شهدت بورصة السعودية تراجعًا ملحوظًا اليوم الأحد، حيث انخفض المؤشر العام “تاسي” إلى ما دون مستوى 10500 نقطة. يأتي هذا الانخفاض مع ضعف السيولة المتداول، ويعزى بشكل كبير إلى تراجع أسهم الشركات الكبرى، مما أثار تساؤلات حول مستقبل الاستثمار في سوق الأسهم السعودية في ظل الظروف الحالية.

انخفض مؤشر “تاسي” بنسبة 1%، وهو أكبر انخفاض له في ثماني جلسات تداول. وقد تأثر المؤشر بشكل خاص بتراجع أسهم شركات مثل أرامكو، ومصرف الراجحي، وأكوا باور، مما يعكس حالة من الحذر السائدة في السوق. يضاف إلى ذلك تأثير العوامل الاقتصادية والجيوسياسية على ثقة المستثمرين.

تحليل أسباب تراجع مؤشر تاسي

يرى أحمد الرشيد، المحلل المالي في صحيفة الاقتصادية، أن توفر بدائل استثمارية أخرى خارج نطاق سوق الأسهم قد ساهم في الضغط على أداء البورصة السعودية طوال العام. بالإضافة إلى ذلك، لعب انخفاض أسعار النفط دورًا في هذا التراجع، خاصةً مع تأثيره على الإيرادات الحكومية والاستثمارات. ولا يمكن إغفال تأثير موسم العطلات على نشاط المستثمرين الأجانب، مما أدى إلى تقليل السيولة وزيادة الضغوط على السوق.

تأثير العوامل الخارجية

تعتبر التوترات الجيوسياسية في المنطقة من العوامل الرئيسية التي تزيد من حالة الحذر لدى المستثمرين، وفقًا لجنيد الأنصاري، مدير قسم استراتيجية الاستثمار والبحوث في “كامكو إنفست”. كما أن انخفاض أسعار النفط بنحو 20% منذ بداية العام يمثل ضغطًا إضافيًا على السوق، حيث يظل النفط عنصرًا أساسيًا في تمويل المشاريع الكبرى ودعم دورة الاستثمار.

هل يشكل الانخفاض فرصة استثمارية؟

على الرغم من التراجع، يرى يوسف يوسف، مدير تطوير البيانات المالية في بوابة أرقام، أن السوق قد تشهد تحركًا حياديًا خلال الأسبوع الجاري، نظرًا لموسم الأعياد والعطلات السنوية. ويضيف أن المستوى الذي وصل إليه المؤشر قرب 10400 نقطة قد يكون بمثابة قاع جاذب للمستثمرين، خاصةً مع انخفاض قيم التداولات ونشاط المستثمرين الأجانب.

ويشير يوسف إلى أن متوسط مكرر ربحية الشركات المدرجة يبلغ حوالي 16.35 مرة، وهو ما يعتبر تقييمًا مناسبًا وجذابًا من وجهة نظر استثمارية. هذا التقييم قد يشجع المستثمرين على الدخول إلى السوق والاستفادة من الأسعار المنخفضة.

توقعات بتحسن أداء القطاعات الرئيسية

يتوقع محمد الفراج، رئيس أول لإدارة الأصول في “أرباح المالية”، أن تشهد البنوك تحسنًا في نتائجها خلال الربع الرابع من عام 2025 مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، مع توقعات بنمو طفيف على أساس فصلي. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع أن يشهد قطاع البتروكيماويات تحسنًا بدعم انخفاض تكاليف التمويل والشحن، مما قد ينعكس إيجابًا على أداء البورصة بشكل عام. هذا التحسن المتوقع في أداء القطاعات الرئيسية قد يعزز الثقة في السوق المالية السعودية.

دور قطاع الاتصالات في دعم السوق

أظهر قطاع الاتصالات أداءً قويًا هذا العام، حيث ساهم في التخفيف من خسائر مؤشر “تاسي”، وفقًا للمحللة المالية ماري سالم في “الشرق”. يمثل قطاع الاتصالات حوالي 6% من وزن المؤشر، وارتفع مؤشر القطاع بنحو 11% هذا العام، مدفوعًا بارتفاع أسعار أسهم بعض الشركات الكبرى في هذا القطاع. فقد ارتفع سهم اتحاد اتصالات “موبايلي” بنحو 23%، بينما صعد سهم stc بنسبة 7.25%، وارتفع سهم زين السعودية بنحو 2%، في حين تراجع سهم “قو للاتصالات” بنحو 20%.

الفرص الاستثمارية الواعدة في 2026

بالنظر إلى عام 2026، يرى جنيد الأنصاري أن القطاع المصرفي لا يزال يوفر فرصًا استثمارية انتقائية، نظرًا لأهميته كركيزة أساسية للنمو الاقتصادي. بالإضافة إلى ذلك، يبرز قطاعا السلع الرأسمالية والأسمنت كفرص واعدة، مع توقعات بتحسن الأداء في ظل المشاريع التنموية الجارية. كما أن قطاع السياحة يعتبر من القطاعات الواعدة التي تستحق الاهتمام، خاصةً مع رؤية المملكة 2030 التي تهدف إلى تطوير هذا القطاع.

بشكل عام، من المتوقع أن يستمر الاستثمار العقاري في السعودية في جذب المستثمرين، مع استمرار المشاريع الضخمة في مختلف أنحاء المملكة. ومع ذلك، يجب على المستثمرين مراقبة التطورات الاقتصادية والجيوسياسية عن كثب، واتخاذ قرارات استثمارية مدروسة.

في الختام، على الرغم من التراجع الحالي في بورصة السعودية، إلا أن هناك فرصًا استثمارية واعدة في مختلف القطاعات. يتوقع أن يشهد السوق تحسنًا في الأداء في المستقبل القريب، مع تحسن الأوضاع الاقتصادية والجيوسياسية. ومع ذلك، يجب على المستثمرين توخي الحذر ومراقبة التطورات عن كثب قبل اتخاذ أي قرارات استثمارية. من المهم متابعة بيانات الاقتصاد الكلي، وأداء الشركات، والتطورات الإقليمية، لتقييم المخاطر والفرص بشكل صحيح.

شاركها.