أعلن البنك المركزي الهندي عن سلسلة من التدابير الجديدة الهادفة إلى تعزيز دور الروبية الهندية في التجارة والاستثمار العالميين. تأتي هذه الخطوة في سياق جهود متزايدة من قبل دول نامية لتقليل اعتمادها على الدولار الأمريكي، خاصةً مع تصاعد التوترات التجارية العالمية والتهديدات بفرض رسوم جمركية جديدة. وقد أعلنت هذه الإجراءات، التي صدرت الأربعاء، عن توسيع نطاق العملات المرجعية المعتمدة واستخدامات أرصدة الروبية في التجارة الخارجية.
تهدف هذه الإجراءات إلى تسهيل التجارة الدولية للهند وتقليل الضغوط على الروبية الهندية في ظل بيئة اقتصادية عالمية مضطربة. صرح نائب محافظ البنك المركزي الهندي، تي. رابي سانكار، أن البنك يدرس إضافة عملات رئيسية أخرى إلى قائمة العملات المرجعية، بما في ذلك الروبية الإندونيسية والدرهم الإماراتي، لتشمل المزيد من الشركاء التجاريين.
تعزيز مكانة الروبية الهندية في الأسواق العالمية
يعكس هذا التحرك اتجاهاً أوسع نطاقاً تسعى فيه الصين وغيرها من الدول إلى زيادة استخدام عملاتها الوطنية في المعاملات الدولية. تزايدت هذه الجهود بسبب حالة عدم اليقين التجاري الناجمة عن الرسوم الجمركية والتوترات الجيوسياسية المتصاعدة، مما دفع العديد من الدول إلى البحث عن بدائل للدولار. بالإضافة إلى ذلك، تواجه الهند تهديدات بفرض رسوم أمريكية مرتفعة على سلعها، مما يجعل تعزيز الروبية الهندية في التجارة الخارجية أمراً حاسماً للحفاظ على تنافسية صادراتها.
توسيع نطاق العملات المرجعية
حتى الآن، كانت الأسعار المرجعية المتاحة في الهند مقتصرة على الدولار الأمريكي واليورو والجنيه الإسترليني والين الياباني مقابل الروبية. وتهدف إضافة عملات أخرى مثل الروبية الإندونيسية والدرهم الإماراتي إلى تمكين البنوك الهندية من التسعير المباشر لعدد أكبر من أزواج العملات، وبالتالي زيادة كفاءة التجارة وخفض التكاليف. ووفقاً لسوميا كانتي غوش، كبير المستشارين الاقتصاديين لدى بنك الهند الوطني، فإن هذه الخطوة ستحفز البنوك على تقديم أسعار أكثر تنافسية.
استخدامات جديدة لأرصدة الروبية
أعلن البنك المركزي الهندي أيضاً أنه سيسمح باستخدام أرصدة الروبية المودعة في حسابات التجارة الخارجية لشراء سندات الشركات والأوراق التجارية، بدلاً من اقتصارها على السندات الحكومية فقط. أُطلقت هذه الحسابات في عام 2022 لتسهيل التجارة بالروبية بين الهند ودول أخرى. يسمح هذا التوسع بتنويع الاستثمارات المتاحة لحاملي أرصدة الروبية، مما قد يزيد من جاذبية استخدام الروبية في المعاملات التجارية الدولية.
وعلى صعيد آخر، وافق البنك المركزي على السماح للبنوك الهندية بتقديم قروض مقومة بالروبية للدول المجاورة، بما في ذلك بوتان وسريلانكا ونيبال. يهدف هذا الإجراء إلى تعزيز التكامل الاقتصادي الإقليمي وتشجيع استخدام الروبية الهندية في التجارة والاستثمار داخل المنطقة. قد يؤدي ذلك أيضاً إلى تقليل الاعتماد على الدولار في هذه الدول.
جاء هذا القرار بالتزامن مع إبقاء البنك الاحتياطي الهندي على أسعار الفائدة دون تغيير، مما أدى إلى ارتفاع طفيف في قيمة الروبية الهندية بنسبة 0.1% لتصل إلى 88.6938 مقابل الدولار. ومع ذلك، لا تزال الروبية تعاني من انخفاض بنسبة 3.5% هذا العام، وهي الأسوأ بين العملات الآسيوية الرئيسية. يشير هذا إلى أن التحديات الاقتصادية العالمية والضغوط على الميزان التجاري الهندي لا تزال قائمة. بالمقارنة، فقد وصلت الروبية إلى أدنى مستوى لها على الإطلاق يوم الثلاثاء عند 88.8050.
علاوة على ذلك، يرى خبراء اقتصاديون أن هذه الخطوات، مجتمعة، تمثل “أدوات تمكينية أساسية” لتعزيز قبول الروبية كعملة تجارية عالمية، وفقاً لتصريح أشيش فايديا، رئيس الخزانة في بنك الاحتياطي الهندي. ويتوقعون أن تساهم هذه الإجراءات في زيادة تدفقات الأموال إلى الهند مع توسع الروابط الاقتصادية العالمية.
من المتوقع أن يستمر البنك المركزي الهندي في مراقبة أداء الروبية وتأثير هذه الإجراءات على التجارة والاستثمار. من المرجح أن يتم تقييم إضافة المزيد من العملات المرجعية في الأشهر المقبلة بناءً على حجم التجارة مع هذه الدول واستقرار أسواق الصرف الأجنبي. وسيكون من المهم أيضاً مراقبة استجابة البنوك الهندية لهذه الإجراءات ومدى استغلالها للفرص الجديدة المتاحة. قد تؤثر التطورات الجيوسياسية والتقلبات في أسعار النفط العالمية على فعالية هذه السياسات، لذا فإن المراقبة المستمرة لهذه العوامل ستكون ضرورية.
