اسواق الخليج

دعم ترمب للفحم يصطدم بالواقع الاقتصادي للسوق

تحظى صناعة الفحم في الولايات المتحدة مُجدداً بدعم من البيت الأبيض. لكن من غير المرجح أن يخفف هذا الدعم من التحديات الاقتصادية التي أدت إلى تراجع طويل الأمد لأكثر أنواع الوقود الأحفوري تلويثاً.

خلال الأسبوع، أشاد الرئيس الأمريكي دونالد ترمب عبر منشور على وسائل التواصل الاجتماعي بـ”الفحم الجميل والنظيف”.

أشارت إدارته إلى أنها تدرس استخدام صلاحيات الطوارئ لإعادة تشغيل المحطات المغلقة، وأطلقت حملة واسعة لإعادة النظر في المعايير البيئية الأمريكية. تتزامن هذه التحركات مع اتجاه اقتصادي أكبر قد يساعد القطاع أيضاً، وهو ارتفاع الطلب على الطاقة من مراكز البيانات. بالفعل، مددت شركات الطاقة النطاق الزمني لعمل بعض المحطات التي كانت مُرشحة للإغلاق، أو أنها تدرس ذلك حالياً. كل ذلك يشير إلى أن الولايات المتحدة قد تستهلك مزيداً من الفحم على المدى القصير.

مع ذلك، تبدو نبرة خطاب الإدارة الحالية أخف قليلاً مما كانت عليه في فترة ترمب الرئاسية الأولى، كما أن الدعم السياسي الوطني للفحم تراجع منذ ذلك الحين. والأهم من ذلك، يرى الخبراء أن القطاع لا يزال يواجه تحديات صعبة قد تستمر لسنوات.

يقول تيموثي فوكس، المحلل في شركة “كلير فيو إنيرجي بارتنرز” (ClearView Energy Partners) ومقرها في واشنطن: “مالكو ومشغلو ومطورو محطات الطاقة لا يفكرون في استثماراتهم بناءً على فترة إدارة معينة، بل ينظرون إلى آفاق تمتد إلى 10 أو 15 أو 20 عاماً مستقبلاً”.

تحديات أمام صناعة الفحم في أمريكا
كان تراجع الفحم متوقعاً منذ سنوات. فالتحديات لم تكن فقط من التشريعات الفيدرالية وضغوط الرأي العام لتقليص الانبعاثات، بل جاءت أيضاً من المنافسة مع مصادر طاقة أرخص. كذلك رفعت التشريعات الفيدرالية من التكاليف التشغيلية.

في 2024، شكلت الطاقة المنتجة من الفحم نحو 15% فقط من توليد الكهرباء في الولايات المتحدة، مقارنةً بأكثر من 50% في 2001، وفقاً لإدارة معلومات الطاقة الأمريكية. وفي 2020 كانت شركة “بيبودي إنرجي” (.Peabody Energy Corp)، أكبر شركة أمريكية لتعدين الفحم، على وشك إعلان إفلاسها للمرة الثانية بسبب تراجع الطلب. كذلك، انسحبت البنوك من تمويل الفحم خلال السنوات الأخيرة خوفاً من الاستثمار في أصول متعثرة.

سرّعت إدارة جو بايدن من تراجع الفحم. وتُظهر البيانات الأمريكية أن 71 وحدة تعمل بالفحم ستُغلق بحلول عام 2030.

في مقابلة أجراها هذا الشهر مع “بلومبرغ”، قال وزير الطاقة الأمريكي كريس رايت إن إدارة ترمب تعمل على خطة للحد من إغلاق المحطات، لكنه لم يكشف عن تفاصيل محددة، واكتفى بالقول إن “الآلية العامة” ستكون قائمة على السوق بهدف إزالة العقبات “ليتمكن رواد الأعمال من بناء أنظمة جديدة وتشغيل الأنظمة الحالية”.

عقبات تشغيل محطات الفحم المغلقة
بحسب جوش برايس، مدير الطاقة والمرافق في شركة “كابستون” (Capstone LLC)، فإن هناك تحديات كبيرة تواجه محاولات إعادة إحياء المحطات. فإعادة تشغيل محطة مغلقة تتطلب استثمارات رأسمالية لإصلاحها، وليس واضحاً بعد من سيتحمل هذه التكاليف. كما سيعاني القطاع نقصا في العمالة، إضافة إلى ضعف في البنية التحتية للسكك الحديدية اللازمة لنقل الوقود.

لكن هذا لا يعني أن جهود ترمب لن تحقق انتعاشاً قصير الأجل في استخدام الفحم. فمن المؤكد أن بعض المحطات ستستمر في العمل لفترة أطول من المخطط له.

في ديسمبر الماضي، أعلنت شركة “فيسترا” (.Vistra Corp) أنها تُخطط لتمديد عمر محطة كبيرة تعمل بالفحم في ولاية إلينوي. كما ذكرت شركة المرافق العملاقة “ساوثرن” (.Southern Co) أن إطالة عمر محطات الفحم من بين الخيارات التي تدرسها لتلبية الطلب الناتج عن الذكاء الاصطناعي.

لكن الفرص الأقوى أمام الفحم تبدو خارج الولايات المتحدة؛ حيث يستمر الطلب بالارتفاع في الهند والصين. وفي اليابان، وهي الدولة الوحيدة ضمن مجموعة السبع التي لم تحدد موعداً نهائياً للتخلص من الفحم، ترى الحكومة أن التخلص من المحطات غير الفعالة يحتاج إلى دراسة دقيقة للحفاظ على استقرار إمدادات الكهرباء.

أما في الولايات المتحدة، فالسؤال المطروح هو كم من الوقت قد يستمر الدعم السياسي. من الممكن أن يعود رئيس يهتم بالمناخ إلى البيت الأبيض في يناير 2029 على أقرب تقدير.

هناك أيضاً حالة من عدم اليقين بشأن المجموعات الصناعية الأخرى (خارج شركات الفحم) التي قد تدعم خطط إحياء هذا الوقود الأحفوري. فقد لا يتحمس منتجو الطاقة المستقلون لهذه الفكرة، كما أن قطاع النفط والغاز قد يفضل دعم الغاز الطبيعي بدلاً من الفحم، في حين تظل شركات المرافق قلقة بشأن تأثير ذلك في المستهلكين، بحسب جوش برايس من “كابستون”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى