واصل سوق الأسهم السعودية تراجعه خلال الأيام الأخيرة، حيث فقد الزخم بسبب عدة عوامل متضافرة تشمل تراجع أسعار النفط وغياب المحفزات الإيجابية. وأغلق المؤشر العام، “تاسي”، على انخفاض ملحوظ، مسجلاً أدنى مستوى إغلاق له منذ منتصف سبتمبر الماضي، مما يعكس حالة من الحذر تسيطر على المستثمرين. يتأثر أداء السوق بشكل خاص بضعف قطاعي الطاقة والبنوك، وهما من أهم القطاعات المساهمة في المؤشر.

انخفض المؤشر العام بنسبة تقارب 0.5% ليصل إلى 10635 نقطة، بعد أن تراجع بأكبر وتيرة له في ستة أشهر خلال الجلسة الماضية. يشير هذا الانخفاض المستمر إلى ضغوط بيعية قوية تهيمن على التداولات، مع ترقب من قبل المستثمرين لمعرفة ما إذا كانت السوق ستتمكن من استعادة عافيتها.

تراجع سوق الأسهم السعودية: هيمنة البيع وترقب المشترين

يرى المحللون الماليون أن الوضع الحالي يتميز بهيمنة البائعين على المشترين. وأشار محمد الميموني، المحلل المالي، إلى أن الأسعار الحالية قد تكون مغرية، إلا أن القوة الشرائية ضعيفة للغاية، مما قد يدفع المؤشر “تاسي” إلى كسر مستوى الدعم الهام عند 10400 نقطة في القريب العاجل. يأتي هذا بعد أن فقد المؤشر مستويات دعم سابقة، مما يزيد من المخاوف بشأن اتجاهه المستقبلي.

وأضاف محمد زيدان، المحلل المالي، أن “الموجة البيعية تفرض سطوتها” على السوق، وأن المؤشر يغلق بشكل متكرر عند أدنى مستوياته خلال الجلسات الأخيرة. ويعتبر هذا مؤشراً واضحاً على اتجاه هابط يفتقر إلى أي محاولات جادة للارتداد.

وبحسب تحليلات زيدان، فإن كسر مستويات 10500 و 10400 نقطة، التي شهدت تداولاً مكثفاً هذا العام، قد يفتح الباب أمام مزيد من التراجع نحو مستويات 10250 نقطة، وربما حتى الوصول إلى 10000 نقطة.

تأثير أخبار أرامكو على معنويات السوق

ساهمت بعض الأخبار المتعلقة بشركة أرامكو في زيادة الضغوط على السوق. فقد اعتبر بيع الشركة لبعض أصولها بمثابة “ضغط نفسي” إضافي، وفقاً للميموني. ومع ذلك، أوضح أن هذه الخطوة قد تكون جزءاً من استراتيجية أوسع لإعادة تدوير الأصول وتمويل مشاريع جديدة، مما قد يدعم أداء الشركة على المدى المتوسط.

التقييمات الجذابة لا تكفي في ظل الغموض

على الرغم من أن السوق السعودية تبدو جذابة من ناحية التقييمات، حيث يبلغ مضاعف الربحية أقل من 16 مرة، وهو رقم يعتبر مشجعاً في الظروف العادية، إلا أن الظروف الحالية قد لا تسمح بالاستفادة من هذه التقييمات. يشير هذا إلى أن المستثمرين قد يكونون مترددين في الدخول إلى السوق بسبب حالة عدم اليقين السائدة.

وأكد إكرامي عبدالله، كبير المحللين، أن “الضبابية لا تمنح وقتاً للرهان”. وأضاف أن نتائج الشركات في الربع الثالث، باستثناء البنود الاستثنائية، تعكس تباطؤاً واضحاً في الأداء. بالإضافة إلى ذلك، فإن تراجع أسعار النفط وضعف أداء قطاعي الطاقة والبنوك يشكلان عوامل ضغط رئيسية على السوق، مما يقلل من أهمية التقييمات المغرية.

صفقة “مسار” وتداعياتها

شهدت السوق صفقة بارزة تمثلت في بيع صندوق الاستثمارات العامة لحصة تبلغ 3.3% في شركة “مسار”. وصف عبدالله هذه الخطوة بأنها تهدف إلى تدوير رأس المال.

لكن رد الفعل الفوري على هذه الصفقة كان سلبياً، حيث تراجع سهم شركة التطوير العقاري إلى الحد الأقصى، مسجلاً 19.9 ريال، وهو أدنى مستوى له منذ مارس 2025. ويعزى هذا التراجع إلى الفجوة بين سعر البيع وسعر السوق، حيث تمت الصفقة بخصم يبلغ حوالي 10% عن سعر إغلاق السهم في اليوم السابق. هذا يشير إلى أن المستثمرين قد اعتبروا سعر البيع غير عادل.

تتعرض الأسهم السعودية لضغوط إضافية بسبب التوترات الجيوسياسية العالمية وتأثيرها المحتمل على أسعار النفط. كما أن التغيرات في السياسات النقدية للبنوك المركزية الرئيسية، مثل البنك الفيدرالي الأمريكي، يمكن أن تؤثر على تدفقات رؤوس الأموال إلى الأسواق الناشئة، بما في ذلك الاستثمار في السعودية.

في الختام، من المتوقع أن يستمر سوق الأسهم السعودي في التذبذب على المدى القصير، مع التركيز على تطورات أسعار النفط والأخبار المتعلقة بالشركات الكبرى. سيراقب المستثمرون عن كثب نتائج الربع الرابع وبيانات النمو الاقتصادي لتقييم مدى تعافي السوق. تبقى حالة عدم اليقين هي السائدة، مما يجعل من الصعب التنبؤ باتجاه السوق بدقة.

شاركها.