شهدت أسعار الفضة تراجعاً حاداً يوم الاثنين، بعد ارتفاع قياسي تجاوز 80 دولاراً للأونصة، مدفوعةً بشكل رئيسي بالطلب الاستثماري المتزايد من الصين. هذا الانخفاض المفاجئ أثر أيضاً على أسعار الذهب، مسجلاً أكبر انخفاض له في شهرين. يعكس هذا التطور تقلبات الأسواق العالمية وتأثرها بالعوامل الاقتصادية والجيوسياسية.
بدأ التراجع بعد فترة وجيزة من بلوغ سعر الفضة ذروته عند 84 دولاراً للأونصة، حيث انخفض المعدن بأكثر من 9% خلال اليوم الواحد، وهو أكبر هبوط له منذ عام 2021. في الوقت نفسه، تراجع الذهب بنسبة تصل إلى 4.5% إلى ما دون 4329 دولاراً للأونصة، متراجعاً عن أعلى مستوى قياسي له في الأسبوع الماضي. تشير هذه التحركات إلى تصحيح في الأسعار بعد فترة من الارتفاعات المتتالية.
الطلب الصيني وتأثيره على أسعار الفضة
يعزى الارتفاع الأخير في أسعار الفضة إلى زيادة كبيرة في الطلب الاستثماري من الصين. وقد ارتفعت علاوات أسعار الفضة الفورية في شنغهاي إلى أكثر من 8 دولارات للأونصة مقارنة بأسعار لندن، مما يعكس قوة الطلب المحلي. هذا الفارق السعري هو الأكبر الذي تم تسجيله حتى الآن، مما يشير إلى أن المستثمرين الصينيين كانوا على استعداد لدفع علاوة كبيرة للحصول على الفضة.
ومع ذلك، أظهرت المؤشرات الفنية علامات على ذروة الشراء، حيث اقترب مؤشر القوة النسبية للفضة من مستوى 70، وهو ما يعتبر إشارة تحذيرية. وقد أثار هذا القلق شركة إدارة صناديق “UBS SDIC” بشأن احتمال تعرض المستثمرين لخسائر كبيرة في حالة انعكاس الاتجاه الصعودي المفاجئ. كما ارتفعت علاوة الصندوق الأسبوع الماضي بشكل ملحوظ، مما زاد من المخاوف.
إجراءات احترازية من البورصات
استجابةً لهذه التطورات، اتخذت بعض البورصات إجراءات للحد من المخاطر. أعلنت مجموعة “CME” عن رفع هوامش بعض عقود الفضة الآجلة في بورصة كومكس اعتباراً من يوم الاثنين، في خطوة تهدف إلى تقليل المضاربة. يعتبر هذا الإجراء بمثابة تدخل تنظيمي يهدف إلى استقرار السوق.
بالإضافة إلى ذلك، تأتي هذه التطورات بعد فترة قصيرة من تعرض سوق الفضة في لندن لأزمة حادة، حيث أدت التدفقات النقدية إلى صناديق المؤشرات المتداولة والصادرات إلى الهند إلى تآكل المخزونات. على الرغم من تدفقات كبيرة إلى خزائن لندن منذ ذلك الحين، إلا أن معظم الفضة المتاحة في العالم لا تزال في نيويورك، في انتظار نتائج تحقيق أمريكي قد يؤدي إلى فرض تعريفات جمركية أو قيود تجارية أخرى.
في المقابل، يذكر أن الفضة، على عكس الذهب، لها استخدامات صناعية واسعة النطاق، خاصة في صناعة الخلايا الشمسية. مع اقتراب المخزونات العالمية من أدنى مستوياتها على الإطلاق، يزداد خطر حدوث نقص في الإمدادات قد يؤثر على العديد من القطاعات الصناعية. هذا الجانب من المعادلة يضيف طبقة من التعقيد إلى ديناميكيات السوق الحالية.
وبحلول الساعة 10:17 صباحاً بتوقيت نيويورك، انخفض سعر الفضة الفوري بنسبة 9.2% إلى 71.96 دولار للأونصة، بعد أن سجل مستوى قياسياً بلغ 84.01 دولار في وقت سابق من الجلسة. كما انخفض سعر الذهب بنسبة 4.4% إلى 4334.14 دولار للأونصة. وشهدت المعادن الأخرى تراجعاً أيضاً، حيث انخفض البلاتين بأكثر من 13% والبلاديوم بأكثر من 15% في أكبر انخفاض له منذ عام 2022.
من المتوقع أن يراقب المستثمرون عن كثب التطورات في السوق الصينية والتحقيقات الأمريكية المحتملة في الأسابيع القادمة. كما أنهم سيتابعون عن كثب أي تغييرات في السياسة النقدية من قبل البنوك المركزية الرئيسية، والتي قد تؤثر على أسعار المعادن الثمينة. ستكون البيانات الاقتصادية القادمة، وخاصة تلك المتعلقة بالتضخم والنمو الاقتصادي، ذات أهمية خاصة في تحديد الاتجاه المستقبلي لأسعار الفضة والذهب.
