شهدت أسعار النفط انخفاضًا ملحوظًا لليوم الثاني على التوالي، متأثرة بشكل رئيسي بضعف أداء أسواق المنتجات المكررة. هذا الانخفاض يثير قلق المتعاملين في السوق، الذين يترقبون صدور بيانات اقتصادية رئيسية من المتوقع أن تلقي الضوء على توقعات المعروض من النفط الخام في الفترة القادمة. وتعتبر هذه التطورات هامة لمراقبة أسعار النفط وتقلباتها.
وانخفض سعر خام برنت الآجل لتسليم شهر فبراير بنسبة 0.9% ليصل إلى 61.94 دولارًا للبرميل، بينما تراجع خام غرب تكساس الوسيط بنسبة 1.1% ليستقر بالقرب من 60 دولارًا للبرميل. ويعزى هذا التراجع إلى الضغوط المتزايدة الناجمة عن انخفاض أسعار الديزل والبنزين، بالإضافة إلى منتجات تكريرية أخرى.
تراجع أسعار المنتجات المكررة وتأثيرها على سوق النفط
أظهرت البيانات تراجع الفارق بين سعر البنزين الأمريكي وسعر النفط الخام، والمعروف باسم “فارق التكسير”، إلى أدنى مستوى له منذ شهر فبراير. كما سجل مؤشر مماثل للديزل انخفاضًا ملحوظًا. يشير هذا إلى تراجع الطلب على هذه المنتجات، مما يؤثر سلبًا على أسعار النفط.
كانت المنتجات المكررة من العوامل القليلة التي ساهمت في دعم أسعار النفط خلال العام الجاري، ولكن ضعف الطلب عليها مؤخرًا يعمق حالة التشاؤم السائدة في السوق، خاصة مع توقعات بزيادة المعروض من النفط الخام. وذكرت “بريدجتون للأبحاث” أن بعض صناديق التداول الخوارزمية بدأت في بيع مراكزها في المنتجات المكررة، مما زاد من زخم الهبوط.
تقارير اقتصادية حاسمة في الأفق
ينتظر المتعاملون في سوق النفط سلسلة من التقارير الهامة التي ستصدر هذا الأسبوع عن كل من “وكالة الطاقة الدولية” و”منظمة الدول المصدرة للنفط” (أوبك). بالإضافة إلى ذلك، يترقبون قرار الاحتياطي الفيدرالي بشأن السياسة النقدية يوم الأربعاء، والذي قد يؤثر على قيمة الدولار وبالتالي على أسعار النفط.
وتتوقع “إدارة معلومات الطاقة” الأمريكية، في تقريرها الشهري قصير الأجل، أن يصل إنتاج النفط الخام في الولايات المتحدة إلى مستوى قياسي يبلغ 13.61 مليون برميل يوميًا خلال العام الحالي. هذا الارتفاع في الإنتاج يزيد من المخاوف بشأن احتمال حدوث فائض في المعروض على المدى القصير.
من جهتها، توقعت “وكالة الطاقة الدولية” أيضًا فائضًا كبيرًا في النفط خلال العام المقبل، وأشارت إلى زيادة في حجم شحنات النفط الخام التي يتم نقلها عبر البحار. هذه المؤشرات تعزز التوقعات بضعف أسعار النفط في المستقبل القريب.
في المقابل، لا يزال خام غرب تكساس الوسيط يتحرك ضمن نطاق ضيق نسبيًا، حيث يبلغ الفرق بين أعلى وأدنى سعر له منذ بداية شهر نوفمبر حوالي 4 دولارات للبرميل. يعكس هذا التذبذب حالة عدم اليقين التي تسود السوق.
وأشار بيارنه شيلدروب، كبير محللي السلع في “إس إي بي”، إلى أن الكميات الهائلة من النفط الخام المخزنة في ناقلات النفط العائمة في البحر ستنتقل في نهاية المطاف إلى البر، مما سيؤدي إلى زيادة ملحوظة في مخزونات النفط الخام وبالتالي الضغط على الأسعار.
وأضاف شيلدروب أن العقوبات الأمريكية المفروضة على شركتي “روسنفت” و”لوك أويل” الروسيتين هي العامل الوحيد الذي يمنع خام برنت من الانخفاض بوتيرة أسرع وأكثر حدة. تعتبر هذه العقوبات بمثابة عامل مقيد للمعروض، مما يدعم الأسعار إلى حد ما.
تعتبر أسعار الخام من أهم المؤشرات الاقتصادية العالمية، وتؤثر بشكل كبير على اقتصادات الدول المنتجة والمستهلكة للنفط. كما أن تقلبات أسعار النفط يمكن أن تؤثر على أسعار السلع والخدمات الأخرى، وعلى قرارات الاستثمار والإنفاق.
بالإضافة إلى ذلك، فإن التوترات الجيوسياسية في مناطق إنتاج النفط الرئيسية، مثل الشرق الأوسط، يمكن أن تؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط بسبب المخاوف من انقطاع الإمدادات.
وفي سياق متصل، تشهد أسواق الطاقة تحولات كبيرة بسبب زيادة الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة، مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح. هذه التحولات قد تؤدي إلى انخفاض الطلب على النفط في المستقبل الطويل الأجل.
من المتوقع أن تستمر أسعار النفط في التذبذب خلال الفترة القادمة، مع استمرار حالة عدم اليقين بشأن التوقعات الاقتصادية العالمية والمعروض من النفط الخام. وينبغي للمتعاملين في السوق مراقبة التقارير الاقتصادية القادمة عن كثب، بالإضافة إلى التطورات الجيوسياسية وأخبار شركات النفط الكبرى.
