجع، لكن النمو القوي لـ”إنفيديا” يجعلها سهمًا استثماريًا واعدًا.

في الختام، على الرغم من التحديات القصيرة الأجل والضغوط المتزايدة من المنافسين، لا تزال “إنفيديا” تتمتع بمكانة قوية في سوق **أشباه الموصلات** وقطاع الذكاء الاصطناعي. ستكون نتائج الشركة في الربع الحالي، وتطورات المنافسة، ومستويات الإنفاق على الذكاء الاصطناعي من قبل الشركات الكبرى، هي العوامل الرئيسية التي يجب مراقبتها لتقييم مستقبل الشركة في الأشهر والسنوات القادمة.

شاركها.