شهد الين الياباني أداءً متفوقاً على نظيره من يوم الثلاثاء، مدفوعاً بتصريحات قوية من وزير المالية الياباني، ساتسوكي كاتاياما، بشأن استعداد الحكومة للتدخل في سوق العملات. وارتفع سعر صرف الين بعد أن أكد كاتاياما أن الحكومة لديها “الحرية الكاملة” لاتخاذ إجراءات حاسمة إذا لم تتماشَ تحركات العملة مع العوامل الاقتصادية الأساسية. هذا الأداء القوي للين يأتي في ظل تراجع عام للدولار الأميركي.
ارتفاع الين الياباني وتأثير تصريحات وزير المالية
سجل سعر صرف الين الياباني ارتفاعاً مقابل الدولار الأميركي بنسبة تصل إلى 0.7%، ليصل إلى 155.96 ين للدولار، متخطياً بذلك أدنى مستوى له منذ حوالي شهر، والذي كان قد سجله بعد قرار بنك اليابان الأخير بشأن أسعار الفائدة. في الوقت نفسه، واصل الدولار الأميركي تراجعه أمام العملات الرئيسية الأخرى لليوم الثاني على التوالي. ويرجع هذا التراجع جزئياً إلى انخفاض عائدات سندات الخزانة الأمريكية.
دور تراجع الدولار في تعزيز الين
أشار هيرويوكي ماشيدا، مدير مبيعات العملات الأجنبية والسلع في اليابان لدى “أستراليا آند نيوزيلند بانكينغ غروب”، إلى وجود “قدر من الحذر تجاه تدخل محتمل من الحكومة”، مما ساهم في التعافي الملحوظ للين بعد عمليات بيع مكثفة. وأضاف ماشيدا أن هذا الارتفاع يعكس أيضاً تراجعاً واسع النطاق للدولار، بالتزامن مع انخفاض عائدات سندات الخزانة الأمريكية وارتفاع أداء العملات الرئيسية الأخرى مقابل الدولار.
على الرغم من أن بنك اليابان رفع سعر الفائدة الأساسي إلى أعلى مستوى له منذ ثلاثة عقود يوم الجمعة، إلا أن محافظ البنك، كازو أويدا، لم يقدم وضوحاً كافياً بشأن مسار رفع أسعار الفائدة المستقبلي. هذا الغموض ساهم في دفع العملة اليابانية إلى التراجع، مما أثار مخاوف من تدخل حكومي محتمل. كما أكد كبير المسؤولين عن شؤون العملة في اليابان، أتسوشي ميمورا، هذا الأسبوع أن الحكومة ستتخذ الإجراءات المناسبة للتعامل مع أي تحركات مفرطة في أسواق العملات الأجنبية.
تحليل استراتيجيي “بلومبرغ” حول أداء الين
يرى مارك كرانفيلد، المحلل الاستراتيجي في “ماركتس لايف”، أن الدولار يواصل تراجعه أمام الين الياباني يوم الثلاثاء، مع تزايد الزخم نتيجة للتصريحات التي أدلى بها وزير المالية الياباني كاتاياما. كما أن الين تلقى دعماً من المكاسب التي حققتها عملات مجموعة العشر والعملات الآسيوية، وعلى رأسها اليوان الصيني. هذا التحسن في أداء العملات الآسيوية يعكس أيضاً قوة الاقتصاد الصيني.
وأضاف كرانفيلد أن الإغلاق دون مستوى 156 يناً للدولار في وقت لاحق من يوم الثلاثاء سيمثل إشارة إيجابية للين، حيث يعني تحولاً كاملاً في الاتجاه الصعودي الحاد للدولار مقابل الين الذي شهده الأسبوع الماضي بعد المؤتمر الصحفي لمحافظ بنك اليابان أويدا. هذا التحول قد يشير إلى تغيير في توقعات السوق بشأن مستقبل سعر الصرف.
سجل تدخلات الحكومة اليابانية في سوق العملات
تدخلت وزارة المالية اليابانية في العام الماضي عندما انخفض سعر صرف الين إلى حوالي 160.17 ين للدولار، وقامت بتدخلات أخرى عند مستويات قريبة من 157.99، و161.76، و159.45. وأشار المسؤولون إلى أن قلقهم يتركز على التقلبات الشديدة وسرعة التحركات في السوق، وليس فقط على الوصول إلى مستويات سعر صرف محددة. وتعتبر هذه التدخلات جزءاً من جهود اليابان للحفاظ على استقرار اقتصادها.
وأوضح ماشيدا أنه “في حين أنه من الصعب تحديد مستوى معين يستدعي التدخل الفعلي، إلا أن الحالات السابقة تشير إلى أنه بمجرد تراجع الين إلى ما دون مستوى 158 يناً للدولار، يرتفع القلق في السوق بشكل كبير، مع توقعات بأن التدخل قد يحدث في أي وقت”. هذا القلق يعكس حساسية السوق لتصريحات المسؤولين اليابانيين.
في الختام، من المتوقع أن يستمر التركيز على تصريحات المسؤولين اليابانيين وبيانات الاقتصاد الكلي في تحديد مسار الين في المدى القصير. سيراقب المستثمرون عن كثب أي إشارات جديدة حول سياسة بنك اليابان واحتمالية تدخل الحكومة في سوق العملات. يبقى الوضع غير مؤكد، ويتوقف على تطورات الاقتصاد العالمي وتوجهات السياسة النقدية.
