شهدت أسعار الفضة تقلبات كبيرة في تعاملات الأربعاء، حيث ارتفعت إلى مستوى قياسي غير مسبوق قبل أن تشهد تراجعًا ملحوظًا مع ترقب المستثمرين لبيانات اقتصادية أمريكية هامة. يأتي هذا التحرك في الوقت الذي حافظ فيه الذهب على استقراره النسبي. يعكس هذا التذبذب الدقيق ديناميكيات السوق المعقدة وتأثرها بالتوقعات الاقتصادية العالمية.
وجاء الانخفاض في سعر المعدن الأبيض، الذي وصل إلى 1.6%، بعد بلوغه ذروة سعرية بلغت 58.9471 دولار للأونصة خلال الجلسة نفسها. يرجع هذا التراجع بشكل أساسي إلى انتظار المستثمرين للإعلان عن أرقام اقتصادية أمريكية كانت قد أُجّلت بسبب الإغلاق الجزئي للحكومة الأمريكية، بهدف الحصول على تقييم أكثر دقة لقوة الاقتصاد الأمريكي.
سعر الفضة والبيانات الاقتصادية الأمريكية
من المتوقع أن يتم الكشف عن بيانات الوظائف والإنتاج الصناعي في وقت لاحق من اليوم. ستوفر هذه البيانات رؤى قيمة حول أداء القطاعات الرئيسية في الاقتصاد الأمريكي، مما قد يؤثر بشكل كبير على قرارات الاستثمار في المعادن الثمينة. تحليل هذه الأرقام سيكون حاسماً في تحديد مسار أسعار الفضة في المدى القصير.
إضافة إلى ذلك، تشير التوقعات إلى احتمال قيام الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بخفض أسعار الفائدة في اجتماعه القادم. وتعزز هذه التوقعات فكرة أن السياسة النقدية الأمريكية قد تتجه نحو مزيد من التيسير، وهو ما يدعم عادةً أسعار المعادن الثمينة.
تأثير تعيين رئيس جديد للاحتياطي الفيدرالي
يتوقع البعض أيضًا أن يعكس المرشح المحتمل لرئاسة الاحتياطي الفيدرالي توجهات الرئيس الأمريكي دونالد ترمب الداعمة للتيسير النقدي. وربما يبني هذا المرشح على الإرث المالي للإدارة السابقة، مما يؤدي إلى مزيد من التخفيضات في أسعار الفائدة بعد انتهاء ولاية جيروم باول في مايو.
تستفيد الفضة والذهب تقليديًا من انخفاض أسعار الفائدة، حيث لا يدران عوائد مباشرة مثل السندات أو الودائع. وبالتالي، يميل المستثمرون إلى اللجوء إلى هذه المعادن كملاذ آمن في بيئة أسعار فائدة منخفضة.
تحديات في إمدادات الفضة
شهدت أسعار الفضة ارتفاعًا ملحوظًا في الأسابيع الأخيرة مدفوعًا بمخاوف بشأن نقص الإمدادات. وخلال الشهر الماضي، سجلت مخزونات الفضة في بورصة لندن تدفقًا قياسيًا، مما أدى إلى ضغوط على قدرات التخزين في الأسواق الأخرى. هذا النقص المحتمل في المعروض قد يدعم الأسعار على المدى المتوسط.
وبحسب التقارير، انخفضت المخزونات في مستودعات مرتبطة ببورصة شنغهاي للمعادن إلى أدنى مستوى لها منذ أكثر من عقد. وتوضح هذه البيانات حالة الإقبال المتزايد على الفضة، خاصة في الأسواق الناشئة.
وقد أظهرت بيانات حديثة من بلومبرغ أن حيازات صناديق المؤشرات المتداولة المدعومة بالفضة ارتفعت بنحو 200 طن يوم الثلاثاء، لتصل إلى أعلى مستوياتها منذ عام 2022. يشير هذا الارتفاع إلى استمرار الثقة في الفضة كأصل استثماري.
صرح أحمد عسيري، استراتيجي في مجموعة “بيبرستون” بأن “المضاربين يفضلون الأسواق التي لا تستمر فيها الانخفاضات لفترة طويلة، حيث أن أي تراجع طفيف في السعر يصاحبه نقص كبير في الإمدادات، مما يؤدي إلى سرعة تعافي الأسعار وزيادة التقلبات”.
وفي نهاية تعاملات الأربعاء، تراجعت أسعار الفضة بنسبة 0.4% لتصل إلى 58.2241 دولار للأونصة، في حين استقر سعر الذهب عند 4205.36 دولار للأونصة بعد تراجع استمر ليومين. وشهد البلاديوم انخفاضًا أيضًا، بينما ظل البلاتين ثابتًا. وانخفض مؤشر بلومبرغ للدولار الفوري بنسبة 0.3%.
هناك حالة من الترقب الحذر في الأسواق، حيث يراقب المستثمرون عن كثب البيانات الاقتصادية الأمريكية المرتقبة. من المتوقع أن يكون لهذه البيانات تأثير كبير على أسعار الفضة والمعادن الثمينة الأخرى، وعلى قرارات السياسة النقدية للاحتياطي الفيدرالي. ستوفر البيانات تفصيلاً حول قوة الاقتصاد، وتحديد احتمال التيسير النقدي في المستقبل القريب. ينبغي متابعة تطورات هذه البيانات وتقييم تأثيرها على الأسواق المالية.
