شهدت تكلفة اقتراض الفضة في لندن انخفاضًا ملحوظًا من مستويات قياسية تاريخية، مما يشير إلى تحسن في السيولة وعودة الاستقرار إلى السوق بعد الضغوط الحادة التي واجهها المعدن الثمين في بداية شهر أكتوبر الحالي. يعكس هذا التراجع إشارات إيجابية للمستثمرين والتجار في سوق المعادن.

أظهرت بيانات حديثة جمعتها وكالة بلومبرغ أن معدلات تأجير الفضة، والتي تعبر عن التكلفة السنوية لاقتراض المعدن في سوق لندن، انخفضت إلى 5.6% يوم الاثنين. هذا الانخفاض يأتي بعد قفزة غير مسبوقة وصلت إلى 34.9% في التاسع من أكتوبر، مما يعكس التقلبات الشديدة التي شهدها السوق في الفترة الأخيرة.

تراجع تكلفة اقتراض الفضة وعودة السيولة

أدى نقص السيولة المفاجئ في سوق الفضة في لندن في بداية الشهر إلى زيادة كبيرة في الطلب العالمي على المعدن. ارتفعت الأسعار المرجعية في لندن بشكل ملحوظ، متجاوزة نظيراتها في نيويورك، مما دفع بعض المتعاملين إلى اتخاذ إجراءات غير اعتيادية لتلبية احتياجاتهم.

ولجأ هؤلاء المتعاملون إلى حجز شحنات فورية من سبائك الفضة عبر رحلات جوية عابرة للأطلسي، وهي طريقة مكلفة عادةً ما تستخدم في تداول الذهب. كان الهدف من ذلك هو الاستفادة من فروق الأسعار بين السوقين، ولكنها أدت أيضًا إلى تفاقم أزمة السيولة.

أسباب نقص السيولة وتأثيرها

يعزو خبراء سوق المعادن نقص السيولة إلى عدة عوامل، بما في ذلك زيادة المضاربة على الفضة، وتراجع المخزونات المتاحة في مستودعات لندن، وزيادة الطلب من القطاع الصناعي. أدى ذلك إلى ارتفاع تكلفة الاقتراض بشكل كبير، مما أثر سلبًا على أنشطة التداول والاستثمار.

بالإضافة إلى ذلك، أدى ارتفاع أسعار الفضة إلى زيادة الضغط على الشركات التي تستخدم المعدن في عمليات الإنتاج، مما أثر على سلاسل التوريد والتكاليف التشغيلية. وتشمل الصناعات المتأثرة الإلكترونيات، والطاقة الشمسية، والمجوهرات.

استجابة رابطة سوق السبائك في لندن

في استجابة للضغوط التاريخية التي واجهها السوق، أعلنت رابطة سوق السبائك في لندن (LBMA) عن خطط لنشر بيانات حول مستويات مخزون الفضة أسبوعيًا بدلاً من شهريًا. تهدف هذه الخطوة إلى توفير شفافية أكبر للسوق وتمكين المشاركين من اتخاذ قرارات مستنيرة.

صرحت الرئيسة التنفيذية للرابطة، روث كرويل، بأن الأولوية ستكون لمراقبة مخزونات الفضة بشكل دقيق قبل الذهب. وأوضحت أن التحديثات الأكثر تكرارًا ستوفر إنذارًا مبكرًا في حال حدوث أي نقص مستقبلي في الإمدادات، مما يسمح باتخاذ إجراءات وقائية.

وأشارت كرويل إلى أن أي خطوة مماثلة تتعلق بالذهب تتطلب إشراك بنك إنجلترا، وهو ما يستغرق وقتًا أطول بسبب الإجراءات التنظيمية المعقدة. هذا يؤكد على أهمية التركيز على الفضة في الوقت الحالي.

في سياق متصل، تراجعت أسعار الفضة الفورية بنسبة 1.7% يوم الاثنين، مواصلة هبوطها من مستوى قياسي بلغ 54.4796 دولارًا للأونصة في 17 أكتوبر. سجل المعدن 48.26 دولارًا للأونصة حتى الساعة 3:13 بعد الظهر بتوقيت سنغافورة، منخفضًا بنسبة 0.8%.

تأثير التطورات على أسعار المعادن الثمينة

يعكس تراجع تكلفة الاقتراض وانخفاض الأسعار تحسنًا في معنويات السوق وتخفيفًا للضغوط التي كانت قائمة. ومع ذلك، لا يزال السوق يراقب عن كثب تطورات العرض والطلب، بالإضافة إلى المؤشرات الاقتصادية العالمية التي قد تؤثر على أسعار المعادن الثمينة.

بالإضافة إلى الفضة، تشهد أسعار الذهب أيضًا تقلبات بسبب التوترات الجيوسياسية وعدم اليقين الاقتصادي. يعتبر الذهب ملاذًا آمنًا تقليديًا، وبالتالي يميل المستثمرون إلى اللجوء إليه في أوقات الأزمات. تعتبر المعادن الثمينة بشكل عام استثمارًا جيدًا في أوقات التضخم.

من المتوقع أن تواصل رابطة سوق السبائك في لندن مراقبة مستويات مخزون الفضة عن كثب، وتقييم الحاجة إلى اتخاذ إجراءات إضافية لضمان استقرار السوق. سيراقب المشاركون في السوق أيضًا بيانات الاقتصاد الكلي، مثل معدلات الفائدة والتضخم، لتقييم تأثيرها على أسعار المعادن الثمينة. من المرجح أن تستمر التقلبات في المدى القصير، ولكن من المتوقع أن يستقر السوق تدريجيًا مع تحسن السيولة وتوفر البيانات بشكل أكثر تكرارًا.

شاركها.