تراجع سعر الذهب بشكل ملحوظ اليوم، بعد فترة من التفاؤل بشأن احتمال خفض أسعار الفائدة من قبل مجلس الاحتياطي الفيدرالي في اجتماعه القادم. وأنهى المعدن النفيس مكاسبه الأخيرة، مما أدى إلى تقليص أول صعود أسبوعي له في شهر. ويعزى هذا الانخفاض إلى استمرار حالة عدم اليقين بشأن البيانات الاقتصادية، خاصةً بعد فترة الإغلاق الحكومي الطويلة في الولايات المتحدة.
سجل الذهب انخفاضًا إلى ما دون 4060 دولارًا للأونصة، بينما تراجع سعر الفضة أيضًا، على الرغم من حفاظه على مكاسب تقدر بنحو 5٪ خلال الأسبوع. يأتي هذا التطور في وقت يشهد فيه سوق المعادن الثمينة تقلبات كبيرة بسبب عوامل متعددة تؤثر على قرارات المستثمرين.
تراجع رهانات خفض أسعار الفائدة يؤثر على سعر الذهب
تضاءلت التوقعات بشأن قيام الاحتياطي الفيدرالي بخفض أسعار الفائدة في ديسمبر الجاري، وذلك بعد تصريحات متباينة من مسؤولي البنك المركزي الأمريكي. أشار بعضهم إلى الحاجة إلى مزيد من البيانات الاقتصادية الموثوقة قبل اتخاذ أي قرار، بينما دعا آخرون إلى الحفاظ على الوضع الراهن.
صرح نيل كاشكاري، رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في مينيابوليس، بأن القرار بشأن اجتماع الشهر المقبل لا يزال قيد الدراسة. في المقابل، دعت بيث هاماك، نظيرته في كليفلاند، إلى عدم إجراء أي تغيير على أسعار الفائدة الحالية. تجدر الإشارة إلى أن ارتفاع أسعار الفائدة يُقلل عادةً من جاذبية الذهب، الذي لا يُدر عائدًا.
تباين الآراء بين المتعاملين
أظهرت استطلاعات الرأي انقسامًا واضحًا بين المتعاملين في السوق حول احتمالية خفض الفائدة في ديسمبر. فبعد أن كانت التوقعات ترجح خفضًا بمقدار ربع نقطة قبل أقل من شهر، تبدو هذه الاحتمالية أقل وضوحًا الآن. وينصب التركيز حاليًا على التصريحات المتوقعة من ثلاثة مسؤولين في الاحتياطي الفيدرالي يوم الجمعة، بمن فيهم جيفري شميد، العضو ذو حق التصويت.
بالإضافة إلى ذلك، يترقب المستثمرون جدول إصدار البيانات الاقتصادية التي تأخر نشرها بسبب الإغلاق الحكومي الأمريكي. وفقًا لتوقعات تو لان نغوين، رئيسة أبحاث العملات والسلع في شركة “كومرتس بنك”، فإن نقص البيانات الموثوقة قد يدفع معظم المسؤولين إلى تأجيل أي قرار بشأن خفض أسعار الفائدة حتى تتضح الرؤية بشكل أكبر.
تقلبات سوق الذهب وضغط غاما
شهد سعر الذهب تقلبات ملحوظة خلال الأسبوع الجاري، يعزى جزء منها إلى ما يُعرف بـ”ضغط غاما”. هذا المصطلح يشير إلى نمط فني يجبر الوسطاء الذين باعوا خيارات منخفضة التكلفة على شراء عقود الذهب الآجلة للتحوط من المخاطر.
في ظل ضعف السيولة في السوق، يمكن أن يؤدي أي ارتفاع مفاجئ في الأسعار إلى زيادة الطلب على الشراء، مما قد يتسبب في موجة صعود حتى في غياب طلب فعلي جديد من المستثمرين. وأشار دانييل غالي، الاستراتيجي في شركة “تي دي سيكيوريتيز”، إلى أن تعافي الذهب هذا الأسبوع يتوافق مع هذا النمط، حيث أدت أحجام التداول المنخفضة إلى زيادة حساسية السوق تجاه هذه الضغوط.
على الرغم من تراجعه عن مستواه القياسي الذي تجاوز 4380 دولارًا الشهر الماضي، إلا أن الذهب لا يزال يحقق مكاسب كبيرة هذا العام، حيث ارتفع بنحو 55٪ ويتجه نحو تسجيل أفضل أداء سنوي له منذ عام 1979. ويعزى هذا الارتفاع إلى زيادة مشتريات البنوك المركزية بحثًا عن ملاذ آمن وتنويع الأصول، بالإضافة إلى تدفق المستثمرين إلى الذهب كأداة للتحوط ضد المخاوف المالية المتزايدة في الاقتصادات الكبرى.
انخفض سعر الذهب بنسبة 3٪ ليصل إلى 4058.74 دولارًا للأونصة بحلول الساعة 1:31 ظهرًا بتوقيت لندن. وظل مؤشر “بلومبرغ للدولار الفوري” مستقرًا تقريبًا. كما انخفضت أسعار الفضة بنسبة 3٪ إلى 50.78 دولارًا للأونصة، بالإضافة إلى انخفاض أسعار البلاتين والبلاديوم. (النفيس، الأسعار، الاستثمار).
من المتوقع أن يستمر سعر الذهب في التذبذب في المدى القصير، مع التركيز على البيانات الاقتصادية الأمريكية المقبلة وتصريحات مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي. يجب على المستثمرين مراقبة عن كثب التطورات في هذا المجال لتقييم المخاطر واتخاذ قرارات استثمارية مستنيرة. يبقى المستقبل الاقتصادي العالمي غير مؤكد، مما قد يدفع المستثمرين إلى البحث عن الأصول الآمنة مثل الذهب.
