من المتوقع أن يشهد سوق الأسهم السعودية استمرارًا في زخم الاكتتابات الأولية خلال الأشهر القادمة، مدفوعًا بوجود طلبات طرح قيد الدراسة تقارب الأربعين شركة. يأتي هذا التوقع في ظل جهود المملكة لتعزيز جاذبية السوق وجذب المزيد من الاستثمارات المحلية والأجنبية، مما يعزز مكانتها كمركز مالي إقليمي.

صرح محمد الرميح، الرئيس التنفيذي لشركة “تداول”، بأن الشركة أدرجت أكثر من 40 شركة منذ بداية العام، وهناك طلبات مماثلة قيد المعالجة. وقد تم الإعلان عن هذه التصريحات خلال “قمة الأولوية-آسيا” التي نظمتها “مبادرة مستقبل الاستثمار” في طوكيو، مما يسلط الضوء على الاهتمام المتزايد بالسوق السعودي على الصعيد الدولي.

توسع نطاق الاكتتابات الأولية في سوق الأسهم السعودية

يشير الرميح إلى أن العدد الإجمالي للشركات التي تسعى للطرح قد يصل إلى 100 شركة، إذا تم احتساب الشركات التي تعمل حاليًا مع مستشارين ماليين لإعداد خطط الطرح. ويعكس هذا الرقم النشاط المكثف في السوق، والذي يمثل فرصة للشركات لجمع رأس المال وتوسيع عملياتها.

من بين أبرز الاكتتابات الأولية التي شهدها السوق الرئيسي هذا العام، اكتتاب شركة “طيران ناس” بقيمة 4.1 مليار ريال، واكتتاب شركة “أم القرى للتنمية والإعمار” (مسار) بقيمة 1.96 مليار ريال، وفقًا لبيانات “تداول”.

أداء الأسهم الجديدة وتحديات السوق

على الرغم من الزخم في الاكتتابات، تشير بيانات “بلومبرغ” إلى أن معظم الأسهم المدرجة هذا العام قدمت أداءً ضعيفًا، حيث يتم تداول الغالبية منها دون سعر الطرح. يعزى ذلك إلى عدة عوامل، بما في ذلك تراجع شهية المخاطرة لدى المستثمرين، وانخفاض مستويات السيولة في السوق، والتراجع العام في المؤشر العام للسوق السعودي بنحو 12% منذ بداية العام.

ومع ذلك، يرى محللون أن هذا الأداء لا يعكس بالضرورة ضعف السوق السعودي، بل هو نتيجة للظروف الاقتصادية العالمية والتحديات التي تواجه الأسواق المالية بشكل عام. بالإضافة إلى ذلك، فإن السوق السعودي يتمتع بإمكانيات نمو كبيرة على المدى الطويل، مدفوعًا برؤية المملكة 2030 والتحولات الاقتصادية التي تشهدها البلاد.

فتح السوق السعودي أمام المستثمرين الأجانب

تواصل المملكة جهودها لفتح السوق أمام جميع المستثمرين الأجانب، ورفع مستويات ملكيتهم في الشركات المدرجة. تهدف هذه الخطوة إلى تعزيز تنافسية السوق مقارنة بالأسواق العالمية الأخرى، وجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة.

في أكتوبر الماضي، أجرت هيئة السوق المالية استطلاعًا لآراء المعنيين بشأن فتح السوق الرئيسية لجميع فئات المستثمرين الأجانب غير المقيمين، وتمكينهم من الاستثمار المباشر. كما أعلنت الهيئة الأسبوع الماضي عن مجموعة تعديلات تهدف إلى “تعزيز السيولة” وتنشيط التداولات في السوق الموازية (نمو) المخصصة للشركات الصغيرة والمتوسطة.

تعديلات محتملة على نسبة ملكية الأجانب

تعتزم هيئة السوق المالية مراجعة السقف الحالي البالغ 49% لملكية الأجانب في الشركات المدرجة بسوق الأسهم خلال العام المقبل. وأشار رئيس الهيئة، محمد القويز، إلى أن أي تعديل أو إلغاء للسقف سيعتمد على نتائج الاستطلاع المذكور. وتشير تقديرات “جيه بي مورغان” إلى أن رفع نسبة تملك الأجانب إلى 100% قد يجذب تدفقات استثمارية أجنبية إضافية تصل إلى 10.6 مليار دولار.

تعتبر هذه التطورات جزءًا من جهود أوسع لتعزيز مكانة السوق السعودي كوجهة استثمارية جاذبة، وتحقيق أهداف رؤية المملكة 2030. وتشمل هذه الجهود أيضًا تطوير البنية التحتية للسوق، وتحسين بيئة الأعمال، وتعزيز الشفافية والإفصاح.

من المتوقع أن تستمر هيئة السوق المالية في دراسة نتائج الاستطلاع المتعلق بفتح السوق أمام المستثمرين الأجانب، واتخاذ القرارات المناسبة بناءً على هذه النتائج. كما ستواصل الهيئة العمل على تطوير السوق وتعزيز جاذبيته، بما في ذلك مراجعة نسبة ملكية الأجانب وإجراء التعديلات اللازمة. ويترقب المستثمرون والمحللون هذه التطورات عن كثب، حيث أنها قد يكون لها تأثير كبير على أداء السوق السعودي في المستقبل.

شاركها.