شهد سوق الأسهم السعودية أداءً متذبذباً خلال الأسبوع الجاري، حيث تمكن من استعادة جزء من الخسائر التي مني بها في الأسبوع السابق. وارتفع المؤشر العام بنسبة 0.7%، على الرغم من تراجع حجم التداولات بأكثر من 25% ليصل إلى 13.6 مليار ريال، وهو أدنى مستوى له منذ حوالي 28 أسبوعاً. يعزى هذا الانخفاض في السيولة بشكل رئيسي إلى غياب المستثمرين الأجانب بسبب عطلات نهاية العام، مما أثر على نشاط التداول العام.

أنهى المؤشر “تاسي” تعاملات يوم الخميس بانخفاض طفيف بلغ 0.1%، لكنه حافظ على مكاسبه فوق مستوى 10500 نقطة لليوم الرابع على التوالي. ومع ذلك، انخفضت السيولة إلى مستوى منخفض للغاية، حيث بلغت 1.66 مليار ريال، وهو أدنى مستوى يومي منذ أوائل ديسمبر 2019. يشير هذا التباين بين الأداء العام والسيولة المنخفضة إلى حالة من الحذر بين المستثمرين.

تحليل أسباب ضعف التداولات في سوق الأسهم السعودية

أرجع المحلل المالي أحمد الرشيد ضعف التداولات إلى الدور الكبير الذي يلعبه المستثمرون الأجانب في السوق، مشيراً إلى أنهم يمثلون حوالي نصف حجم التداولات اليومية. وأضاف أن هذا النمط من التداول الهادئ من المرجح أن يستمر حتى مطلع شهر يناير المقبل، مع استمرار العطلات وعدم وجود محفزات قوية تدفع إلى زيادة الاستثمار.

من جهته، أشار سعد آل ثقفان، عضو مجلس إدارة جمعية الاقتصاد السعودية، إلى أن جلسات نهاية العام تتميز عادةً بالهدوء بسبب موسم العطلات وتراجع نشاط المستثمرين الأجانب. وأضاف أن معظم المستثمرين يفضلون تجنب فتح مراكز استثمارية جديدة خلال هذه الفترة، خاصةً في ظل محدودية المحفزات القوية.

تأثير أسعار الفائدة على الاستثمار

أوضح كبير المحللين الماليين إكرامي عبدالله أن اختلاف أداء السوق السعودية مقارنة بالأسواق الأمريكية يعود بشكل كبير إلى تأثير أسعار الفائدة على كل منهما. وأشار إلى أن الأسواق الأمريكية تستفيد بشكل مباشر من قرارات الاحتياطي الفيدرالي، بينما تتأثر السوق السعودية بمعدلات السايبور، التي لم تتفاعل بنفس الوتيرة مع التغيرات في أسعار الفائدة الأمريكية. هذا التأخير في انعكاس سياسة التيسير النقدي يؤثر على جاذبية الاستثمار في السوق المحلية.

بالإضافة إلى ذلك، لفت عبدالله إلى أن الأدوات الاستثمارية البديلة خارج السوق تقدم عوائد تنافسية، مما أدى إلى سحب جزء من السيولة الاستثمارية من الأسهم. هذا التحول في تفضيلات المستثمرين يعكس رغبتهم في تنويع محافظهم الاستثمارية والاستفادة من الفرص المتاحة في مختلف القطاعات.

الفرص الاستثمارية المتاحة في السوق السعودية

على الرغم من التحديات الحالية، يرى محمد الفراج، الرئيس الأول لإدارة الأصول في “أرباح كابيتال”، أن السوق السعودية لا تزال تقدم فرصاً استثمارية واعدة في قطاعات متعددة. وأكد أن القطاع البنكي يظل من بين أبرز القطاعات الجذابة، مع توقعات إيجابية لأسهم “مصرف الراجحي” و”الأهلي السعودي”.

ويتوقع الفراج أيضاً عودة قطاع المواد الأساسية إلى تحقيق أداء أفضل مع بداية العام الجديد. يعتمد هذا التوقع على تحسن الأوضاع الاقتصادية العالمية وزيادة الطلب على المنتجات البتروكيماوية، خاصةً من الصين.

ويرى مراقبون أن هيكل السوق السعودية، الذي يتركز بشكل كبير في قطاعي الطاقة والبتروكيماويات، يجعله أكثر عرضة للتغيرات في الأسواق العالمية وأسعار النفط. في المقابل، تتميز الأسواق الأمريكية بهيكل أكثر تنوعاً، مما يقلل من تأثير أي قطاع معين على الأداء العام.

بشكل عام، من المتوقع أن يستمر الهدوء في تداولات السوق السعودية حتى نهاية العام. ومع ذلك، يبقى من المهم مراقبة تطورات أسعار النفط، وأداء الأسواق العالمية، وأي تغييرات في السياسة النقدية المحلية. من المرجح أن يكون بداية العام الجديد أكثر وضوحاً فيما يتعلق باتجاه السوق، حيث من المتوقع عودة المستثمرين الأجانب وتوفر المزيد من المحفزات الاستثمارية.

شاركها.