تشهد البورصة السعودية حاليًا حالة من التوازن الدقيق، حيث تتأثر بحركة العوائد الاستثمارية الخارجية والتحديات التي تواجه بعض القطاعات الرئيسية، في مقابل التوقعات الإيجابية المتعلقة بخفض محتمل في أسعار الفائدة وارتفاع أسعار النفط. هذا التوازن يعكس تعقيدات السوق ويؤثر على أداء المؤشر الرئيسي “تاسي”.

افتتح المؤشر الرئيسي “تاسي” تعاملات الأسبوع بارتفاع طفيف بنسبة 0.3%، لكنه سرعان ما تراجع ليغلق عند مستويات مماثلة للجلسة السابقة، وذلك بعد الإعلان عن الميزانية السعودية وتزايد التوقعات بخفض الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، بالإضافة إلى الارتفاع الملحوظ في أسعار النفط. يأتي هذا بعد أن سجلت السوق خسائر للأسبوع الخامس على التوالي في نهاية الأسبوع الماضي، ليغلق “تاسي” عند مستوى 10626 نقطة، وهو أطول فترة انخفاض منذ نهاية عام 2022.

تحليل أداء البورصة السعودية وتأثير العوامل الخارجية

يرى المحلل المالي محمد الميموني أن ارتداد المؤشر من مستوى 10502 نقطة يمثل إشارة إيجابية على المدى القصير، مما يعكس وجود رغبة شرائية عند هذا المستوى. ومع ذلك، يشدد الميموني على أن قرار الفيدرالي الأمريكي بشأن أسعار الفائدة يظل العامل الأهم الذي يؤثر على الأسواق حاليًا.

ويوضح الميموني أن خفض أسعار الفائدة من شأنه أن يدعم الشركات ذات المديونية العالية، بالإضافة إلى قطاعات المواد الأساسية والبتروكيماويات، وذلك نتيجة لانخفاض تكلفة التمويل. هذا الدعم المالي يمكن أن يعزز النمو والاستثمار في هذه القطاعات.

المنافسة من الاستثمارات البديلة

يشير إكرامي عبد الله، كبير المحللين الماليين، إلى أن العوائد من الاستثمارات خارج سوق الأسهم تمثل منافسة مباشرة وتضغط على أداء المؤشر. ومع ذلك، يرى أن خفض أسعار الفائدة قد يعيد تدريجياً السيولة إلى السوق، مما يدعم الأسهم.

ويضيف عبد الله أن القطاعات القيادية في السوق تواجه تحديات متعددة. قطاع الطاقة يتأثر بتقلبات أسعار النفط التي لا تزال دون 65 دولارًا للبرميل. بينما يعاني قطاع البتروكيماويات من ضعف الطلب العالمي، وفائض المعروض، وارتفاع تكلفة المواد الخام. أما القطاع المصرفي، فيشهد تباطؤًا في نمو الأرباح وتراجعًا في الودائع، بالإضافة إلى تباطؤ في وتيرة الإقراض.

تقييم الوضع العام للسوق

من جهتها، ترى ماري سالم، المحللة المالية، أن البورصة السعودية لم تظهر بعد زخمًا قويًا يشير إلى بداية موجة ارتداد حقيقية. وتشير إلى أن استقرار أسعار النفط قد يحسن من معنويات المستثمرين، لكنها تؤكد أن الأساسيات الاقتصادية للسوق لم تنعكس بشكل كامل على حركة أسعار الأسهم، على الرغم من جاذبية المستويات السعرية الحالية.

أخبار الشركات والتطورات الأخيرة في السوق

أعلنت الحمادي القابضة، وهي شركة مدرجة في قطاع الرعاية الصحية ومتخصصة في إدارة المستشفيات، أن شركتها التابعة “أدوية سدير” قد تقدمت بطلب لتسجيل وطرح أسهمها للاكتتاب العام في السوق الرئيسية. هذا الطرح يمثل فرصة استثمارية جديدة للمستثمرين.

كما تقدمت شركتا “وجا” و”نفوذ للمنتجات الغذائية” بطلب للانتقال من السوق الموازية “نمو” إلى السوق الرئيسية “تاسي”. هذا الانتقال يعكس النمو والتطور الذي حققته الشركتان.

تم الإعلان عن إدراج أسهم اتحاد جروننفلدر سعدي القابضة “سي جي إس” يوم الثلاثاء 9 ديسمبر 2025، بعد أن جمعت الشركة حوالي 300 مليون ريال من طرح 30% من أسهمها في السوق الرئيسية. على الرغم من أن الطرح لم يشهد تغطية كاملة من قبل المستثمرين الأفراد، حيث بلغت نسبة التغطية 70%.

تشهد أسواق المال السعودية حالة من الترقب في انتظار قرارات الفيدرالي الأمريكي بشأن أسعار الفائدة، وتطورات أسعار النفط، والأداء المالي للشركات المدرجة. من المتوقع أن تشكل هذه العوامل الرئيسية محركات الأداء في الفترة القادمة، مع التركيز على متابعة البيانات الاقتصادية وتقارير الشركات لتقييم المخاطر والفرص الاستثمارية المتاحة.

شاركها.