شهدت الأسواق الآسيوية ارتفاعاً طفيفاً اليوم، حيث يراقب المستثمرون عن كثب التداعيات المستمرة لموجة البيع التي اجتاحت الأسواق العالمية مؤخراً. يأتي هذا الارتفاع بعد تراجع كبير بقيمة تقارب 1.6 تريليون دولار من أسهم الشركات حول العالم يوم الثلاثاء، مما أثار مخاوف بشأن حالة الأسواق المالية وقدرتها على الاستقرار. ويتركز الاهتمام الآن على تقارير الأرباح القادمة، خاصةً تلك الخاصة بشركة إنفيديا، لقياس تأثيرها على معنويات المستثمرين.
صعد مؤشر “إم إس سي آي آسيا والمحيط الهادئ” بنسبة 0.2%، مما يشير إلى محاولة استعادة التوازن بعد ثلاثة أيام متتالية من الخسائر. في الوقت نفسه، ارتفعت العقود الآجلة للأسهم الأميركية بنسبة مماثلة، بعد أن تراجعت مؤشرا “إس آند بي 500″ و”ناسداك 100” في الجلسة السابقة. ويعكس هذا التذبذب حالة عدم اليقين التي تخيم على المستثمرين.
مخاوف الأسواق وتداعيات أداء الشركات الكبرى
تراجع المؤشر العالمي للقيمة السوقية إلى 144.7 تريليون دولار، مما يعكس حجم الخسائر التي تكبدتها الأسواق. ويعود هذا الانخفاض بشكل كبير إلى تراجع أسهم شركات التكنولوجيا العملاقة، التي كانت في طليعة الصعود الذي شهدته الأسواق في الأشهر الأخيرة. يثير هذا التراجع تساؤلات حول مدى استدامة هذه التقييمات المرتفعة.
بالتزامن مع ذلك، استقرت عملة البيتكوين عند مستوى يقارب 92500 دولار، بعد أن هوت لفترة وجيزة إلى ما دون 90 ألف دولار خلال موجة البيع. يعكس هذا التقلب حساسية الأصول الرقمية لظروف السوق العامة وتوجه المستثمرين نحو تقليل المخاطر.
تحليل الخبراء وتوقعات أسعار الفائدة
يرى خبراء اقتصاديون أن الاضطرابات الحالية في الأسواق قد تكون بمثابة “تصحيح صحي”، كما صرح بوب دايموند، الرئيس التنفيذي السابق لـ”باركليز”. ويشير هذا إلى أن الأسواق كانت قد ارتفعت بشكل مبالغ فيه، وأن التراجع الحالي هو عملية إعادة تقييم للأصول.
ومع ذلك، لا يزال المستثمرون قلقين بشأن مستقبل أسعار الفائدة. تشير التوقعات الحالية إلى احتمال أقل من 50% لخفض أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي في اجتماع شهر ديسمبر المقبل. وقد حذر بعض المسؤولين في الفيدرالي من أن خفض أسعار الفائدة قد يؤدي إلى تفاقم مشكلة التضخم، على الرغم من أن آخرين، مثل كريستوفر والر، أبدوا دعمهم للخطوة.
بالإضافة إلى ذلك، تشير البيانات الأخيرة إلى تباطؤ في سوق العمل. سجلت طلبات إعانة البطالة 232 ألفاً في الأسبوع المنتهي في 18 أكتوبر. كما أظهرت بيانات “أيه دي بي” أن الشركات فقدت في المتوسط 2500 وظيفة أسبوعياً خلال الأسابيع الأربعة المنتهية في 1 نوفمبر. تلقي هذه البيانات بظلالها على التوقعات الاقتصادية وتزيد من حالة عدم اليقين.
إنفيديا وعلاقتها بـالاستثمار في التكنولوجيا
يترقب المستثمرون بشكل خاص تقرير أرباح شركة إنفيديا، المقرر إصداره يوم الأربعاء، باعتباره مؤشراً رئيسياً على صحة قطاع الذكاء الاصطناعي. وبحسب ريان غرابينسكي من “ستراتيغاس”، فقد نمت شركة إنفيديا بشكل يفوق العديد من القطاعات الرئيسية الأخرى مجتمعة، مما يجعلها لاعباً محورياً في تحديد مسار الأسواق.
من المتوقع أن يكون لنتائج إنفيديا تأثير كبير على معنويات المستثمرين، سواءً من خلال تأكيد التوقعات الإيجابية للذكاء الاصطناعي أو إثارة المزيد من المخاوف. وبشكل عام، يرى المحللون أن سقف التوقعات مرتفع للغاية، وأن الشركة ستواجه تحدياً كبيراً لتلبية هذه التوقعات.
على صعيد آخر، ارتفعت أسعار النفط في السوق العالمية، حيث يحاول المتعاملون تقييم تأثير تقرير يتعلق بارتفاع المخزونات الأميركية، بالتزامن مع المخاوف المستمرة بشأن العقوبات المحتملة على روسيا. وفي الصين، تمكنت الحكومة من بيع سندات مقومة باليورو بقيمة 4 مليارات يورو بنجاح، وسط إقبال كبير من المستثمرين، مما يشير إلى تزايد اهتمامهم بالاستثمار في الديون الصينية.
في الختام، تبقى الأسواق المالية في حالة من التقلب والترقب. من المقرر إصدار تقرير وظائف سبتمبر الأميركي يوم الخميس، بعد تأخير طويل، مما قد يوفر المزيد من الأدلة حول قوة الاقتصاد الأميركي. سيعتمد مسار الأسواق في الفترة المقبلة على هذه البيانات، بالإضافة إلى تقرير أرباح إنفيديا، وتطورات أسعار الفائدة، والمخاطر الجيوسياسية المستمرة.
